بعد 3 أشهر من القلق والتوتر وطلقات الرصاص ورائحة الغاز والقتلى والمصابين وبيوت هجّرت ومتاجر أغلقت ومؤسسات حكومية عطلت، يعيش شارع "محمد محمود" قرب ميدان التحرير في وسط القاهرة، حالة من الهدوء بعد أن قام أهالي عابدين بإزالة الأسلاك الشائكة التي وضعتها قوات الأمن واستخدام الحبال والآليات في تنحية الكتل الخرسانية، وفتحوه أمام السيارات والمارة. وكان العشرات من أهالي المنطقة قد نظموا مسيرة إلى مقر مجلس الشعب للمطالبة بإزالة الجدران الخرسانية العازلة في محيط وزارة الداخلية لإعاقتها حركة السير والبيع والشراء، رافعين لافتات مكتوب عليها: «استغاثة من أهالي عابدين لفك الحصار الخرساني بشارع محمد محمود» و«أهالي عابدين وأصحاب المحال محاصرون بفعل فاعل» و«يا داخلية يا داخلية احنا معاكوا يا داخلية... جداركم عازل ليه؟». كما رددوا هتافات: «تعمل ايه لو كنت مكاني...الجدار العازل وقف حالي» و«يا داخلية يا داخلية الجدار العازل ضرر ليّا». وقام عدد من الشباب، وفناني «الغرافيتي» في رسم صور شهداء الثورة وصور لوجوه جديدة من شباب ألتراس النادي الأهلي، من ضحايا مذبحة ستاد بورسعيد، في ذكرى موقعة الجمل على حوائط بنايات شارع محمد محمود. وعادت صور الشهداء لتطل من جديد على سور الجامعة الأمريكية في الشارع، بعد أن قام عمال تابعون لإدارة الجامعة بمحو الجداريات التي سجلها المتظاهرون وفنانو «الغرافيتي» على الجدار نفسه خلال أحداث محمد محمود في نوفمبر الماضي. ورسم فنانون جداريات كتبت عليها لافتات «الحرية مش ببلاش»، و«دم الشهداء مش هيضيع هباء»، في عدد من الشوارع الحيوية في وسط البلد وهي يوسف الجندي، ومحمد محمود، وقصر العيني، والشيخ ريحان وكان آخرها جداريتان بشارعي محمود فهمي والفلكي في محيط وزارة الداخلية، كتب عليهما الثوار جُملاً ثائرة ووضعوا رسومات غاضبة لتبقى شاهدا على الأحداث. وعلى سور الجامعة الأمريكية أيضا سجل فنانو الرسم والجرافيتي لوحة تسجل صعود الشهداء الى الجنة مستلهمين فيها أساليب الرسم المصري القديم والأوضاع التي تتخذها الشخوص في اللوحات المسجلة على جدران المعابد الجنائزية. أحداث "محمد محمود" التي بدأت في مستهل يناير الماضي، لم تكن الأولى من نوعها التي يشهدها الشارع فقد وقعت اشتباكات وتظاهرات في ميدان التحرير ومحيطه بشارع محمد محمود عقب جمعة المطلب الواحد، بدءا من 19 نوفمبر 2011 حتى 26 الشهرنفسه في أعقاب دعوة بعض الحركات السياسية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الى ما سموه جمعة «المطلب الواحد» في ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر، مطالبين بسرعة نقل السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى حكومة مدنية منتخبة.