كتب أمجد مصباح: بعيدًا عن وعد ترامب الكارثى بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، وحالة الشجب والتنديد فى العالم كله تقريبًا والمظاهرات التى اندلعت فى مصر والعديد من العواصم العربية، والانتفاضة فى الأراضى المحتلة. نعود 40 عامًا أو أكثر قليلاً للوراء، وبالتحديد فى خريف عام 1977 بعد 4 سنوات من نصر أكتوبر وتحقيق انتصار تاريخى على إسرائيل، كان الوضع على الأرض ما زال جزء كبير من سيناء محتلا، الجولان والقدس والأراضى الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلى. كانت الأمانى معلقة فى ذلك الوقت على مؤتمر جنيف لحل الوضع المعقد أو تحريك القضية، ولكن لم يحدث شىء. الوضع بات مجمدًا حتى فى ظل تحسين وتطوير العلاقات بين مصر والولايات المتحدة والمعسكر الغربى. وبعيدًا عن كل ما هو تقليدى فكر الرئيس الراحل العظيم أنور السادات خارج الصندوق تمامًا، وأطلق مبادرة لم تخطر على بال أحد، وفاجأ العالم أجمع بتصريحه التاريخى فى مجلس الشعب يوم 9 نوفمبر 1977 باستعداده للذهاب للقدس ومواجهة إسرائيل فى عقر دارها فى الكنيست، وبالفعل ذهب إلى القدس يوم السبت 19 نوفمبر 1977 وألقى خطابه التاريخى فى الكنيست الإسرائيلى يوم الأحد 20 نوفمبر 1977 وأكد فى خطابه أن القدس هى عاصمة فلسطين ولا بديل عن انسحاب إسرائيل من جميع المناطق التى احتلتها فى يونيو 1967. استطاع بذكائه إحراج العالم أجمع وعلى رأسه إسرائيل وأمريكا، وتحركت المياه الراكدة فى الصراع العربى الإسرائيلى، ويعد أيام بدأت المفاوضات وبالتحديد يوم 25 ديسمبر 1977 بفندق مينا هاوس، وارتكب الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات خطأ عمره بعدم الذهاب ورفض المفاوضات مع إسرائيل. استمر السادات فى جهوده وسط رفض عربي تتزعمه سوريا والعراق وتأييد أمريكى غربى حتى تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد يوم 17 سبتمبر 1978 بعد مفاوضات 13 يوما متصلة بين السادات وكارتر ومناحم بيجن، وبدون تفصيل نصت المعاهدة على تحقيق الحكم الذاتى الكامل للفلسطينيين وانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء. وتم توقيع معاهدة السلام يوم 26 مارس 1979 بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية وفى مايو 1979 بدأ انسحاب إسرائيل من سيناء حتى انسحبت بالكامل يوم 25 إبريل 1982 ثم تحرير طابا 1989 بالتحكيم الدولى. وبعد 16 عامًا وبالتحديد فى سبتمبر 1993 وقع عرفات مع إسحق رابين اتفاقية الحكم الذاتى فى غزة وأريحا فقط، وضاعت القضية بعد أن فرط عرفات فى فرصة ذهبية صنعها له الرئيس الراحل السادات.