رؤوس الأموال تتوجه لمشروعات الصناعة والطاقة المتجددة والنقل والتكنولوجيا قناة السويس والصعيد والعاصمة الإدارية أكثر جذبًا للمستثمرين في السنوات المقبلة هذه محاولة جديدة لقراءة خريطة الاستثمارات الجديدة فى مصر قطاعيًا وجغرافيًا. ثمة عدد من المُتغيرات على مستوى السياسات سيكون لها تأثير مُباشر فى إعادة صياغة توجهات الاستثمارات الجديدة القادمة إلى مصر. أول المتغيرات هو صدور القانون رقم 72 لسنة 2017 للاستثمار والترقب لإصدار لائحته التنفيذية، وهو ما يتضمن حوافز حقيقية للمستثمرين في منطقة قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومدن ومحافظات الوجه القبلى. ثاني المتغيرات كان قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي، وما أدى إليه من تخفيض لقيمة العملة الوطنية، وهو ما يعني بالضرورة انخفاض تكلفة الأيدي العاملة ويُساهم في تشجيع رؤوس الأموال الجديدة للتوجه إلى الصناعة خاصة كثيفة العمالة. ثالث المتغيرات هو قرارات تخفيض دعم الطاقة، وما نتج عنه من تقلص التوجه لاستثمارات تعتمد اعتمادًا كليًا على منتجات الطاقة، فضلًا عن دفعه لشركات كبرى تعمل في مجال الطاقة المتجددة للاستثمار في مصر. رابع المتغيرات صدور قانون التراخيص الصناعية، وهو ما تضمن الموافقة على إصدار التراخيص بمجرد الإخطار، وهو يُعد أيضًا من العوامل المُهمة المشجعة للاستثمار في مجال الصناعة. خامس المتغيرات يتمثل في شبكة الطرق الكبيرة التي نفذتها الدولة على مدى السنوات الثلاث الماضية، والتي بلغت حسب تصريح المهندس هشام عرفات وزير النقل فى يوليو الماضى نحو 2400 كيلو متر. فضلًا عن ذلك، فإن هناك توجهًا عامًا لدى أجيال جديدة من رجال الأعمال لإقامة مشروعات جديدة وغير تقليدية، خاصة مع اندثار صناعات بعينها وتراجع قطاعات أخرى نتيجة التطور التكنولوجي السريع. فى السنوات العشر الأخيرة من حُكم الرئيس مُبارك استقبلت مصر استثمارات كبيرة كانت أكبرها فى عام 2007 - 2008 حيث بلغت 13.1 مليار دولار. ويلاحظ طبقًا لتقرير مجلس أمناء هيئة الاستثمار سنة 2008 أن النمو الكبير في الاستثمارات تحقق في القطاعات الأقل تشغيلًا، وهو ما لم يحمل تأثيرات إيجابية على خفض معدل البطالة. ويمكن القول إن التشريعات المعنية بمناخ الاستثمار والقائمة في ذلك الوقت كانت مشجعة للاستثمار الأجنبي، لكنها لم تكن معنية بطبيعة النشاط الذي سيمارسه المستثمر. كما أنها لم تكن تميّز بين المستثمر صاحب النشاط الإنتاجي ذي العمالة الكثيفة مثل رجل الصناعة أو المستثمر صاحب النشاط الاستهلاكي مثل المحلات التجارية والمطاعم. وكانت القراءة المبدئية للقطاعات الجاذبة للاستثمار، تشير إلى أن قطاع البترول هو القطاع الأكثر جذبًا، يليه القطاع العقاري، ثُم القطاعات التجارية. القانون الجديد للاستثمار يتجاوز فكرة جذب الاستثمار فقط، ويركز على جذب الاستثمارات لقطاعات أكثر تشغيلًا للعمالة. يقول الدكتور محمود سليمان، رئيس لجنة الاستثمار باتحاد الصناعات، إن أفضل ما نص عليه التشريع الجديد، هو وضع حوافز حقيقية لتشجيع المستثمرين على الاستثمار في القطاع الصناعي خاصة في منطقة الصعيد، والتوجه نحو التصدير. كذلك فإن هناك حوافز استثمار لمناطق بعينها حيث نجد مثلًا أن منطقة الوجه القبلي حظيت باهتمام كبير، حيث تم وضع حوافز للمستثمرين في ذلك كانت أبرزها منح أراضٍ بالمجان وتخفيضات على أسعار الطاقة والإعفاء من الضرائب، فضلًا عن منح الشركات المصدرة حوافز شبيهة. أما اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار، فقد تضمنت حوافز مشابهة للمستثمرين في مناطق قناة السويس وسيناء والعاصمة الإدارية الجديدة. وبالفعل طبقًا لما أعلنته الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار، فقد تمت تسوية مشاكل ل6 كيانات استثمارية كبرى كان على رأسها «الشرقيون» استنادًا إلى حوافز القانون الجديد. يرى عمر مهنا، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، أن الاستثمارات في الفترة القادمة ستتنوع وستنتعش بصورة غير مسبوقة، خاصة بعد تحرير سعر الصرف وتراجع تكلفة الأيدي العاملة لتصبح القطاعات التي تعتمد على الأيدى العاملة قطاعات مميزة. كذلك فإن الاتفاقات التجارية التي تربط مصر بعدد من الدول خاصة الإفريقية تجعل من مصر مركزًا تصديريًا مميزًا لمعظم الشركات العالمية لإنتاج سلع صناعية متنوعة في مصر وتصديرها إلى تلك الأسواق. من هُنا فإن قطاع الصناعة سيكون قطاعًا مميزًا لمعظم المستثمرين الأجانب في الفترة المقبلة. ويقول عُمر مهنا: إن قطاع البتروكيماويات هو الآخر سيكون من القطاعات الجاذبة، فضلًا عن قطاعات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والنقل، واللوجيستيات. على المستوى الجغرافي يرى «مهنا» أن منطقة قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، ستجذب كثيرًا من المستثمرين المحليين والأجانب. ويضيف أن ذلك لا يعنى أن المناطق الصناعية التقليدية في 6 أكتوبر والعاشر من رمضان وغيرها من المدن الصناعية لن تكون جاذبة، موضحًا أن المصانع والشركات القائمة ستصبح أكثر قدرة على عمل توسعات كبيرة توفر المزيد من فرص العمل. يرى المهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات، أن صدور قانون التراخيص الصناعية الجديد يفتح المجال لتدفق استثمارات كبيرة في القطاع الصناعي، ويقول إن مثل هذا القانون كان حلمًا لكافة رجال الصناعة. ويوضح أنه لأول مرة يتم الموافقة على إصدار التراخيص الصناعية بمجرد الأخطار. النبرة المتفائلة يستكملها المهندس طارق توفيق، رئيس غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، بالتأكيد على أن كثيرًا من الشركات العالمية بدأت في نقل مراكزها الإقليمية بالمنطقة إلى مصر، خاصة بعد التحسن المتحقق عقب قرار تحرير سعر الصرف.