لا تحل ذكريات الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة، فى كل عام، إلا ويتذكر أهل الأقصر، كبارها وشبابها، قصص بطولات ابن الأقصر، المقاتل المصرى، الجسور، الشهيد سيد زكريا خليل، الذى اعترف ببطولاته أعداوئه بالمعركة التى جرت على أرض سيناء الحبيبة، إذ وبعد 23 عامًا من قيام حرب أكتوبر المجيدة، فوجئ السفير المصرى، فى ألمانيا، خلال احتفالات السفارة بذكرى نصر أكتوبر، بقيام السفير الإسرائيلى بألمانيا بطلب التحدث معه، فى أمر مهم، كاشفًا عن أنه كان جنديًا إسرائيليًا سابقًا، شارك فى العدوان الإسرائيلى على سيناء. وأخرج السفير الإسرائيلى من حقيبته سترة قديمة، للمجند البطل، سيد زكريا خليل، وخطابًا كان قد كتبه الشهيد سيد زكريا لشقيقه الأكبر، لكنه لم يتمكن من إرساله. وروى الجندى الإسرائيلى، لسفير مصر بألمانيا عن بطولات الشهيد البطل سيد زكريا خليل قائلاً: «إن البطل سيد زكريا، تسبب فى تدمير 3 دبابات إسرائيلية، وقتل طاقمها المكون من 12 جنديًا، ثم قضى على سرية مظلات إسرائيلية بها 22 جنديًا.. مما أرغم القوات الإسرائيلية، على أن ترسل طائرة بالمظليين، فقام المجند البطل سيد زكريا خليل، بإصابة الطائرة بقذيفة موجهة جعلت الجنود يقفزون واحدًا تلو الآخر، والمجند يصطادهم برصاص بندقيته، حتى أسقطهم جميعًا قتلى.. وبعدها – والرواية للجندى الإسرائيلى السابق فى لقائه بسفير مصر بألمانيا - أرسل الجيش الإسرائيلى كتيبة صاعقة، مكونة من 100 جندى، وطائرة هليوكوبتر، لمحاصرة المجموعة المتبقية من الجنود المصريين، وأرسلت الطائرات الإسرائيلية نداءات للاستسلام، لكن قائد المجموعة المصرية، وقتها رفض التسليم، فاستشهد وباقى مجموعته، وبقى على قيد الحياة البطل سيد زكريا ومجند آخر. وظل المجندان يقاتلان حتى استشهد أحدهما وبقى سيد يحارب وحده، ليلا، حتى ظن الأعداء أنهم أمام كتيبة كاملة. وقال الجندى الإسرائيلى إنه ظل محتفظًا بهذه المتعلقات طوال هذه المدة تقديرًا لهذا البطل، وأنه بعدما نجح فى قتله قام بدفنه بنفسه، وأطلق 21 رصاصة فى الهواء تحية الشهداء.. وجاء هذا الاعتراف للسفير المصرى من قبل الجندى الإسرائيلى السابق بعد تردد بالغ فى كشف هذا السر.. وقال الجندى الإسرائيلى، إنه كان مذعورًا من هذا الشخص الذى يقتل رفاقه واحدًا تلو الآخر ولم يكن يصدق أنه نفر واحد وقال إنه كان خائفًا وكان مختبئًا حتى تتاح له الفرصة لقتله. وكما تروى الباحثة منى عبده، فى دراسة لها عن سيرة وبطولات سيد زكريا خليل، فإن قصة الشهيد سيد زكريا خليل، واحدة من بين مئات القصص التى أبرزت شجاعة المقاتل المصرى، وهى واحدة من بين مئات البطولات التى لا نعلم عنها شيئًا، عن جنودنا ومقاتلينا بساحة الحرب فى سيناء وعلى ضفة القناة، مثل قصة سيد زكريا خليل، التى ظلت فى طى الكتمان طوال 23 سنة كاملة، حتى اعترف بها جندى إسرائيلى سابق فى ميدان المعركة، هو سفير إسرائيل بألمانيا، ونقلت وكالات الأنباء العالمية قصة شهيد الأقصر وأحد أبطال القوات المسلحة المصرية سيد زكريا واطلقت عليه لقب «أسد سيناء». وتعود قصة الكشف عن بطولات سيد زكريا، إلى عام 1996، فى ذلك الوقت كان سيد زكريا قد عُد من ضمن المفقودين فى الحرب، وفى هذا العام اعترف سفير إسرائيل فى ألمانيا، للسفير المصرى، بأن سيد زكريا خليل كان مقاتلاً فذاً وأنه قاتل حتى الموت وتمكن من قتل 22 إسرائيليًا بمفرده. رسالة إلى الشقيق وبجانب السترة التى سلمها الجندى والسفير الإسرائيلى، لسفير مصر بألمانيا فى عام 1996، رسالة تركها لأخيه، وجاء فيها «أخى العزيز أحمد زكريا خليل تحية طيبة وبعد.. إننى أكتب لك هذه الرسالة وأنا فى ظروف غير عادية أما إذا أصبحت شهيدا فلا تحزنوا على أبدا لأنى سأكون فى منزلة عند الله لا يصل إليها أحد إلا الأنبياء وقال الله فى كتابه الكريم «ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» صدق الله العظيم، وهذا مرادى من الله عز وجل وهذا ما أتمناه طوال حياتى، ملحوظة: احتفظوا بهذه الرسالة ربما تكون الأخيرة منى لكم والله أعلم. وكان هذا نص آخر رسالة كتبها سيد زكريا خليل، فى 4 أكتوبر 1973. القصة الكاملة للاستشهاد وكما تقول الباحثة منى عبده، فقد بدأت قصة الشهيد بصدور التعليمات فى أكتوبر 73 لطاقمه المكون من 8 أفراد بالصعود إلى جبل الجلالة بمنطقة رأس ملعب، وقبل الوصول إلى الجبل استشهد أحد الثمانية فى حقل ألغام، ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى بالاختفاء خلف احدى التباب وإقامة دفاع دائرى حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أى هجوم، وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يحذران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة فى اتجاه معين وبعد انصرافهما زمجرت 50 دبابة معادية تحميها طائرتان هليكوبتر وانكمشت المجموعة تحبس أنفاسها حتى تمر هذه القوات ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلفة بها. وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة، ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب غازى أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق، ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت بأحد التلال وكانت مياه الشرب قد نفدت منهم فتسلل الأفراد أحمد الدفتار – وسيد زكريا – وعبدالعاطى – ومحمد بيكار – إلى بئر قريبة للحصول على الماء، حيث فوجئوا بوجود 7 دبابات إسرائيلية فعادوا لإبلاغ قائد المهمة بإعداد خطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس، وتم تكليف مجموعة من 5 أفراد لتنفيذها منهم – سيد زكريا – وعند الوصول للبئر وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر. وفى طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود 3 دبابات بداخلها جميع أطقمها، فاشتبك سيد زكريا وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض وهاجمت بقية المجموعة الدبابات وقضت بالرشاشات على الفارين منها، وفى هذه المعركة تم قتل 12 إسرائيليا، ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتى هليكوبتر تجوب الصحراء بحثًا عن أى مصرى للانتقام منه، ثم انضمت إليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من إحدى الطائرات يطلب من القائد غازى تسليم نفسه مع رجاله. وقامت الطائرات بإبرار عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندى حسن السداوى بإطلاق قذيفة (آر. بى. جى) على إحدى الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها فى محاولة للنجاة حيث تلقفهم – سيد زكريا – أسد سيناء برشاشه وتمكن وحده من قتل 22 جنديًا. واستدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أنزلت جنودًا بلغ عددهم مائة جندى اشتبك معهم أسد سيناء وفى هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب صفى الدين غازى بعد رفضه الاستسلام، ومع استمرار المعركة غير المتكافئة استشهد جميع أفراد الوحدة واحداً تلو الآخر ولم يبق غير أسد سيناء مع زميله أحمد الدفتار فى مواجهة الطائرات وجنود المظلات المائة، حيث نفدت ذخيرتهما ثم حانت لحظة الشهادة وتسلل جندى إسرائيلى «السفير الإسرائيلى فى ألمانيا» خلف البطل وأفرغ فى جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات ليستشهد على الفور ويسيل دمه الذكى على رمال سيناء الطاهرة.