مؤشرات الاقتصاد تتحسن, معدل البطالة تراجع, والنمو يزحف نحو ال 5%, وعجز الميزان التجارى يتراجع, المؤسسات الدولية تؤكد أن برنامج الإصلاح الاقتصادى يؤتى ثماره, وأن مناخ الاستثمار فى مصر يشهد تحسنًا كبيرًا خاصة بعد صدور حزمة من التشريعات المحفزة. فى الوقت ذاته, فإن هناك موجة غلاء فى كثير من الأسواق, وهى موجات غالبًا ما تصاحب أى قرارات إصلاحية, الأمر الذى يدفع البعض إلى إطلاق دعوات متكررة لتدخل الدولة فى الأسواق من خلال تحديد هوامش ربح, أو تنفيذ سياسات «تسعير», وهو ما يرفضه مجتمع الأعمال ويعتبره أداة غير مناسبة لضبط الأسواق. حول التحسن الطارئ فى المؤشرات الاقتصادية وبيئة الاستثمار, وكيفية ضبط الأسعار التقت «الوفد» المهندس إبراهيم العربى, رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة, وهى واحدة من أقدم منظمات الأعمال فى مصر, ومسئولة بشكل مباشر عن متابعة الأنشطة التجارية للعاصمة واستعراض مشكلات المؤسسات التجارية بها, والعمل على حلها, والرجل ينتمى إلى عائلة تجارية تحولت إلى الصناعة عميدها محمود العربى الذى ترأس غرفة القاهرة واتحاد الغرف التجارية لسنوات طويلة, وأنشأ مؤسسة صناعية كبرى فى قطاع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية. إبراهيم العربى يرى أن ضبط الأسواق لا يتم إلا بتفعيل سياسة العرض والطلب, وأن دور أى بورصة أسعار هو دور استرشادى ولا يمكن أن يصبح إلزامياً, ويتوقع رئيس غرفة القاهرة أن تشهد الأسواق تحسنًا ملموسًا خلال الفترة القادمة نتيجة سياسات وتشريعات إصلاحية لم تشهدها مصر من قبل, كما يتوقع تحول كثير من التجار والمستوردين إلى النشاط التصنيعى, خاصة فى ظل وجود مناخ محفّز للصناعة. ويرى «العربى» أن تحرير سعر صرف الدولار كانت له آثار إيجابية عديدة على الاقتصاد المصرى, كان أبرزها التحسن الكبير الذى شهدته الصادرات المصرية, والتراجع الحاد فى فاتورة الاستيراد, فضلًا عن جذب استثمارات كبيرة سواء من المستثمرين المحليين أو الأجانب. وإلى نص الحوار: ■ فى ظل ما يسميه البعض بتكرار الدعوات بين الحين والحين إلى وضع أسعار استرشادية لبعض السلع الأساسية أو تحديد هوامش أرباح.. كيف ترى مثل هذا التوجه? - أتصور أن هناك قواعد ثابتة ومعروفة فى مختلف دول العالم, وأهمها هو قانون العرض والطلب, فعندما يرتفع العرض عن الطلب تتراجع الأسعار, ومتى انخفض الطلب عن العرض ترتفع الأسعار, وهذا يعنى أن خفض الأسعار يتحقق بزيادة المعروض من السلع وهو ما يتطلب زيادة الإنتاج, أما التدخل المباشر فى الأسواق من خلال سياسة تسعير أو تحديد هوامش ربح, فإنه لا يحقق أى نتائج إيجابية فيما يخص الأسعار ويمثل تقييدًا للإنتاج وعائقًا أمام المنافسة الحقيقية. أما بالنسبة لفكرة بورصات السلع, فدورها استرشادى وليس إلزامياً, وهى كيانات مساعدة على ضبط النشاط التجارى وتنظيمه وليس تقييده. ■ لكن ألا ترى أن موجات الغلاء التى شهدتها مصر خلال العام الحالى هى الأعلى منذ عدة عقود?.. وكيف يمكن مواجهتها? - أتصور أن الارتفاعات فى أسعار السلع منطقية بعد تحرير سعر الصرف, وقطاع الأجهزة المنزلية لم يشهد ارتفاعات كبيرة خاصة أن معظم المنتجين المحليين حققوا طفرة إنتاجية كبيرة, وعلينا أن ننظر إلى الإيجابيات الناتجة عن هذا القرار مثل تراجع الاستيراد, وتحول كثير من التجار إلى النشاط التصنيعى, وإضافة استثمارات جديدة وكبيرة فى قطاع الصناعة, وأتصور أن كل هذا سيصب فى النهاية فى خانة المستهلك وسيساعد على استقرار الأسعار وعدم زيادتها لأن المنافسة هى أفضل وسيلة لضبط الأسواق, وفى تصورى فإن إحدى وسائل مواجهة ارتفاع الأسعار, هو تغيير النمط الاستهلاكى, فمعظم دول العالم تحاول تصغير عبوات المنتجات للمستهلكين, وفى أوروبا يشترى الناس الفاكهة بالقطعة الواحدة, وبالفعل فإن بعض الشركات فى مصر غيرت عبوات بعض السلع الاستهلاكية لتخفيض حجم الإهدار والتيسير على المستهلك. ■ ما القطاعات التى شهدت ضخ استثمارات جديدة فى مجال الصناعة? - معظم القطاعات الصناعية شهدت ضخ استثمارات جديدة فى مجال الصناعة, وقطاع الأجهزة الكهربائية والمنزلية على وجه التحديد شهد توسعاً كثيراً من الشركات, ونحن فى مجموعة «العربى» كانت لنا استثمارات كبيرة فى مدينة بنى سويف فى مصنع لإنتاج الأجهزة الكهربائية, وأتصور أن صدور قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية, وصدور قانون التراخيص الصناعية يسهم بشكل كبير فى فتح الباب لاستثمارات صناعية عملاقة. ■ باعتبارك رجل صناعة فى المقام الأول.. أيهما تفضل إنشاء مصانع جديدة أم إعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة عن الإنتاج? - الاثنان معاً.. أتصور أن حاجتنا لإنشاء مصانع جديدة ستظل قائمة لتوفير فرص عمل جديدة ولمواجهة الطلب المتنامى على كافة السلع نتيجة النمو السكانى, كذلك فإننا نحتاج إنتاج كثير من السلع والمنتجات التى يتم استيرادها من الخارج, وكل هذا لا يعنى إهمال أو تجاهل أى محاولات لتشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة. ■ كيف ترى المحاولات الجارية لتعديل قانون الغرف التجارية?.. وكيف تتعاملون مع الصراعات بين الأطراف المختلفة فى هذا الشأن? - لا توجد صراعات من أى نوع, ولكن هناك اختلافات فى وجهات النظر بين البعض, وهو أمر طبيعى فى ظل سعى الجميع نحو تحقيق المصلحة العليا للاقتصاد المصرى, وأتصور أن أى تعديل لأى تشريع يتم من خلال مناقشات موسعة واستعراض لكافة وجهات النظر والتعامل معها سعيًا إلى المصلحة العليا, وهناك قوانين كثيرة يمكن تعديلها لتحسين المناخ العام. وفيما يخص قانون الغرف التجارية أتصور أن بقاء نسبة 50% للتعيين و50% للمنتخبين ضرورى لتمثيل كافة الشركات والمؤسسات. ■ وما تصورك لوضع الاقتصاد المصرى بعد مرور عام من قرار تحرير سعر الصرف, وصدور قانون الاستثمار وغيره من القوانين? - قلت وأقول إنه مشجع للغاية, وأعتقد أن قانون الاستثمار محفز للنشاط التصديرى ويسهم فى تعميق التصنيع المحلى, وأتوقع أن تشهد الفترة القادمة تدفق استثمارات كبيرة إلى مصر, أما بخصوص تحرير سعر الصرف, فالواقع والمؤشرات الحالية للاقتصاد المصرى تؤكد أننا نسير فى الطريق الصحيح.