كتب - مصطفى سلامة: يعد قطاع المعاهد الأزهرية من أهم الهيئات والمؤسسات التابعة للأزهر الشريف، كونه يحمل بين طياته العديد من المعاهد على مستوى الجمهورية، ويهتم بتدريس العلوم الشرعية لما يزيد على مليون طالب وطالبة فى مرحلة النشء، باعتبارها خطوة مهمة فى تربية سلوك الطفل. تعالت الأصوات، لا سيما فى الفترة الأخيرة، مطالبةً بضرورة العمل على تطوير المناهج الدراسية بالمعاهد الأزهرية، لحماية النشء من غزو الأفكار المتطرفة، ومن باب تحصينهم ضد أى محاولات للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة التى تأخذ الشباب كذريعة لتنفيذ أهداف تحت راية الإسلام، والدين منها براء. فى خطوة مفاجئة وغير متوقعة، أعلنت مؤسسة الأزهر الشريف خلال الأيام الماضية، عزمها وبقوة العمل على تطبيق التجربة اليابانية بالمعاهد الأزهرية. وأجرى الشيخ صالح عباس رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، لقاءً مُوسعًا مع وفد يابانى رفيع المستوى لتطبيق مشروع التعليم اليابانى فى قطاع المعاهد الأزهرية خلال الفترة المقبلة. اللقاء جمع ممثلى التعليم فى الأزهر بخبراء من اليابان، فى قاعة مركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، حيث عرض الوفد اليابانى تجربتهم للنهوض بالتعليم، ليقف مسؤولو الأزهر على التجربة فى مدى إمكانية تطبيقها. حضر اللقاء الشيخ على خليل رئيس الإدارة المركزية للتعليم، وعدد من قيادات قطاع المعاهد الأزهرية، ومستشارى العلوم الشرعية والعربية والثقافية، ومن المهتمين بالتعليم الأزهرى قبل الجامعى، كما حضر اللقاء وفد من جامعة الأزهر للاستعانة بخبرات الخبراء اليابانيين فى تطوير مناهج التعليم الأزهرى. قال الشيخ صالح عباس، رئيس قطاع المعاهد، إن وفدا يابانيا التقى عددا من قيادات الأزهر التعليمية، سواء فى مرحلة التعليم الجامعى أو قبل الجامعى، للاستفادة من الخبرات اليابانية فى تحقيق طفرة بالتعليم الأزهرى بشكل عام. وأضاف رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، فى تصريح له، أن اللقاء تطرق بشكل عملى في بحث إمكانية تطبيق المشروع اليابانى على النظام التعليمى فى معاهد الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الوفد اليابانى أبلغهم أهم الصعوبات التى واجهتهم فى تفعيل المنظومة اليابانية التعليمية التى استغرقت سنوات، على حد تعبيره. وأشار إلى أن الوفد كشف عن أهم الصعوبات، خاصة فى "تقييم المعلمين، وضعف مستوى البعض منهم"، و أنهم تغلبوا على ذلك بفتح الباب لمدرسين جدد، وإخضاع المعلمين لتقييم أولياء الأمور، وكذلك استبيان للطلاب حول أداء المعلم، وزيادة أجورهم. وتابع: "أن الأزهر أبدى اهتمامًا كبيرًا، ابتداءً من تشكيل لجان لإصلاح التعليم وإخراج مقررات دراسية تليق بمستجدات العصر، وصولا إلى تفعيل التجربة اليابانية على المعاهد، وذلك نظرًا لحرص الأزهر على تطبيق المنظومة، مع الوقوف على حجم التحديات، رافضًا الحديث عن أهم المعوقات، مكتفيا بالقول: "هنالك لجان مختصة تقوم بدراسة الموقف من كافة الجوانب التعليمية والمهنية والإدارية والمالية". قال الدكتور أحمد نبيل، مسئول العلاقات الخارجية والتعاون الدولى بجامعة الأزهر: إن الأزهر يعكف خلال الفترة المقبلة على تفعيل التجربة اليابانية فى نظام الدراسة بالمعاهد الأزهرية، مؤكدًا أن الأمر قيد البحث والدراسة. وأوضح نبيل، أنه سينتهى خلال الأيام القادمة من مشروع قانون من أجل تطبيق التجربة وعرضه على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بالتنسيق مع المختصين برئاسة الشيخ صالح عباس رئيس القطاع بالمعاهد الأزهرية، بهدف الارتقاء بمستوى التعليم فى المعاهد الأزهرية وتطبيق الخبرة اليابانية". وتابع: "ستشهد الفترة المقبلة فى إطار حرص المؤسسة على تفعيل التجربة اليابانية بالتعليم الأزهرى، توقيع بروتوكول تعاون مع السفارة اليابانيةبالقاهرة خلال الفترة المقبلة"، مضيفًا أن السفير اليابانى سيزور الجامعة قريبًا، وسيتم توقيع اتفاقية بشأن التعليم". وأكد مسؤول العلاقات الخارجية بالأزهر، أن اللجان تعمل على مدار الساعة من أجل الوقوف على كل ما يتعلق بالتجربة، منوهًا إلى لقاء شيخ الأزهر بسفير طوكيو فى القاهرة للاستفادة من الخبرات اليابانية فى مجال التعليم، ودراسة إمكانية تدشين قسم للغة اليابانية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر". كشفت مصادر بالأزهر، عن وجود تحديات كثيرة فى تفعيل التجربة اليابانية على عدد من المعاهد الأزهرية، مؤكدين أن أولى تلك التحديات تتبلور فى ضعف مستوى المعلمين، وخاصة معلمى القرآن الكريم. وأضافت المصادر، أن قطاع المعاهد الأزهرية يشهد تدنى فى المستوى المهنى لقطاع عريض من المعلمين، خاصة وأن أغلب من يمتهن مهنة معلم فى معاهد الأزهر يكون قد رسب فى اختبارات المعلمين بوزارة التربية والتعليم، ومن ثم يلتحق بنظام التدريس بمعاهد الأزهر التى تضع اختبارات أقل كفاءة عن وزارة التربية والتعليم، وأن تفعيل التجربة يتطلب معلمين على مستوى عالى حتى يتسنى لهم إنجاز المهام التعليمية وفقًا لمعايير اليابان. وأوضحت المصادر، أن تفعيل التجربة على أرض الواقع تتطلب مزيدًا من المعاهد التى تكون على مستوى إنشائى يليق بتجربة اليابان فى التعليم، وتعتمدها طوكيو كتجربة أولى لها فى قطاع المعاهد الأزهرية، خاصة أن هناك عدد كبير من المعاهد دون المستوى وتعانى من غياب الصيانة والترميم – "على حد تعبيرهم". وتابعت: "أن تدنى بعض المعاهد ليس مجرد تصريحات إعلامية، بل أن وكيل الأزهر نفسه الدكتور عباس شومان، قام خلال الأسابيع الماضية، بإحالة عدد من المعنيين فى بعض المعاهد إلى النيابة العامة نتيجة للغياب وانقطاع أعمال الصيانة لسنوات عن المعاهد، الأمر الذى أعلنته مشيخة الأزهر فى وسائل الإعلام المختلفة، وبالتالى عدم تأهيل المعاهد من ناحية المبانى والخدمات يعد من التحديات التى تواجهها المؤسسة فى تطبيق التجربة. أشارت المصادر، إلى أن عدد المعاهد الأزهرية على مستوى الجمهورية فى جميع المراحل التعليمية قبل الجامعى يزيد عن عشرة آلاف معهد، وكذلك المعاهد الأزهرية بالخارج، الأمر الذى يجعل من إقدام الأزهر على تفعيل التجربة حتى ولو على نطاق محدود من المعاهد فى بعض المحافظات يتطلب ميزانية كبيرة، سواء من حيث أجور المعلمين أو تهيئة المعاهد وتزويدها بمختلف وسائل التكنولوجيا الحديثة. أكدت المصادر، أن مساعى الجهات المختصة بالأزهر لتطبيق تجربة المدارس اليابانية على المعاهد الأزهرية، ليست وليدة اليوم، فمنذ بضعة سنوات سعت المؤسسة الدينية لتفعيل التجربة، واختارات منطقة التجمع الخامس لتكون أولى انطلاق التجربة غير أن تلك الجهود انتهت إلى الفشل الذريع ولم تسفر عن نتائج ملموسة.