كتبت سناء حشيش: أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن القدس عربية فلسطينية وأنها مدينة مقدسة لدى المسلمين حيث اجتمعت فيها العديد من العوامل التي بوأتها مكانة عالية في قلب كل مسلم. وأشار شيخ الأزهر الى أن القدس مدينة خصها الله تعالى بجعل مسجدها الأقصى مسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لافتا الى انها توصف بالنسبة للمسلمين أيضا بأنها أولى القبلتين وثالث الحرمين. وأوضح الإمام الأكبر فى حديث له على إحدى القنوات الفضائية أن المقصود ب«مسرى رسول الله»، أي أن القدس كانت شاهدة على معجزة الإسراء والمعراج التي حدثت للرسول - صلى الله عليه وسلم - وصلى في المسجد الأقصى مع الأنبياء، مستشهدًا بقول الله تعالى: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (سورة الإسراء: 1). وأشار إلى أن مسجدها الأقصى هو أولى القبلتين اللتين صلى إليهما المسلمون 16 شهرًا، أو 17 شهرًا، حتى نزل التوجيه الإلهي بالتوجه نحو البيت الحرام بمكة، كما ورد في قوله تعالى: «قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ» (سورة البقرة: 144)، موضحا أن أي مساس بالقبلة الأولى للمسلمين هو مساس بالقبلة الثانية على وجه المساواة، واضاف ان المقصود بثالث الحرمين: أي «الحرم المكي والحرم المدني والحرم القدسي» قال - صلى الله عليه وسلم : «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد: المَسْجِدِ الحَرَام وَمَسْجِدِي هَذَا وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى» موضحا أن القدس والمسجد الأقصى على نفس قدر قدسية وتعظيم المسجد الحرام والمسجد النبوي، لافتا الى انه كما يجوز للمسلم أن يرحل إلى مكة للصلاة بالمسجد الحرام، وإلى المدينة للصلاة بالمسجد النبوي، يجوز له أن يرحل للصلاة بالمسجد الأقصى، ولا يفهم من ذلك - كما يفهم النصيون والحرفيون - أنه لا تشد الرحال لزيارة قبور الصالحين، فشد الرحال للصلاة والعبادة شيء وشد الرحال للزيارة والاعتبار شيء آخر، فالحديث لا يؤخذ منه تحريم شد الرحال للزيارة، وإلا كان يمنع من شد الرحال مطلقًا. وكشف أن التاريخ يكذب المزاعم التي يذيعها اليهود في إعلامهم وأدبياتهم؛ مشيرا الى ان عمر عروبة مدينة القدس يزيد الآن على ستة آلاف عام، وظل الوجود العربي متصلا عبر هذا التاريخ، بينما الوجود اليهودي في عهدي داود وسليمان لم يتعد 415 سنة، وهذه المدة بالنسبة ل 6000سنة قبل الميلاد حتى الآن لا تساوي شيئا، بما يعني أن ادعاء اليهود بأحقيتهم في القدس ادعاء باطل، وهم يعلمون هذا الكلام، ومن أجل ذلك هم يزيفون الحقائق والتاريخ حيث لا مستند لهم إلا التزييف، والتزييف دعمته سياسات عالمية أخيرًا لأجل المصالح. لافتا الى ان التاريخ أثبت أن العرب اليبوسيين، هم أول من استوطن هذه المدينة، وسميت باسمهم «يبوس»، وهم من بطون العرب الأوائل، الذين نشأوا في صميم الجزيرة العربية ثم انتقلوا إلى مدينة القدس، كما سميت بأرض كنعان، والكنعانيون عرب كذلك، وكان ذلك قبل سنة 3000 من الميلاد، ثم دخلت في حكم بني إسرائيل على يد داود عليه السلام عندما غزا هذه المدينة في القرن العاشر قبل الميلاد. وأكد أن اليهود يتناسون أنهم منذ احتلالهم للقدس سنة 1967م قد قلبوا باطن الأرض بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي وحوله؛ فلم يجدوا حجرًا واحدًا يثبت أنه قد كان في هذا المكان معبد يهودي في يوم من الأيام. واشار الى أنه على فرض أنهم كان لهم معبد في القدس في غابر الأزمان يزعمون أن سليمان بناه للرب في القرن العاشر قبل الميلاد؛ فهل يمكن أن يعاد رسم خرائط الدول وحدود الأوطان وملكيات الشعوب والجماعات البشرية، بناء على أن أجدادهم القدماء كان لهم معابد في بعض الأماكن والبقاع؟! وبين أن استناد اليهود إلى نصوص من أسفار التوراة لإثبات أحقيَّتهم في الأرض الفلسطينية، باطل، لافتا الى ان الأدلة التي يستندون إليها في التأسيس لما يسمونه «وعد الله» بزعمهم لإبراهيم عليه السلام ونسله بامتلاك الأرض المقدسة، ينسبونه إلى نصوص وردت في «سفر التكوين» ومنها: قول الرب لأبرام بعد اعتزال لوط له: «ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا؛ لأن جميع الأرض التي أنت ترى أُعطيها لك ولنسلك إلى الأبد» (سفر التكوين 13: 14،15)، وتساءل الطيب فى حديثه فما هي حدود نظر إبراهيم حتى تُحدَّد مساحة الأرض الموعودة له ولنسله من بعده إلى الأبد؟! وقال إننا أمام وعدٍ بشيءٍ مجهولٍ، ليس عليه ولا على مساحته دليل، فما أشبهه بوعد بلفور وغيره من الوعود الباطلة. ولفت الى انه بعيدا عن قضية صحة المصدر الذي ورد فيه هذا النص من عدمه؛ فإن سفر التكوين الذي جاء فيه هذا الوعد كُتِب على يد أشخاص بِعد 700 عام من عصر موسى عليه السلام، يحمل في طيَّاته تناقضًا واضحًا. كما جاء في «تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتى العصر الحديث» لزالمان شازار، كما اشتمل على تناقضات تزيد افتقاره إلى المصداقية؛ فقد جاء فيه أن الإنسان آخر المخلوقات (سفر التكوين 1: 27) ثم جاء فيه أنه أولها (سفر التكوين 2: 25) وجاء فيه أن الطوفان دام أربعين يومًا (سفر التكوين 7: 12) ثم جاء فيه أنه دام مئة وخمسين يومًا (سفر التكوين 7: 24).