تحقيق: على عبدالعزيز تشبه قطعة من باريس، ولها جمال خاص يحكى ويتحاكى عنه الأجانب والعرب، ويعرفون قيمتها جيداً، ربما أكثر من أهلها الحقيقيين. القاهرة الخديوية هى منطقة قلب القاهرة فى فترة الخديو إسماعيل، وتبدأ من كوبرى قصر النيل حتى منطقة العتبة، بما حوته من دار للأوبرا احترقت عام 1971، ومبنى للبريد، ومقر لهيئة المطافئ، إلى جانب ما تفرع منها من شوارع وطرق. طلب الخديو إسماعيل خلال زيارته إلى باريس عام 1867، لحضور المعرض العالمى، من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسى هاوسمان الذى قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية وفى مقابلة التكليف بين الخديو إسماعيل وهاوسمان طلب إسماعيل من هاوسمان أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستانى وفنان مطلوب لتحقيق خططه. ورغم أن التطوير عرف طريقه إلى قلب القاهرة الحديثة فى عهد محمد على باشا، إلا أن النهضة العمرانية الحقيقية، بدأت بشكل جدى ومدروس ومخطط له، فى عهد الخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا أكبر أبناء محمد على، وعرفت القاهرة فى عهد محمد على باشا بالتنظيم والتطوير من خلال تركيز الصناعات والحرف فى منطقة السبتية، وإزالة الأنقاض والقمامة من حولها، وردم البرك والمستنقعات المنتشرة فيها وتحويل مساحات شاسعة منها إلى حدائق ومتنزهات، حتى إن محمد على أصدر قراراً عام 1831م أمر فيه بتعمير «الخرائب»، وتحديد مساحتها، كما أنشأ فى عام 1843، مجلساً أوكل إليه مهمة تجميل القاهرة وتنظيفها وفى عام 1846، تمت توسعة شارع الموسكى، وترقيم الشوارع وإطلاق الأسماء عليها. وعلى أرض الواقع حاليا تشهد القاهرة الخديوية إهمالا كبيرا من قبل المواطنين، يلقون القمامة فى الشوارع أثناء مرورهم وينتشر الباعة الجائلون فى بعض الأجزاء وتخالف بعض المحال فى أجزاء أخرى من خلال الخروج من حرم الطريق ما يؤدى إلى تكدس مرورى فى عدد من الشوارع، فضلاً عن انتشار المقاهى العشوائية فى كل خطوة تخطوها خاصة أن البعض يتخذ من القاهرة الخديوية ومنطقة وسط البلد نزهة يتنزهون فيها أثناء أوقات فراغهم، وتصل الفوضى ذروتها خاصة فى مناطق دور السينما. وتحولت بعض مناطق القاهرة التاريخية إلى أسواق شعبية وعشوائية مثل أسواق السبتية والعتبة والتوفيقية تباع فيها الأغراض المنزلية والأسرية وحتى قطع غيار السيارات، ما يجعل الأمر عشوائيا للغاية ويفسد جمال القاهرة التاريخية الرائعة التى من المفترض أن تشعر بعبق التاريخ عندما تمر فقط فيها، ما يؤهلها إلى أن تكون متحفا مفتوحا ومكانا راقيا فى العاصمة. خطوات عدة اتخذتها محافظة القاهرة فى عهد جلال السعيد، من أجل عودة وسط البلد إلى سابق عهدها، وعودة مظهرها الخديوى مرة أخرى، خاصة لما تميزت به هذه المنطقة من مبانٍ ذات طراز معمارى فريد، وتم البدء بالفعل فى التطوير، وعودة رونقها الحضارى من خلال تطوير الميادين، وإعادة تخطيطها ورفع كفاءة أكثر من 500 مبنى تاريخى، بداية من التحرير، حتى ميدان الأوبرا بالإضافة إلى إعادة تأهيل ورفع كفاءة كبارى قصر النيل والجلاء وصيانة ومعالجة دورية للتماثيل بمنتصف الميادين بالإضافة إلى واجهة النيل من ماسبيرو إلى جاردن سيتى. وكان شارع الألفى هو باكورة المبادرة، حيث تم إطلاق إشارة بدء تطوير مشروع تطوير القاهرة الخديوية من شارع الألفى وميدان عرابى. ويطل على ميدان أحمد عرابى 5 عمارات تاريخية، ذات طراز معمارى متميز يقصده الذين يريدون التنزه فى شوارع القاهرة الخديوية ليلاً ونهاراً ويعتبر تطوير الميدان وشارع الألفى هو المرحلة الأولى من مشروع تطوير القاهرة الخديوية حيث تم تركيب أعمدة الإنارة وتم طلاء واجهات العمارات بلون موحد «البيچ» مع تحديد بعض البروز باللون البنى، وتم غلق شارع سيد درويش أمام حركة السيارات، والإضاءة والطلاء وتغيير أرضية المشى والميدان من أبرز علامات التطوير فى المنطقة. وتحول شارع الألفى إلى ممشى ممنوع دخول السيارات فيه، مع أنه منوع سير السيارات فيه منذ بداية ثمانينات القرن الماضى لكن الجديد فى التطوير هو إغلاق شاع سيد درويش أمام حركة السيارات وتمت تعلية أرضية شارع أحمد عرابى بالأحجار، والجرانيت. كما تم تركيب أعمدة الإنارة وتبليط أرضية الشارع بالخرسانة وإنشاء مقاعد دائرية فى وسط الميدان إضافة إلى عمارة «الغمرى»، ويقابلها من شارع سيد درويش عمارة شركة مصر للبترول، وفى الناحية الأخرى من الميدان تقع عمارتا شركة مصر للتأمين اللتان تتميزان بالشرفات الدائرية ويواجهها بشارع الألفى عمارة اليهود، التى دخلت الآن فى حيز الآثار المصرية. وقال عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة خلال اجتماعه الدورى لمتابعة أعمال التطوير إن المشروع يعتمد فى تمويله على مساهمات الكيانات الاقتصادية الكبرى كالبنوك والشركات وأنه تم الانتهاء من تطوير 200 عقار من إجمالى 500 عقار متميز وأن العمل مستمر حتى الانتهاء من المنطقة بالكامل وإعادتها إلى سيرتها الأول مع رفع كافة الإشغالات بها والتزام المحلات بالاشتراطات والمساحات المخصصة لها وتشكيل اتحاد الشاغلين لكل عقار بالمنطقة يكون مسئولا قانونا أمام الحى والمحافظة عن صيانة العقار والحفاظ عليه.