تحقيق: دينا دياب الرقابة: القرار يسهم فى تنظيم عملنا مع الفضائيات .. والمنتجون: حبر على ورق.. جبهة الإبداع: لن نقبل تقييد حرية الكتاب «دخل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى مواجهة مع صناع الدراما، بعد أن أصدرت اللجنة العليا للدراما المنبثقة من المجلس الأعلى للإعلام قرارين بشأن المسلسلات أثارا جدلاً شديدًا، الأول ضرورة تسليم العمل الدرامى للرقابة قبل موعد العرض بأسبوعين على الأقل، على أن تنتهى جميع المسلسلات من التصوير قبل انتصاف شهر رمضان، الثانى صياغة ورقة عمل بأولويات موضوعات المحتوى التى يحتاج إليها المجتمع فى المرحلة الراهنة، لتكون دليلًا للعاملين بالإنتاج الفنى، وسوف تتم مناقشة ورقة العمل هذه فى المؤتمر الذى سيعقد يوم 16 فبراير 2018 مع عناصر العملية الفنية، وفى مقدمتها المؤلفون والمخرجون. وهو الأمر الذى اعتبره البعض مقيداً لحرية الإبداع.. «الوفد» تناقش فى هذا الملف تبعات هذا القرار. محمد فاضل: أولوياتنا حماية الدراما المخرج محمد فاضل، رئيس لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قال: إن لجنة الدراما فى الأساس هدفها فتح باب المناقشة من أجل الارتقاء بالعمل الدرامى، مع الوضع فى الاعتبار مصلحة البلد، وهذا يعنى أن القرارات التى اتخذناها من أجل حماية المحتوى الدرامى لا تتخطى حدود الأصول أو الواجب، وأنا واحد من صناع الدراما فى مصر، ولى أكثر من 50 عاماً أعمل فى مجال الإخراج، وأعى تماماً معنى حرية الإبداع. وأشار «فاضل»: ليس من حق اللجنة تخطى عمل جهاز الرقابة، لأنها المنوطة بالموافقة أو رفض العمل، ولكن ما جعلنا نطرح قرار ضرورة تسليم العمل قبل العرض بفترة وجيزة تسمح له بالمشاهدة هو أننا نسعى لتقديم عمل جيد. الرقابة العام الماضى كانت تعمل ليل نهار، وتعرضت لضغوط شديدة، هذه الضغوط أصبحت وسيلة من البعض لتمرير كل ما يريدون، وهناك أعمال عرضت العام الماضى على الفضائيات دون تصريح الرقابة، وحرر جهاز الرقابة محاضر ضدها وحتى الآن لم يتم البت فيها، ويتم إعادة عرضها ثانية، ولذلك نحن نستهدف حماية الجمهور. وأشار «فاضل» إلى أن هذا لا يعتبر تقليصاً من حرية الإبداع، كما فهم البعض، بل على العكس نحن نساعد على الإبداع بتقنين آليات العمل، بحيث يعرف كل مسئول ما له وما عليه، نحن لا نتدخل فى كتابة العمل ولا نقول للمبدعين ماذا يكتبون، لكننا نقول إننا فى وضع يحتاج لتكاتف المصريين معاً وليس وقوفهم فى وجه بعض، لا بد أن يكون المحتوى يتماشى مع ظروف الدولة. وأشار «فاضل» إلى أن المجلس لا يستهدف القنوات الفضائية المصرية فقط لأن هناك قنوات لا تعرض على «النايل سات»، وتحصل أحياناً على ترددات بطرق غير مشروعة وتعرض ما تريد، وهناك صعوبة حقيقية فى التقنين ولذلك كان الحل هو إقناع المنتجين بهذه القرارات ومناقشتها معهم لتقديم أفضل حل ممكن. الناقدة خيرية البشلاوى: ابتعاد الدراما عن سياقها السبب وراء هذا القرار الناقدة خيرية البشلاوى، عضو لجنة الدراما، قالت: إن السبب وراء خروج هذا القرار، هو ابتعاد الدراما عن سياقها الطبيعى فى السنوات الأخيرة، حيث شهدت الدراما تقديم مشاهد لا علاقة لها بالأسرة المصرية، ما بين حرق الابن لأبيه، وعصيان الولد لأسرته والتعامل مع هذا الأمر وكأنه شىء طبيعى، لذلك تحولت الدراما إلى سلاح فتاك من قبل قوى مجهولة لهدم العادات والتقاليد المصرية. وأضافت أن القانون رقم 92 لسنة 2017، يؤكد أنه لن يكون هناك أى تنازل عن تطبيق القانون فى منع عرض أى منتج درامى أو الإعلان عنه أو تصديره خارج مصر، قبل الحصول على التصريحات الرقابية بكل مراحلها، وأى تحايلات للتهرب من ذلك ستواجه قانوناً بكل حسم. أحمد الجابرى: الشركات تعى ما لها وما عليها قال المنتج أحمد الجابرى، إنه لا يعترض على قرار تسليم الأعمال للرقابة قبل عرضها، فهذا ما يحدث فى الأساس وبموجب هذا الترخيص الذى نحصل عليه نشرع فى تنفيذ العمل، وشركات الإنتاج المحترمة تعى تماما مالها وما عليها، وتعرف أن عرض الأعمال على الرقابة من مصلحة الجميع وإن كنا فى الأساس نحافظ على تقديم مشاهد وأعمال لا تخدش الحياء العام، خاصة أنها معروضة فى التليفزيون والجميع يشاهده، لكنى أؤكد أن قرار مراقبة النصوص وعرضها على المجلس يؤدى إلى حدوث مهازل، لأن هذا يؤكد سلطة للمجلس نفسه وكونه أعلى من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، التى هى الجهة الوحيدة المعنية بإجازة أو منع عرض أى مصنف فنى، فالأمر ليس منطقيًا بأن يمر العمل الدرامى على الرقابة قبل عرضه على القنوات الفضائية، كونه يعرض عليهم نصًا قبل بدء التصوير، وبموجب الترخيص نشرع فى تنفيذ العمل. بشير الديك: الكاتب لا يخضع لتوصية أحد الكاتب الكبير بشير الديك، قال إنه من المستحيل إلزام أى مؤلف أو كاتب بالتوقف عن كتابة عمل له، لمجرد أنه لا يندرج تحت توصيات لجنة الدراما، وأشار: مع احترامى وتقديرى لكل العاملين باللجنة لكن لا يمكن لكتاب الدراما أن ينتظروا توصيات بالموضوعات التى يكتبونها، فهناك رقابة موجودة بالفعل ولها قوانينها المنظمة. وأوضح أن كل جيل يعبر عن واقعه، فلا يصح أن يفرض الجيل السابق قرارات وأن يصدر أوامر على الجيل الحالى لأنه لن يستوعبها ولن يطبقها. وأشار «بشير» بدلاً من اتخاذ قرارات صارمة تحكم العمل الدرامى. يمكن أن نتخذ قرارات أفضل بعقد جلسات وندوات مع الكتاب الشباب ترفع من وعيهم، وأن يكون هناك نقد بناء يساعدهم، لافتاً إلى أن الدراما بها الجيد وغير الجيد، وأن ما يحدث الآن نتيجة تطور الأجيال، لكننا لا نسمح على الإطلاق بتواجد لجنة تضع قيود وتتعامل بشدة مع حرية الإبداع. الرقابة: نحن الجهة الوحيدة المنوطة بالتصريح للأعمال أكد الدكتور خالد عبدالجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات، أنه ليس عضوًا فى لجنة الدراما ولا فى مجلس الإعلام المنبثقة منها لجنة الدراما، لكنه تم دعوته بصفته رئيسًا لجهاز الرقابة على المصنفات، لمناقشة بعض آليات العمل الخاص بالدراما التليفزيونية. وأضاف أن أول قرار خرج فى الاجتماع، أنه لا حديث عن أى تدخل بأى شكل من الأشكال لأى كيان خارج الرقابة على المصنفات الفنية ليتدخل فيما يتعلق بمحتوى المسلسلات أو التصريح بها، وهذا ما أكدته اللجنة فى بيانها الأول وأكده جهاز الرقابة أيضاً. وأشار «عبدالجليل» إلى أن صلاحيات الهيئة الوطنية للإعلام، هى وقف عرض أى مسلسل، ولديه آليات كثيرة فى هذا الشأن على الفضائيات، وهذا سيساعدنى كجهاز رقابة، لأن السلطة المنوطة لى فى حالة خروج نص لم يعرض على الرقابة، أو يتم عرضه دون ترخيص، أن أحرر محضراً ضد القناة فقط، لكن الهيئة لديها آلية تنفيذ رادعة مساعدة لى فى وقف العمل فوراً. وعن بيان جبهة الإبداع الذى خرج متهماً لجنة الدراما بالتدخل فى شئون الكتاب والإبداع، قال «عبدالجليل»: البيان الذى خرج من لجنة الدراما يؤكد ما قاله المخرج محمد فاضل إنه لا يمكن أن يكون هناك جهة خارج الرقابة على المصنفات تراقب المحتوى، وطالب بعقد مائدة مستديرة للكتاب وصناع الدراما بشأن الحديث عن الموضوعات الملحة فى ظل الملابسات والظروف التى نعيشها ونتناقش فيها حول أولوية الموضوعات التى تصب فى صالح المجتمع، كل ذلك فى حوار لعمل حقل للتفكير دون إلزام أى حد بأى شىء. جبهة الإبداع: لا نقبل فناً تحت الوصاية قامت جبهة الإبداع بإصدار بيان، اعتراضاً على هذا القرار جاء فيه: «تلك القائمة غير ملزمة، إلا أننا نرى أن الفكرة فى حد ذاتها غريبة جداً، فلنتخيل معًا يومًا فى الثمانينات يستيقظ فيه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة يتوجه لتلك اللجنة حاملًا سيناريو «الراية البيضا»، أو «أنا وانت وبابا فى المشمش» لينبه عليه رئيس اللجنة أنهم لن يمنعوه ولكن أنهم يفضلون أن يتطرق لمواضيع أخرى، وأضافوا: نتفهم أن يكون لتلك اللجنة الحق فى إصدار قائمة مواضيع تنتجها الدولة بشكل مباشر مثلاً كلجنة استشارية لمؤسسة إنتاجية، ولكن وضع تلك القائمة بشكل عام فيه وصاية غير مقبولة على مبدعى مصر وعلى المتفرج سواء، ولعل هناك خلطاً هنا بين الإعلام والفن خصوصًا وبين دور الدولة وإعلامها الرسمى ودور مؤسسات الإعلام عمومًا التى قد يكون من واجبها أحيانًا العراك الفكرى مع إعلام الدولة وصولًا لحراك إيجابى، مضيفين وجود فن تحت الوصاية لم يكن لينتج أعمالك الرائدة، الكلام لمحمد فاضل، ولهذا فإن الواقفين على رصيف فيلا «أبوالغار» يدعونك للعودة لصفوفهم والوقوف معهم، حتى لا تضطر الدراما المصرية إلى رفع «الراية البيضا» أمام الدراما العربية وحتى لا تصبح الريادة التى نتشدق بها هى وهم لا يصدقه غيرنا.