كتب:ياسر مطرى خطة ممنهجة لتدمير المحصول منذ الثمانينيات عبر إدخال سلالات ضعيفة تعمل الدولة على عودة هيبة وسمعة القطن المصرى إلى سابق عهده، متقدماً على جميع الأصناف العالمية الأخرى من حيث الجودة والليونة، وذلك لما تمتاز بها التربة المصرية من خصوبة عالية تجعلها مثالية فى زراعته. قال المهندس عفيفى قادوس، عضو الجمعية العامة لمنتجى القطن، إنه خلال حقبة السبعينيات كانت محافظة الشرقية ثالث محافظة على مستوى الجمهورية فى زراعة القطن بعدد 250 ألف فدان من إجمالى المساحة المنزرعة على مستوى الجمهورية والتى قاربت مليونى فدان قطن آنذاك، وحظى القطن المصرى بسمعة عالمية كأفضل أقطان العالم بعدة خواص منها الجودة ودرجة الليونة والنعومة والصفات الغزلية. أضاف أن شركة أجنبية من إحدى الدول قد حصلت على مناقصة لتوريد القطن المصرى إلى أوروبا، ونظراً إلى سعره المرتفع قامت بخلط جزء من طلبية القطن المصرى بعدة أصناف من دول أخرى، لكن الأوروبيين اكتشفوا هذا التلاعب لعلمهم المسبق بصفات القطن المصرى ذى الجودة العالمية، وبالتالى رفضوا الطلبية كلها وكانت وقتها وصمة عار فى جبين الشركة الأجنبية. وأوضح «قادوس»، الخبير فى مجال القطن كونه عضواً فى لجنة تجارة القطن فى الداخل بالإسكندرية، أنه بعد تحقيق القطن المصرى العالمية والريادة، تدخلت سياسات مغرضة خلال منتصف الثمانينيات بخطة ممنهجة للقضاء على هذه السمعة بدأت بإدخال سلالات ضعيفة غير قادرة على تحقيق إنتاجية عالية كما كان فى السابق، ساهمت فى انخفاض سعره، وتوقف المصانع والمحالج العاملة، حتى عزف المزارعون عن زراعته، ما أدى إلى تقليص المساحة المنزرعة فى محافظة الشرقية من 250 ألف فدان خلال السبعينيات إلى متوسط 20 ألف فدان خلال السنوات القليلة الماضية. وأشار إلى أن من أسباب انهيار القطن، عملية خلط أصناف عدة من بذور القطن، واحتياج مرحلة الجنى إلى عمالة كثيفة تتقاضى أجوراً تزيد على التكلفة، مقارنة بأسعار البيع، وكذلك عدم وجود محصول القطن بنسبة 20% لتشغيل المحالج والمغازل والشركات، وإهمال متعمد لعدم صيانة وتطوير معدات والغزل والنسيج. وأكد أن الحكومة بعد ثورة يناير 2011 قدمت دعماً بقيمة 500 مليون جنيه لشركات الغزل والنسيج والبالغ عددها آنذاك 250 شركة خاصة لتطوير المنظومة والتى تبدأ بالمزارعين، لكن هذا الدعم لم يصل إلى المزارعين بالشكل المُعد له، لكن رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى وجهت الدولة إلى توصيل الدعم المُقدم مباشرة إلى المزارعين عن طريق الجمعية العامة لمنتجى القطن والتى قامت باستلام القطن من المزارعين وتسويقه مباشرة دون وسيط، الأمر الذى ساعد بشكل كبير على زيادة المساحة المنزرعة خصوصاً محافظة الشرقية إلى 32 ألف فدان خلال الموسم الحالى 2016/ 2017، وذلك بعد قرار رفع سعر القنطار إلى 3100 جنيه. وذكر «قادوس»، أن من أهم أسباب نجاح عملية عودة القطن المصرى إلى سابق عهده خلال العامين الماضيين، منع خلط السلالات «الأصناف» خلال مرحلة الزراعة، فضلاً عن نجاح عملية الإكثار التى تبناها مراكز بحوث القطن التابعة لوزارة الزراعة فى عمل سلالات ممتازة ك«94، 95، 88، 87»، فارتفعت إنتاجية الفدان الواحد من 4 إلى 10 قناطير خاصة الصنف 94 والذى تم تعميمه خلال الموسم المنقضى فى محافظة كفر الشيخ والتى تعمل جاهدة خلال الموسم الجديد على زراعة 500 ألف فدان، بالإضافة إلى العمل حالياً على تصنيع ماكينة حديثة صغيرة الحجم تستخدم خلال مرحلة الجنى تعمل بديلاً عن العمالة اليدوية التى انتقلت إلى المصانع العاملة فى مدينة العاشر من رمضان أو لقيادة التوك توك والتروسيكل لما يجنونه من عائد مادى كبير عليهم يومياً. وأفاد المهندس على شعبان، مدير محلج مصر أبو لاخضر بالزقازيق، بأن محافظة الشرقية كانت تضم 8 محالج «أبوالشقوق بكفر صقر»، «أبو لاخضر» بالزقازيق وآخر بشارع فاروق، ديرب نجم، أبوكبير، ميت يزيد بمنيا القمح، هذه المحالج كانت تعمل بشكل متواصل على مدار اليوم خلال موسم القطن والذى يبدأ من شهر سبتمبر حتى نهاية مارس من كل عام، لكن توجهات الدولة خلال منتصف الثمانينيات ساهمت فى إغلاق 5 محالج منها بحجة عدم وجود الأقطان الكافية لتشغيل المحالج، فضلاً عن إهمال صيانة معدات الغزل والنسيج. ونوّه «شعبان» بأن محلجه يضم عنبرين بعدد 250 عاملاً انخفض العدد حالياً إلى 92 عاملاً، وكان العنبر الواحد يحوى 72 دولاب حليج، وعلى مدار العشرين عاماً الماضية تم إغلاق عنبر كامل، لعدم وجود محصول قطن كاف للتشغيل إلا لشهرين فقط خلال موسم الحلج الذى يستمر لأكثر من 6 أشهر، متذكراً بأنه خلال موسم 84/ 85 محلجه بواسطة العنبرين تمكن من حلج 450 ألف قنطار، انخفض إنتاجه إلى 29 ألف قنطار خلال موسم 2014/2015، وبعد اهتمام الدولة بالقطن زاد إلى 60 ألف قنطار خلال الموسم المنتهى 2016/2017. واستطرد مدير محلج «مصر أبو لاخضر» بالزقازيق، أن الدولة كانت تحدد سعر القنطار قبل زراعة المحصول بوقت كاف، ما كان يساعد المزارعين على زراعته لما فيه فائدة كبيرة من الاستفادة من سعره المرتفع والذى كان يمثل موسم حصاده فرحاً عظيماً فى القرية المصرية وكان يعُد موسماً للزواج وشراء الكساء السنوى، وخلال العام الماضى اهتمت الدولة بالقطن من زراعة وتصنيع، ساعد بذلك على زيادة المساحة المنزرعة إلى 32 ألف فدان بإنتاجية بلغت 200 ألف قنطار بمتوسط إنتاجية للفدان الواحد 7 قناطير، وهو ما يعد أمراً ايجابياً نحو توجه الدولة بالاهتمام بالقطن والعمل على إعادة ريادته عالمياً، تزامن هذا الاهتمام بطرح عبدالفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج تصوراً يستهدف إعادة تطوير وتأهيل المحالج والمغازل التابعة لشركات الحليج والغزل بالتعاون مع المهندس وليد السعدنى، رئيس مجلس إدارة الجمعية العامة لمنتجى القطن، نتج عنها تكليف خبير أمريكى بتفقد جميع المحالج ووضع خطة لإعادة التطوير، وعلى أثرها تم طرح مناقصة عالمية شاركت فيها شركات أمريكية وهندية وتركية، تمت الترسية على الشركة الهندية والتى من المقرر لها البدء فى عملها خلال الفترة القادمة. وأكد المهندس محمد رمضان، مدير منطقة هيئة التحكيم واختبارات القطن بالشرقية التابعة لوزارة الصناعة والتجارة الداخلية، أنه يعمل فى جهة محايدة بين البائع والمشترى إذ يقوم بدراسة القطن من درجات النعومة والليونة والمتانة والطول والصفات غزلية، وذلك لتحديد سعره حتى يتم الحفاظ على سمعة القطن المصرى خاصة قطن طويل التيلة الذى يمتاز بالنعومة التى تؤهله للاستخدام فى صناعة المنسوجات عالية الجودة، مؤكداً أن القطن المصرى عالى الجودة يتم تداوله فى معظم دول العالم بعد حصوله على شهادة معتمدة من مقر الهيئة العامة للتحكيم واختبار القطن بمنطقة سموحة بالإسكندرية. ولفت مدير منطقة هيئة التحكيم واختبارات القطن بالشرقية إلى أنه تجرى دراسة بحثية عن جودة السلالات والأصناف للقطن وكذلك الرتبة والإنتاجية كل 6 أو 7 سنوات، للكشف عن مواصفاته القياسية، وعند اكتشاف أى تدهور يتم تغيير السلاسة مباشرة، مستشهداً بصنف 86 الذى استمر استخدامه لأكثر من 15 عاماً، وتم استبداله بصنف 94 الذى أظهر مواصفات عالمية شهد له جميع المراكز البحثية العالمية.