كتب: مظهر السقطي حلمت «حنان» باليوم الذى سوف ترزق فيه بمولود ذكر حتى تقطع ألسنة الأهل والأقارب والجيران الذين دأبوا على معايرتها بأنها لن تنجب سوى البنات بعد أن أنجبت ثلاث بنات، الواحدة تلو الأخرى وكانت معايرة نساء عائلتها لها كالسهام المسمومة، التى تمزق أحشاءها وتقتلها فى اليوم ألف مرة وزاد من آلامها وحقدها معايرة حماتها وتهديدها لها بأنها ستبحث لابنها عن زوجة أخرى تأتى له بالصبى، الذى يحمل اسمه ما أصاب حنان بحالة نفسية سيئة أفقدتها عقلها بل أصابتها بجنون الانتقام الوهمى الذى زرعته فى مخيلتها المريضة وسيطرت عليها رغبة محمومة فى الانتقام من كل أهالى قريتها بمن فيهم عائلتها وظلت تفكر فى الطريقة التى تذيقهم كاسات العذاب وبعد تفكير عميق وسوس لها شيطانها حيلة لا تخطر على عقل بشر وهى أن تقتل كل طفل ذكر تصل له يداها وتتخلص منه فى الخفاء لكى تظل بعيدة عن الشبهات وتواصل مسلسل انتقامها من أهالى قريتها. عام كامل تحالفت فيه «حنان» مع الشيطان فى ارتكاب جرائمها البشعة واشتركت مع «أفناد» حماتها دون أن يشعر بها أو يكتشفها أحد من أهل قريتها بدار السلام، جنوب شرق محافظة سوهاج ورغم أن مصر شهدت العديد من القصص والأساطير والوقائع البشعة على مر العصور والتاريخ الأسود للجناة السفاحين أصحاب القلوب المتحجرة أو الأشد قسوة من الحجارة ويذكر التاريخ الدامى قصصاً مرعبة أبطالها سفاحون وقعت على أرض مصر أشهرها «ريا وسكينة». «حنان وأفناد» والدافع الغريب الذى صرحتا به عقب القبض عليهما كثرة معايرة الجميع للأولى بأن خلفتها بنات وأن باقى نساء العائلة والعائلات المجاورة يلدن ذكوراً وهو ما جعلها تقرر أن تحرق قلوب أمهات الذكور على أبنائهم وفلذات أكبادهم انتقاماً منهم لمعايرتها المستمرة وذلك بمساعدة حماتها التى كانت تسمع هى الأخرى معايرة زوجة ابنها. السفاحتان بدأتا نشاطهما الإجرامى من شهر سبتمبر من العام الماضى وكان أول ضحية لهما الطفل آدم صاحب العام ونصف العام والذى خطفته «حنان» وسلمته إلى حماتها والتى بدورها ألقت به حى فى بئر للصرف الصحى فى منزلها وبعده كانت الطفلة حنين التى لم تكمل عامها الثالث وتمكنت السفاحة من خطفها ومعها دراجتها الصغيرة والتى كانت تلعب بها بجوار منزلها وزجت بها «حنان» بحالتها داخل فرن بلدى ولكن ظلت العجلة شاهد حزين على فعلتها النكراء التى يندى لها الجبين ولم يسلم من براثنها الطفل يوسف، صاحب العامين والذى اختطفته من أمام منزله وأحرقته فى نفس الفرن بمنزل مهجور ملك «أفناد» وتعطشت «حنان» أكثر للدماء وبحثت عن طفل أو طفلة حتى تقدمه قرباناً لشيطانها الدموى فلم تجد أمامها سوى محمد، صاحب الثلاث سنوات نجل شقيقها والذى كلما رآها يهرول إليها ويرمى بجسده الصغير فى حضنها ويوسعها قبلات كل هذا لم يشفع له ونفذت ما أمرتها به «أفناد» فاختطفته وكان اختفاؤه هو مفتاح حل لغز سلسلة الجرائم البشعة التى لم تخطر على بال أحد. نجحت «حنان» فى تنفيذ انتقامها ببراعة فائقة لدرجة أنها لم تترك أثراً يدل عليها ولم يشك الاهالى لحظة أنها وراء اختفاء آدم ويوسف ومحمد حسين، بل إنها كانت تتظاهر بمشاركة أقارب الأطفال فى البحث عنهم وتقوم بمواساة أمهاتهم حتى شاءت الأقدار أن ينكشف ستر تلك السفاحة القاتلة التى تجردت من مشاعر الإنسانية والرحمة واتبعت خطوات الشيطان الذى سول لها قتل الأطفال الأبرياء بلا ذنب ووصلت بها القسوة والجبروت أن تتعقب نجل شقيقها الذى لم يتجاوز الثلاث سنوات وظلت تتحين الفرصة لقتله وبالفعل استدرجته إلى سطح المنزل وقامت بخنقه بيديها، وحاول محمد أن يستعطفها بنظراته البريئة أو أن يسترحم قلبها المتحجر بمحاولة التملص من بين يديها وكلما يحاول الصراخ والمناداة على من ينقذه من براثن عمته زادها صراخه إصرارى على قتله وتضييق الخناق على رقبته الصغيرة التى كادت تفصل عن جسده بين مقصلة يديها التى ازدادت حدتها مع ازدياد جرائمها وكادت عينا الطفل المسكين أن تنفجرا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وسكنت حركته وتركته جثة هامدة بعد أن خبأته فوق سطح المنزل حتى تتحين الفرصة للتخلص من جثته وذهبت بكل برود أعصاب تساعد أم الطفل وأباه فى البحث عنه وبعد أن أعيا الأسرة التعب من البحث عن الذى لن يعود قاموا بإبلاغ الشرطة والتى وصلت القرية فخشيت السفاحة الملعونة من انكشاف أمرها ذهبت مسرعة إلى السطح مرة أخرى لإخفاء جثة الطفل، ووضعت الجثة داخل فرن بلدى وأشعلت النار فى جثته لكى يتحول إلى رماد وتختفى معالم جريمتها ونسيت أن الله لها بالمرصاد وأنه يمهل ولا يهمل فعند نزولها من أعلى درجات السلم لمحها رجال الشرطة وشكوا أن هناك سراً وراء هرولتها ومحاولة هروبها دون أن يراها أحد، فأسرعوا برفقة الأهالى إلى سطح المنزل ليجدوا فى انتظارهم مفاجأة مدوية وهى اشتعال النيران من فرن بلدى وامتدت لتطول بعض المخلفات بجوارها وانبعاث رائحة غريبة تشبه الرائحة التى تنبعث من شى اللحوم فى محلات الكباب وأسرع رجال الشرطة والأهالى بإطفاء النيران لتكون المفاجأة الكبرى فى انتظارهم وهى أن هذه الرائحة لطفل كادت تلتهم عظامه النيران ولكن شاءت الأقدار أن تظل بعض الملامح للطفل المختفى محمد، بينما أسرعت عمته «حنان» للاختفاء وراء أحد الاعمدة أعلى سطح منزل عمها المجاور حتى لا يراها أحد. طاردها رجال الشرطة وتم القبض عليها وروت للنيابة العامة فى اعترافها بقصتها كاملة بداية من خطف الأطفال حتى التخلص منهم وأرشدت على مكان ما تبقى من رفاتهم بتحريض ومساعدة السفاحة الأخرى حماتها «أفناد» لتضع النيابة العامة نهاية قصة اختفاء أطفال قرية الدنافقة التى حيرت رجال الشرطة ولكن نهاية السفاحتين لم تنته بعد.