كتب:حسام أبو المكارم: كم هو صعب أن يعيش المرء فى ظروف قاسية تحيط به من كل جانب.. لكن الأجمل أن يتغلب على الصعب ليجعله سهلًا، وأن يجعل المستحيل ممكنًا. إسراء أمين أنور، طالبة بكلية الصيدلة فتاة ناضجة كيف لها أن تكون غير ذلك بعد أن صقلتها متاعب الدنيا وهمومها، فقد عاشت فى أسرة بسيطة متوسطة الدخل لكنها جعلت من هذه العقبات حوافز ودوافع لتثبت وجودها، علاماتها العالية دليل على أنها لم ولن تتأثر بظروفها الصعبة، وكانت بفضل ذكائها محل إعجاب جميع من يعرفها. طموحها وعزيمتها على النجاح والإصرار على التفوق منذ صغرها دفع والدها لدعمها بكل ما يملك يعمل ليل نهار لتنمية مهاراتها وتحقيق أهدافها للالتحاق بكليات القمة والعيش فى مستوى تعليمي ومادي أفضل بالرغم من دخلهم المحدود. وبابتسامة تعلو وجهها تقول إسراء إن والدها أول من زرع فى عقلها حب الحياة والاجتهاد والسعى وراء الأهداف مهما كلفها الأمر قائلة: منذ صغرى وأنا لا أعرف سوى المذاكرة والاهتمام بدروسى للوصول إلى حلمى فى الالتحاق بكلية الصيدلة وتخفيف ورسم البسمة والبهجة على أسرتى حتى واصلت تفوقى منذ مراحل تعليمى الأولى فى الشهادة الابتدائية وسط كل ضغوط الحياة وأعباء الدراسة وارتفاع الأسعار والأدوات المدرسية والدروس الخصوصية. وبنبرة تدل على جديتها لموصلة نجاحها وتفوقها تقول: احتضنتنى أمى بالعطف والمحبة وزرع الأمل فى المستقبل والثقة فى الله وتوعيتى بأهمية العلم حتى وصلت إلى أصعب مراحل حياتى الدراسية الثانوية العامة التى كانت متاهة مفزعة لدى جميع أسرتى حتى ازدادت الضغوط والأحمال على حياتى لتحقيق حلم والدى كى أحقق أمنياتهم فى حصولى على مجموع يمكننى من الالتحاق بكليات القمة. وتتابع الفتاة: كنت أضغط على نفسى فى المذاكرة والمراجعة والحفظ لمحاولة تخفيف مصاريف الدروس الخصوصية والاستعانة بحصص المدرسة وبمرور الوقت بدأت اقترب من حلمى من خلال الحصول على شهادات التقدير على مدار السنوات الدراسية، وكانت بمثابة الدفعة القوية لكى أمضى فى طريقى نحو حلم والدى الذى كان لا يوفر جهدًا فى عمله كى يوفر احتياجاتى ومطالبى. وتضيف إسراء: والدتى كانت تعمل دائمًا على توفير المناخ الملائم لكى تمكننى من المذاكرة ولا تسمح لى بمساعدتها فى قضاء متطلبات المنزل حتى تجعلنى متفرغة تمامًا لدراستى، فضلًا عن مساندة أخى الكبير مساعدتى وشرح بعض الدروس التى لا أجيد استيعابها وتعليمى كيفية تنظيم وقتى لمواصلة السعى نحو الحلم الذى ينتظره جميع أفراد عائلتى ومنحى فرصة تعلم المثابرة والتأقلم على الظروف التى تمر بها الأسرة. وبصوت يملأه السعادة والفرحة تضيف الفتاة: عندما وصلت للمرحلة الثانوية وتحديدًا السنة الحاسمة فى التعليم الثانوى كنت مهيأة تمامًا لوضع قدمى على بداية طريقى، لكن واجهت صعوبات فى كيفية اختيار المصادر والكتب التى أعتمد عليها فى مذاكرة دروسى وخصوصًا أن تلك المرحلة يجب الحصول على دروس خصوصية فى كافة المواد حتى أتمكن من الالتحاق بكليات القمة ولكن الدخل محدود ومناهج تحتوى على بعض الصعوبات والمدرسة لا يوجد بها شرح كافٍ، وعمل والدى على توفير احتياجاتى بالرغم من الإمكانيات المحدودة المتاحة لديه وبدأت المذاكرة بنشاط واجتهاد حتى بلغ عدد ساعات المذاكرة 16 ساعة يوميًا ما أدى إلى إصابتى بالتهاب فى أعصاب أطرافى السفلى، ولم أكن قادرة على الجلوس أو الوقوف ونصحنى الطبيب فى تلك الفترة بالراحة لمدة شهر مع تناول أدوية ومهدئات للأعصاب حتى أتمكن من المذاكرة، وبالرغم من ذلك تمكنت من تحقيق الحلم والحصول على 97٫6٪ والالتحاق بكلية الصيدلة جامعة القاهرة. عمق تفكيرها قادها نحو الاهتمام بمشاكل المرضى بسبب نقص الأدوية التى شهدتها البلاد، مشددة على أهمية تطوير صناعة الدواء فى مصر لتلبية احتياجات المواطنين ومنافسة السوق العالمى، قائلة: كنت أشعر بغضب عندما تشهد أسواق الدواء أزمة نقص على حساب المرضى البسطاء التى أنتمي إليهم لذلك كان يزداد طموحى لدخول كلية الصيدلة حتى أستطيع تحقيق تطوير فى الدواء المحلى حتى ينافس المستورد فى الأسواق. وتؤكد إسراء أنها تخطط فى المراحل القادمة أن يكون لها دور فى الأبحاث العالمية لاكتشاف أمصال مناسبة لمرضى الفيروسات الكبدية، واكتشاف أدوية فعَّالة للقضاء على مرض السرطان حتى نحمى الجميع والعيش فى جو صحى ملائم لنحقق التنمية والتقدم الذى يليق بمصر وفقاً لطموح إسراء أمين الطالبة بكلية الصيدلة، فضلًا عن القضاء على احتكار الأدوية وتوفيره للمرضى بالأسعار المناسبة وتوافر الإمكانيات اللازمة داخل المستشفيات. وحول المستوى المهنى تقول إسراء: نأمل أن يرفع شأن الصيدلى وألا يقتصر دوره على بيع الأدوية فى الصيدليات ويجب أن يحدث الوعى المطلوب بأهمية الصيدلى فى البلاد. وطالبت الفتاة بضرورة إتاحة الفرصة من قبل كليات الصيدلة بالتدريبات والكورسات اللازمة للمنافسة فى سوق الدواء العالمى والمحلى.