لا تتحقق الأعمال بالأمنيات، وإنما بالإرادة تصنع المعجزات.. السير نحو النجاح رحلة لا نهاية لها، قد تتوقف قليلًا فى المشوار، ربما تتعرقل، أو تقارب على السقوط، وهذا لا يعنى الاستسلام، بل الإصرار على الوصول إلى قمة لا حدود لها. العالم يفسح الطريق لمن يعرف إلى أين هو متجه، وهكذا يؤسس فلسفته على أن النجاح ليس مكانًا تصل إليه، بل هو رحلة، نصف متعتها يكمن فى اجتيازها، منهجه يقوم على توقع العقبات، لكن لا تمنعه من التقدم. عمر عبدالجواد، المدير التنفيذى لشركة ابن سينا فارما للأدوية.. أسلوب حياته فى العمل، يرتبط بروح الفريق.. أساسه يقوم على مبدأ «نكون معًا، هذه هى البداية، البقاء معًا هو التقدم، والعمل معًا هو النجاح»، وهذه كلمة السر فى مشواره. بالطابق الخامس، وعلى بعد أمتار من نادى الصيد، الهدوء يسود المكان، الكل يعمل فى صمت... حركة الأقدام، أول ما يلفت الانتباه عند مدخل غرفة مكتبه... يجلس الشاب الأربعينى وقد تبدى على ملامحه حالة تركيز شديد، ربما لطبيعة عمله التى لا تقبل سوى ذلك. جلسنا وقبل بداية حديثنا... بادرنى قائلاً: «مصر فرصة لا يمكن التفريط فيها»... استوقفتنى العبارة وقبل استفسارى عما يقصد.. ارتسمت ابتسامة على ملامح وجهه قائلاً: «هذا ردٌ على سؤالى إلى واحد من مستثمرين أجانب التقينا بهم بالخارج».. ومن هنا كان الحوار: «نعم متفائل إلى أبعد الحدود بمستقبل الاقتصاد الوطنى، وما حدث من قلق فى السنوات الماضية، مشهد صحى، انتهى بالإجراءات الإصلاحية للحكومة بدءًا من قرارات أول نوفمبر العام الماضى، ثم قرار تخفيض سعر العملة، الذى كان له مفعول السحر، ووش سعد على الاقتصاد، والاستثمار».. هكذا حلل المشهد. الشاب الأربعينى حينما يتحدث عن الاستثمار ترتفع نبرة الحماس بصوته بقوله: «اقتصاد الدول يمر بفترات رواج وانكماش، وهى دورات طبيعية غير مقلقة، فالأهم تدفقات الاستثمارات الأجنبية التى تتجه إلى نمو متزايد يوماً بعد الآخر، وهو ما يتحقق على أرض الواقع». أقاطعه متسائلاً: لكن من أين كل هذه الثقة والتفاؤل؟ يجيبنى قائلاً: «خلال اللقاءات المتعددة بالخارج مع المؤسسات المالية، وصناديق الاستثمار، كانت الكلمات السائدة لهذه المؤسسات أن مصر بلد كبير، واقتصادها سوف يشهد نموًا مضاعفًا، فى ظل الإجراءات الإصلاحية التى شهدها الاقتصاد مؤخرًا، بعد تعويم العملة». الشاب الأربعينى له رؤية خاصة فى الاهتمام الدولى بالاقتصاد الوطنى، تتركز على تعويم الجنيه الذى كان تأخر تحريره فى السنوات الماضية حجرًا فى طريق النمو والإصلاح، ولو تم ذلك فى سبعينات القرن الماضى، أو حتى خلال 20 عامًا الأخيرة، لتغيرت خريطة الاقتصاد تمامًا إلى الأفضل، إلا أنه لم يكن وقتها رغبة لدى الحكومات المتعاقبة. كلمة نحن وليس أنا هى الأفضل فى تنمية روح العمل، والوصول إلى القمة، هو ما استمده من خبرته الطويلة فى الصناعة، لذلك عندما يتحدث عن التعويم والدور الكبير للسياسات النقدية، يكون دقيقًا فى تحليله، لكونها الأكثر أهمية فى مرحلة فاصلة من تاريخ الاقتصاد، فهو من أنصار السياسة التى انتهجها البنك المركزى، وآثارها الإيجابية على السياسة النقدية، وحجم الاستثمارات التى تدفقت فى شرايين الاقتصاد من خلال استثمارات المحفظة المتمثلة فى الأسهم أو أذون الخزانة أو السندات، وكذلك الاستثمار المباشر المتوقع، فى ظل رغبة العديد من الشركات العالمية بالاستثمار فى كافة المجالات. لا يزال بعض الخبراء يوجهون انتقادات للسياسة النقدية، ومساهمتها فى عرقلة الاستثمار نتيجة رفع أسعار الفائدة.. إلا أن «عبدالجواد» له وجهة نظر خاصة فى هذا الصدد، حيث يعتبر أن الإجراءات أسهمت فى توفير الدولار، والقضاء على السوق السوداء، بل نجحت فى امتصاص معدلات التضخم المرتفعة، وحتى لو كانت هذه الإجراءات صعبة، فلم يكن أمام الحكومة أى خيارات أخرى للتعامل مع الارتفاعات الكبيرة للتضخم. الشاب الأربعينى حينما يتحدث عن السياسة المالية أيضًا، يتكشف مدى اهتمامه بضرورة ضم القطاع غير الرسمى إلى منظومة الدولة، من خلال منحه العديد من المحفزات الضريبية، وتسهيلات تساعد على خروج هذا القطاع العريض إلى الضوء، خاصة أن هذا القطاع يقدر حجمه بمليارات الجنيهات، وبمجرد دخوله فى منظومة الدولة، سوف تتسع شرائح الضريبة، دون الاعتماد على فئات بعينها. ما هو مقدس فى النظام لديه، الالتزام، والقيم، لذلك أسس حياته على الالتزام والانضباط، ونفس الأمر حينما التزمت الحكومة مع المستثمرين بالإسراع فى قانون الاستثمار، تمكن لهم تحديد خريطتهم المستقبلية خلال السنوات القادمة، رغم الإجراءات الإصلاحية برفع الدعم، إلا أن المستثمرين قاموا ببناء استراتيجيتهم على ذلك. وتابع أن «مجموعة السياسات الاقتصادية مع العمل بقانون الاستثمار ولائحته التنفيذية أسهم بقدر كبير فى تهيئة بيئة الاستثمار، بصورة أكبر، وسوف ينعكس ذلك على الاقتصاد خلال العام القادم بتدفق الاستثمارات الأجنبية بمعدلات أكثر ارتفاعًا». يظل الشغل الشاغل للرجل ضرورة الاهتمام بملف الخدمات خاصة الرعاية الصحية، والذى بدأ بالفعل بمظلة قانون التأمين الصحى المقرر مؤخرًا من مجلس الشعب، حيث يعتبره من الأولويات التى تسهم فى دفع عجلة النمو الاقتصادى، خاصة أن العمود الفقرى لقطاع الصحة يتمثل فى صناعة الدواء، واهتمام الدولة بالقطاع سوف يعمل على تخفيف تكلفة هذا القطاع الذى يستنزف مليارات الجنيهات سنويًا. فى جعبة «عبدالجواد» العديد من الروايات حول القطاع، إذ يعد من القطاعات الدفاعية الذى يلجأ اليها المستثمرون فى وقت الأزمات، كما أنه من القطاعات التى شهدت نموًا فى السنوات الأخيرة بنسبة 17%، منها 3% بسبب التعويم، 8% نمواً سعرياً، و6% نمواً حقيقياً، ومتوقع مع تطبيق قانون التأمين الصحى، وتغطيته 100% من المواطنين، أن يشهد طفرة فى المستقبل. «الأفعال لا الأقوال دليل العزيمة الصادقة» هكذا تعلم الشاب الأربعينى من العمل بالشركة، فقد صعد سلم المجد مع فريق العمل سواء من مجلس الإدارة، أو العاملين، منذ تأسيس الكيان فى مطلع الألفية الجديدة، حرص على الجهد والعمل، بالدراسة الأكاديمية والعملية، محطات صعبة واجهت الشركة فى مشوارها الطويل، لكن بالعزيمة والإصرار والتخطيط الجيد، نجحت الإدارة فى تغيير مسار خريطة الصناعة لتتصدر المشهد، حيث اتسمت استراتيجية الشركة منذ الوهلة الأولى بتحديد الأهداف، والإجابة عن الأسئلة المعتادة، أين مكان الشركة فى خريطة الصناعة، ونقاط الضعف والقوة، ونجحت الشركة بعد تخارج الشريك الأجنبى، بأن تتحول إلى المكسب والأرباح، ليحدد مجلس الإدارة استراتيجية تهدف لدعم مكانة الشركة، سواء فى بيئة الصناعة، أو البيئة الخارجية لتحفر بذلك مكانتها فى السوق، باعتماد نظام الإثابة للعاملين، وتمليكهم أسهم، لتحصد بعد ذلك ثمار هذه الاستراتيجية، التى اعتمدت على سياسة التوسع لتصل بعدد فروعها من 7 إلى 26 فرعًا، فى فترة لا تتجاوز 3 سنوات، وكذلك التوسع فى عدد العملاء من 16 ألف عميل إلى 35 ألف عميل. واصل الرجل مع مجلس إدارة الشركة مشوار النجاح، لتكون من الشركات الرائدة بصناعة الدواء، وتقفز من 12% إلى 19%، وتعتلى المركز الثانى فى الترتيب، بل وصلت الشركة إلى متوسط نمو 32%، وهو ضعف متوسط الصناعة، كما تسعى إلى زيادة حصتها السوقية من 19% إلى 23% خلال 5 سنوات القادمة، وهو ما أشارت إليه الدراسة المقدمة للقيمة العادلة. الوصول إلى الريادة فى السوق هو الشغل الشاغل للرجل، ومجلس الإدارة، بالعمل على زيادة فروع الشركة بمقدار 20 فرعًا والوصول بعدد العملاء إلى 45 ألف عميل، واستهداف استثمارات تصل إلى 700 مليون جنيه خلال 5 سنوات قادمة، وطرق أبواب التصدير. الشاب الأربعينى لديه طموحات مع مجلس الإدارة بالوصول إلى أبعد نقاط النجاح والمجد، وكل المقومات تشير إلى ذلك فى ظل التعاقد مع 350 شركة دواء، وتوزيع أصناف دواء 9500 صنف منحتها أفضلية الاستحواذ، ونصيب الأسد فى الصيدليات بنسبة 91%.. فهل ينجح الرجل مع مجلس إدارة الشركة بالوصول إلى الريادة مغردًا، ومتربعًا على عرش السوق، والصناعة؟