تقرير- محمد ثروت بين عشية وضحاها، اشتعلت الأوضاع في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي ظلّت في مأمن مثل معظم الدول الواقعة في منطقة الخليج العربي، باستثناء البحرين، عن الموجة الثورية التي بدأت منذ نهاية عام 2010. حتى اللحظة، فإن المظاهرات التي تشهدها عدة مدن إيرانية أسفرت عن مقتل 20 شخصاً برصاص الأمن والحرس الثوري الإيراني، وكان آخرهم فتى يبلغ من العمر 11 عاماً، في الوقت الذي حاول فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني الإمساك بالعصا من المنتصف، وأكد حق الشعب في الاحتجاج والنقد، ولكنه في نفس الوقت قال إن النظام لن يتسامح مطلقاً مع أعمال العنف التي يرتكبها البعض. وقال روحاني في رد الفعل الأول على الاحتجاجات في بلاده: "من حق الشعب أن ينتقد ويحتج في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ولكن هل سيتحسن الوضع مع العنف والتخريب؟". وفي ظل تطور الأحداث وتصاعدها، ودخول الانتفاضة الإيرانية يومها الخامس، فإن البعض ذهب بعيداً إلى إمكانية سقوط نظام الملالي، حيث تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصته المفضلة على "تويتر"، مرتين عما يحدث في إيران، وقال: "حان الوقت كي يسقط النظام الإيراني الفاشل الذي يسرق أموال وثروات شعبه". وفي سياق آخر، رسم "كريم سادجابور"، الزميل البارز في معهد كارنيجي للسلام الدولي بواشنطن، بعض ملامح الانتفاضة الإيرانية في سياق خلال مقابلة مع قناة "بي بي إس" الإخبارية الأمريكية. وقال سادجابور إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران شديدة الأهمية، وأكد أنها تختلف كثيراً عن المظاهرات التي شهدتها الجمهورية الإسلامية عام 2009، في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي احتج خلالها المتظاهرون على تزوير نتائجها لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي فاز وقتها بولاية رئاسية ثانية، ضد منافسه مير حسين موسوي. وأضاف خبير الشئون الإيرانية بقوله "ما يحدث الآن يختلف عما حدث في 2009، فمنذ 9 سنوات كانت المظاهرات بالملايين، وتمركزت في العاصمة طهران فقط إلى حد كبير، ولكن الآن فإن الاحتجاجات يشارك فيها عشرات الآلاف، ولكن يجب التركيز على أنها اندلعت في المعاقل الدينية للنظام الإيراني مثل مدن قم ومشهد". وأشار إلى أن حدة المظاهرات الحالية تفوق كثيراً ما حدث عام 2009، رغم أنها تقل بشكل كبير من الناحية العددية. وقال: في عام 2009 كانت المظاهرات احتجاجاً على التزوير، ورفعت شعار "أين ذهب صوتي؟"، ولكن الآن فإن المشهد اختلف جذرياً، في تحول بارز، حيث أصبح الهتاف المكرر "يسقط خامنئي.. تسقط الجمهورية الإسلامية.. يسقط الدكتاتور.. الموت للمرشد الأعلى". وأكد سادجابور أن اندلاع المظاهرات في إيران لم يكن مفاجأة، ولكنه جاء نتيجة "الكبت" المستمر منذ سنوات، وربما عقود، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، والقمع السياسي، إضافة إلى ارتفاع سقف الأمال بعد الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ثم انهيار هذا السقف بعد أن ساءت الأوضاع المعيشية للمواطنين، وبشكل خاص الطبقات المتوسطة والفقيرة. وعن توقعاته لما ستنتج عنه الاحتجاجات في إيران بنهاية المطاف، قال سادجابور: لا أعتقد أن الأمور ستستمر طويلاً على هذا المنوال، المتظاهرون، رغم أنه يملكون الشجاعة لتحدي النظام، فإنهم في نفس الوقت ليس لديهم قيادة أو تنظيم، أو أسلحة، ونظام الملالي يعلم جيداً كيفية قمع مثل هذه المظاهرات.