تعلن أغلب دول العالم الحرب ضد ظاهرة الاحتكار، ينظر العالم المتقدم إلى الاحتكار وكأنه آفة يجب التخلص منها.. ولكن الوضع داخل مصر مختلف، لدينا من يشجع على الاحتكار بداية من السلع الاستهلاكية وصولًا إلى الأحداث والمهرجانات الفنية. فى الفترة الأخيرة بدأت شركات خاصة تنظم مهرجانات فنية وتحتكر الضيوف والأحداث، وقد سارت وزارة الثقافة فى نفس الطريق ومنحت قناة «دى. إم. سى» حق رعاية الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائى.. وعلى أثر ذلك رفضت إدارة الهرجان السماح لكل وسائل الإعلام بالتواجد واحتكرت كل الفعاليات للقناة الراعية.. السؤال الذى يطرح نفسه: لمصلحة مَن احتكار المهرجانات الفنية، وهل هناك نية لخصخصة الأحداث الفنية مستقبلاً. المخرج مسعد فودة، نقيب السينمائيين، تحدث من مهرجان القاهرة السينمائى الأخير قائلاً: أعطى شكلًا إيجابيًا هذا العام، لكن منطق الحصرى كان فيه صعوبة على شعبية المهرجان وهو الأمر الذى جعل القائمين على التنظيم غافلين عن دور نقابة السينمائيين كراع رئيسى للمهرجان منذ نشأته وصاحبه ثلاث جوائز فى المهرجان، مثل جوائز آفاق السينما العربية، وجائزة سعد الدين وهبة وجائزة صلاح أبوسيف وتقديم الدروع ولم يتم التنويه عن دورها فى برومو القناة الراعية، خاصة أن رعاية ودعم نقابة السينمائيين مصدر فخر وهى شريك أساسى فى المهرجان وسابقة تحدث لأول مرة تجاهل هذا المجهود. وأضاف فودة: ما يدمى القلب هو غياب تمثيل الفيلم المصرى، وهذا يكشف عن المشكلات الصعبة التى تمر بها صناعة السينما النظيفة فى مصر، وهذه خارج مسئولية المهرجان والتنظيم، لكن زيادة القيمة المالية للجوائز ربما تدفع جهات إنتاج محترمة أن تجهز عملًا سينمائيًا يليق بالمهرجان، مثلما تسعى بعض أفلامنا للمشاركة فى مهرجانات أخرى لهذا السبب. وأشار إلى هناك بعض الملاحظات على الجهات المنظمة مراعاتها فى الختام منها إبراز دور نقابة السينمائيين، التركيز على المستوى الفنى والتقنى فى الختام مثل الالتزام بالمواعيد وتقنية الصوت التى أحدثت مشكلة فى فيلم الافتتاح، ما دفع مخرجه هانى أبوأسعد لإلغاء العرض.. وأرجو تجنب تلك السلبيات فى المستقبل بالنسبة لمختلف المهرجانات. الفنانة الكبيرة سميرة أحمد وهى إحدى كبار نجمات الفن لم يوجه المهرجان دعوة لها هى وغيرها من كبار النجوم والنجمات والفنانة نفسها لا تملك إجابة على ذلك، لكن سميرة أكدت أن المهرجان جاء هذا العام أكثر نضارة وتألقًا عن الأعوام السابقة فى الشكل وبه روح المنافسة رغم بعض الغفوات مثل الدعوات وأيضًا حرمان الإعلام والفضائيات من المتابع أثر على شعبية المهرجان، وأضافت: مش عيب يكون هناك رعاة وهى ليست بدعة لكن لا يصل الأمر لحد السيطرة الكاملة، لأنه مهرجان دولة حتى لو كان هناك رعاة لأن الاحتكار إعلامياً لمثل هذا المهرجان غلطة وخطأ مثل الدعوات.. ولا بد من احترام مكانة النجوم والنجمات الكبار فى أى مهرجان قادم. المخرج عمر عبدالعزيز، رئيس اتحاد النقابات الفنية، قال: فى البداية أى مهرجان سينمائى أو فنى لكى يستمر فى المنافسة والنجاح يحتاج لفلوس كتير لمواجهة غلاء الأسعار وتذاكر الطيران ودعوة نجوم عالميين لإضفاء الصبغة الدولية ومهرجان القاهرة أعرق وأهم مهرجان سينمائى فى مصر والدولة تمنحه 12 مليون جنيه فقط وهى لا تكفى للفعاليات لذلك لجأت هذه المرة لراع رئيسى هو قناة DMC لكنها احتكرت وسيطرت على كل الأمور، وسقط منها دعوة أسماء كبيرة خلف الكاميرا وأمامها وتحول المهرجان لسلعة محتكرة وتناسى المنظمون أن المهرجان ليس مجرد استعراض فساتين وسجادة حمراء ونجوم تجلس فى المقاعد الأمامية وكان الأولى بالحضور أساتذة كبار. وأضاف: أنا شخصياً لم أتمكن من الحضور فى القاهرة السينمائى لمرضى وأعطيت دعوتى لفنانة عربية مقيمة فى مصر، وطالب عبدالعزيز بضرورة مساندة المهرجان ليستمر قوياً لأنه هو عنوان وسمعة مصر الفنية ونتدارك الأخطاء، وكان يجب أن تغنى فى حفل الافتتاح فهى لم تضف جديداً ولم تجر حتى بروفات، وقال: هذا ليس تحيزاً لأننى معروف بميولى القومية العربية وأحب كل العرب لكنه منطق الأشياء، وأشار: سعدت بتكريم سمير غانم وأشكر المهرجان لأنه استجاب لطلبى بتكريم هذا النجم الكبير، أتمنى فى المستقبل ألا تتحول المهرجانات لسلعة محتكرة. المخرج مجدى أحمد على: قال أنا أرى أن تقوم الدولة بالدعم لكن لا تدير حتى يكون مثل هذا الحدث الفنى بعيدًا عن بيروقراطية الموظفين وأن يكون للمهرجان إدارة مستقرة ومكان ثابت ونحن اعتدنا الكثير من الاماكن والقصور التى تليق بهذا الحدث بدلًا من المكان الذى يقام فيه المهرجان وهو أشبه بدار المناسبات، وقال هناك من يقول إن دار الأوبرا رفضت استقبال المهرجان بعد انتقاد عيوب شاشة العرض فى الأوبرا بسبب جهاز لا يزيد ثمنه على 600 ألف جنيه العام الماضى، وأضاف أحمد على التنظيم كان به أخطاء مثل موعد الافتتاح إلى تأخر ساعتين وبعد المكان وكان يجب أن تستمر علاقة الصحافة والفضائيات بالمهرجان مثل الأعوام السابقة، وأشار كان يجب حضور صناع السينما الآسيوية والأفريقية وليس الأوبرا فقط حتى نكون أكثر جذباً، واضاف: قيمة الجوائز المادية للمهرجان لا بد أن تزيد وتكون بالدولار الأمريكى وهذه النقطة هى التى أسهمت فى زيادة الجذب لمهرجان الجونة مثلما فعلت فى مهرجان الإسماعيلية رغم أنه مهرجان صغير لكن حوّلنا جوائزه للدولار، وقال أحمد على: أنا حزين على غياب تمثيل الفيلم المصرى والعربى لأننا لم نقم مهرجاناً لمشاهدة الأفلام الغربية فقط وما عدا ذلك يمكن أن نقول إن المهرجان جيد وأرجو أن يتطور فى المستقبل. يوسف شريف رزق الله.. أخبار سارة فى الختام الناقد يوسف شريف رزق الله، المدير الفنى للمهرجان، أكد أن المهرجان حقق خطوات إيجابية تستحق الوقوف أمامها وكل الأخطاء التى حدثت فى الافتتاح، جرى مراعاتها فى الختام، مع حضور جيد لنجوم أجانب. وأضاف رزق الله: حرصنا على وجود نجوم الجيل الثانى فى السينما مع نجوم الجيل الأول الحريصين على الحضور ودعم المهرجان وكنا نود دعوة الجميع لكن فى النهاية قاعة الحفل لها عدد محدد. وفيما يتعلق بحصرية المهرجان خاصة التغطية الإعلامية أكد أن المهرجان كان بحاجة للدعم المالى وقناة dmc وفرت ذلك وحصلت على حق بث الافتتاح والختام وأعطت التليفزيون المصرى حق العرض دون وضع لوجو القناة وعدا ذلك كل فعاليات المهرجان متاحة أمام كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ومن المستحيل حرمان أى جهة منها. وما عدا ذلك المهرجان كان مبهراً فى حفل الافتتاح والختام تدارك الأخطاء البسيطة ومع قائمة الضيوف الجدد. وليس عيباً أن تكون هناك قناة داعمة للمهرجان أو أى مهرجان آخر حتى تخرج المهرجانات بشكل مشرف.