ضعف المخصصات المالية يحول دون الترميم والصيانة أحمد عودة: «صح النوم يا وزارة العدل» 6 سنوات مرت على حريق مجمع محاكم الجلاء وعدد من محاكم البلاد فى أحداث ثورة 25 يناير 2011، وأحداث العنف والإرهاب عقب ثورة 30 يونيه 2013، ودن تحرك من جانب الحكومة لترميم هذا المجمع وبعض المحاكم التاريخية التى ما زالت كما هى دون ترميم منذ إحراقها. إذا مررت من أعلى كوبرى أكتوبر ونظرت إلى مجمع الجلاء تشعر بالحزن والأسى على هذا الصرح الكبير الذى أحرقته نيران الفوضى وما زالت جدرانه ونوافذه كما هى لم تتغير ولم يترمم من جانب وزارة العدل التى لا نعرف حتى الآن لماذا لم تتحرك فى اتجاه ترميم هذا الصرح الكبير. وإذا وصلت إلى مديرية أمن القاهرة فى أى وقت لقضاء مصلحة أو إنهاء أى إجراءات تجد بجانبك المبنى التاريخى والمحكمة العريقة «محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية» والسواد يكسوها بعد إحراقها فى 2013، ولا تزال حتى الآن كما هى دون ترميم أو اتخاذ أى إجراء بشأنها رغم أنها إحدى المحاكم التاريخية فى مصر وشهدت قاعاتها قضايا تاريخية أثارت الرأى العام. وزارة العدل متمثلة فى صندوق أبنية المحاكم أرجعت السبب الرئيسى فى عدم ترميم هذه المحاكم إلى ضعف المخصصات المالية التى تحتاجها الصيانة والترميم، ما أدى إلى أن يبقى الوضع كما هو عليه منذ 6 سنوات، إلا أنه تم ترميم بعض المحاكم فى المحافظات. ومن ضمن المحاكم التى تم إحراقها أيضاً، مجمع محاكم الإسماعيلية، ومجمع محاكم شمال الجيزة، ومجمع محاكم المنيا، ومحكمة دمنهور الابتدائية، محكمة الدخيلة بالإسكندرية، ومحكمة مرسى مطروح. وفى الساعة الرابعة من فجر يوم 30 يناير 2011 اقتحمت مجموعة كبيرة من المخربين مجمع محاكم الجلاء، حيث استولت على ملفات القضايا وتسلل بعضهم إلى الدور السادس من المبنى وأشعلوا النيران فيه والتى أتت على جميع ملفات القضايا ومركز الحفظ والأحراز. وسرقت بعض المكاتب والمراوح وأجهزة الكمبيوتر وتم تحطيم أجهزة التكييف بمكاتب النيابات، وغلق جميع مكاتب النيابات بالمجمع وتحولت أوراق ومحاضر القضايا لأكوام سوداء. أما محكمة جنوبالقاهرة فقد تعرضت فى 4 أبريل 2013 لحريق هائل شب فى الطابق الأخير منها أتى تماماً على كل ما فيه، وبعد معاينة المبنى أوصت اللجنة الهندسية المختصة بترميم المبنى إلا أن وزارة العدل أكدت أن عملية الترميم بحاجة إلى مبالغ ضخمة، خصوصاً أنها محكمة تاريخية عاصرت فترات مهمة من تاريخ مصر، ومطلوب لترميمها اشتراطات معينة، بحكم تسجيلها ضمن المبانى ذات الطابع الخاص. ومن ضمن القضايا التاريخية التى شهدتها المحكمة التى أنشئت فى 1884 محاكمة الرئيس الراحل أنور السادات التى عقدت فى قاعة 6 بالدور الأرضى فى عام 1948 فى قضية اغتيال الوزير أمين عثمان، قضية أحداث يناير 1977 وقضية الجاسوس عزام عزام ونواب القروض، وقضية رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى الخاصة بمقتل الفنانة سوزان تميم، وقضية يوسف والى وزير الزراعة الأسبق ضد جريدة «الشعب»، إضافة إلى تحقيقات قضايا قتل المتظاهرين وأحداث الثورة منذ بداية الأحداث فى 25 يناير 2011 حتى الآن. من جانبه، قال المستشار عبدالهادى محروس، مساعد وزير العدل لشئون صندوق أبنية المحاكم، إن ما يعيق الوزارة عن ترميم مجمعات المحاكم التى تم إحراقها منذ ثورة يناير 2011 وأحداث العنف والإرهاب التى أعقبت ثورة 30 يونيه 2013 هو المخصصات المالية الضعيفة التى خصصتها وزارة المالية للصندوق فى الموازنة العامة للدولة. وأضاف محروس: إن مجمع محاكم الجلاء وحده يحتاج من 150 إلى 200 مليون جنيه حتى يتم ترميمه بالشكل المناسب الذى يعيده إلى حالته الطبيعية التى كان عليها قبل احتراقه، مشيراً إلى أن المجمع يحتاج إلى تغيير كامل فى النظام الأمنى الالكترونى وتركيب مجموعة من الكاميرات فى مختلف الأماكن لأن الحريق أتى على كل شىء فى المبنى عن أجهزة التكييف والنوافذ المحطمة. ويرجع لصندوق أبنية المحاكم مهمة ترميم وإعادة بناء الكثير من دور المحاكم والشهر العقارى التى تم تخريبها وإحراقها فى أحداث العنف والإرهاب التى تعرضت لها البلاد خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى المساهمة فى عملية التطوير التقنى للمحاكم ومقار الشهر العقارى. ووفقاً لبيان وزارة المالية لمصروفات الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2017/2018 بلغت المصروفات فى موازنة الهيئة العامة لصندوق أبنية دور المحاكم، نحو 537 مليون جنيه موزعة على الأجور والتعويضات بواقع 13 مليون جنيه، وشراء السلع والخدمات بواقع 60 مليون جنيه، والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بواقع 40 ألف جنيه، والمصروفات الأخرى بواقع 23 ألف جنيه، والاستثمارات بمبلغ 400 ألف جنيه، فيما بلغت الإيرادات 467 مليون جنيه، بعجز يبلغ 70 مليون جنيه. ورغم نقص المخصصات المالية، إلا أن هناك عدد من المحاكم تم افتتاحها خلال الفترة الماضية، منها مجمع محاكم مركز الغنايم بعد ترميمه وتطويره بتكلفة 3 ملايين جنيه ومجمع محاكم الإسماعيلية الذى تم احتراقه وساهمت هيئة قناة السويس، بنصف التكلفة الخاصة بترميم المجمع ومحكمة الرحمانية فى محافظة البحيرة ومجمع محاكم مرسى مطروح ومحكمة القورنة فى الأقصر ومجمع محاكم البرلس بكفر الشيخ بتكلفة بلغت 40 مليون جنيه. وقال مصدر مسئول بمجمع محاكم الجلاء إن طاقة المجمع حالياً تتمثل فى 3 قاعات و6 نيابات وأضاف المصدر: إن الثلاث قاعات خاصة بقضايا أقسام الساحل والأزبكية وبولاق، أما النيابات فهى الظاهر والشرابية والساحل والأزبكية وشبرا والزاوية. وأوضح المصدر أن الأجزاء المغلقة من المجمع نتيجة الحريق تم نقل النيابات والقاعات الخاصة بها إلى محكمة زينهم، مشيراً إلى أن ترميم المجمع يتوقف حالياً على التكاليف المالية حيث كانت القوات المسلحة طلبت قبل عامين 60 مليون جنيه، ولكن بعد ارتفاع الأسعار حالياً قد يتضاعف هذا المبلغ. ويتكون المبنى من 7 طوابق كان بها 12 دائرة لمحكمة الجنح ونياباتها الجزئية، تشمل شبرا وروض الفرج والأزبكية وبولاق والدرب الأحمر والسيدة زينب والجمالية ومصر القديمة وباب الشعرية والموسكى، بجواره مبنى الشهر العقارى، وهو أيضاً محترق منذ ثورة يناير ولم يتم هدمه أو ترميمه، ووضع المبنى حالياً يشكل خطورة على المبنى الخلفى للمحكمة الذى لا يزال يعمل. من جانبه قال أحمد عودة الرئيس الشرفى لحزب الوفد والمحامى بالنقض إن عصابات التخريب والنسف والتدمير نجحوا فى إحراق بعض دور المحاكم تمهيداً للاستيلاء على الحكم بالقوة ولكن نجاح ثورة 30 يونيه قضى عليها. وأشار عودة إلى أن بعض أجهزة المحليات نجح فى إعادة ترميم وإصلاح أقسام ومراكز الشرطة والمحاكم، إلا أن بقاء أرض ومبانى مجمع المحاكم بشارع الجلاء بوسط القاهرة شاهد على ما حدث من إحراق وتدمير وسرقة أدت إلى تعطل أعمال ما يزيد على عشر محاكم جزئية اضطرت معه وزارة العدل إلى نقلها إلى مقرات بعض المحاكم الأخرى لتتحمل فوق طاقتها، فأصبحنا نرى إحدى المحاكم الجزئية داخل المجمع المذكور المحترق ومقراتها بقايا المجمع لتقف شاهدة على بقايا الحرق والتدمير. وتساءل الرئيس الشرفى لحزب الوفد هل يجوز أن أتساءل - بعد نجاح الثورة لأكثر من ست سنوات - لماذا لم يتم ترميم أو إزالة وإعادة بناء المجمع طيلة هذه الفترة..؟! وهل من اللائق أن يبقى هذا الأثر السيئ شاهداً على نظام وزارة العدل فى إدارة مرفق المحاكم..؟؟ وإلى متى يستمر النوم يا وزارة العدل..؟! وقد أصبحت إيرادات المحاكم تدخل إلى خزائن الدولة ولا ينفق بعضها على إعادة ترميم وإصلاح مجمع المحاكم ليبقى شاهداً على نوم لا نظير له فى باقى أجهزة الدولة فوا أسفاه..!!