نقل تبعية «قصور الثقافة» ل«التنمية المحلية».. مجرد أكاذيب زيادة عدد الموظفين في الوزارة ليس شأنها.. والدولة تضم جيشاً من العاملين 3 ملايين يورو لا تكفي لاختيار القاهرة عاصمة عالمية للكتاب.. وعلى المهاجمين تحري الدقة على عتبة التفاؤل يقف «حلمى النمنم» دائماً، لا يحاول الالتفات إلى النقد الهدام لإيمانه بأن الالتفات للوراء يربك الإنسان وربما يدفع به للسقوط فى بئر بلا قاع.. للحقيقة لم يصعد الرجل بمحض الصدفة أو بدعم من أحد فقد كان أبرز قيادات الوزارة وله دور بارز ومؤثر فى النهوض بأداء الهيئة العامة للكتاب.. قد نختلف مع رؤية وسياسات حلمى النمنم داخل وزارة الثقافة، لكن يجب أن نعترف بأنه إنسان وطنى ولديه رغبة فى إثبات الذات وعمل حراك ثقافى. حوار طويل مع حلمى النمنم، وزير الثقافة، أجاب خلاله عن العديد من الأسئلة التى فرضت نفسها مؤخراً ومنها: لماذا لم يتم اختيار القاهرة عاصمة عالمية للكتاب؟، ولماذا تحولت الوزارة إلى تكية للموظفين الرافضين للعمل؟، وهل زاد عدد خصومه وهبط مؤشر المحبين؟ وما توقعاته للدورة الجديدة من مهرجان القاهرة السينمائى؟. هل هناك تغيرات طرأت على سماتك الشخصية بسبب مهام ومسئولية الوزير؟ - الحمد لله لم يطرأ أى تغيير، ولكن المسئولية تجعل الإنسان دائماً فى حالة تركيز وخاصة إذا كنت تريد أن تنجح وتحقق شيئاً إيجابياً، أنا ككاتب ومسئول أحب الاجتهاد فى عملى ولا أحب الحلول السهلة، تقدر تقول إننى لم أتغير ولكن أصبحت بحكم المنصب مهموماً وفى حالة ترقب دائم ولكنى أيضاً متفائل بمستقبل بلدى وبالمواهب الجديدة، تعلمت أن أنتطر الخير من رحم الغيب. هل تشعر فى هذه المرحلة بأن خصومك أكبر من عدد محبيك؟ - بالتأكيد لا.. لو أن عدد الخصوم أكبر كان استمرارى فى موقعى كوزير أو كاتب فى أداء دورى أمراً صعباً وكنت فشلت فى كثير من الأمور.. أشعر والحمد لله بأن المحبين والداعمين أكثر. شن المثقفون ضدك مؤخراً حملة هجوم ضارية بشأن أمور مختلفة.. ما تفسيرك لهذا الهجوم؟ - أنا فى الأصل صحفى وأتفهم جيداً دور الصحافة وتعلمت أن أقرأ حتى أقف على تفاصيل الأشياء، ولكنى لا أستسلم أو أعتبر الهجوم بداية الانهزام بالعكس، يزيدنى الهجوم قوة وأعتبر اختلاف المثقفين حول سياساتى ظاهرة صحية، لو استسلم الإنسان للنقد والهجوم لن يستمر. عندما تأسس الوفد الجديد عام 77 و78 تعرضت القيادات الوفدية لحملات هجوم ضارية لو أن هذه القيادات رفعت راية الاستسلام لاختفى الوفد ولم يكن لدينا الآن جريدة «الوفد».. لا أتحدث عن الوفد بصفة خاصة ولكنى أتعمد الإشارة إلى أن الهجوم يجب أن يكون دافعاً للاستمرار. البعض يرى أن وزارة الثقافة أصبحت تكية لموظفين ليسوا راغبين فى العمل.. ما تعليقك؟ - يجب أن يعلم الجميع أن زيادة عدد الموظفين ليس شأناً خاصاً بوزارة الثقافة.. الدولة بها جيش من الموظفين يصل إلى 7 ملايين موظف، لو طبقنا المعايير الفعلية لحاجة العمل سوف نكتشف أننا فى حاجة إلى مليون موظف فقط.. أقصد من كلامى أن وزارة الثقافة ليست بدعة فى هذا الأمر. الشىء الذى أحب التأكيد عليه أيضاً هو أن هؤلاء الموظفين لم يتم تعيينهم فى وجودى، أعترف بكل صراحة بأنه يوجد أعداد زيادة من العمالة فى كل مؤسسات الدولة. هل تشعر بالتوفيق فى اختيار كل قيادات الهيئات التابعة لوزارة الثقافة؟ - إلى حد كبير أشعر بالتوفيق فى اختيار القيادات التى تولت مناصب.. ولكن فى كثير من الأحيان تختار شخصاً والظروف المحيطة تكون أقوى منه فلا يستطيع القيام بمهام المنصب أو قد يفشل فى مواجهة ظروف طارئة، وهذا أمر وارد ولذا ألجأ إلى التغيير والاستعانة بآخر أكثر مهارة وموهبة. فريق من المثقفين يتهمونك بالتقصير بسبب عدم اختيار القاهرة عاصمة عالمية للكتاب فى 2019.. ما تعليقك؟ - على الناس التى تهاجمنى أن تعلم جيداً أن الوزارة عندما تتقدم بملف كى تفوز القاهرة وتصبح عاصمة عالمية للكتاب.. أن هناك استمارة استبيان وعلى كل الدول أن تقوم بملء الاستمارة، وكما يعلم الجميع هناك شروط ومعايير دولية لتنظيم الحدث، وأحب الإشارة إلى أنه تم اختيار الإسكندرية فى عام 2003 كعاصمة عالمية للكتاب وذلك لتشجيع ودعم مكتبة الاسكندرية ولم يحدث أن دولة فازت بهذا المنصب مرتين خلال 15 سنة، وبما أن المنصب كان فى أفريقيا فمن البديهى أن يذهب إلى آسيا فى 2019، ومن أهم الشروط والمعايير الدولية التى تجعلنا نفوز بالمنصب أيضاً الميزانية التى تم رصدها وقد رصدنا 3 ملايين يورو وتم اعتبار هذا المبلغ ضئيلاً جداً. وقد فازت الشارقة بالمنصب ويجب أن نفرح لها باعتبارها دولة عربية شقيقة، كما أننى تحركت فى حدود الإمكانيات المتاحة ولم يحالفنى التوفيق، لم أقصر وأشعر بالرضا عن ذاتى لأنى بذلت كل ما فى وسعى وتم استبعاد القاهرة بسبب الميزانية المقترحة وليس لأى شىء آخر. هل يعانى حلمى النمنم من أصحاب المصالح؟ - بالطبع أصحاب المصالح موجودون وعددهم كبير جداً وأعانى من طمعهم بالتأكيد وبالمناسبة هؤلاء معروفون بالاسم.. ولكنى أرفض التجريح والتشهير، أخلاقى وطباعى تمنعنى من ذلك، بالفعل فى أوقات كثيرة أشعر بأننى أسدد فاتورة ليس لى دخل بها لأننى أغلق أبواب الواسطة والمحسوبية ولا أفتح النوافذ والشبابيك أمام الطامعين. بصراحة شديدة هل تشعر بأن هناك من يحقد عليك بسبب نجاحك ويحاول دفعك للخلف؟ - عليك أن تعرف أننى قبل المجىء لوزارة الثقافة يوجد لدى خصوم بسبب انتمائى الفكرى وكتاباتى ضد جماعة الإخوان والجماعات الدينية المتشددة.. وبعد الوصول لمنصب الوزير أصبحت أعانى من عداوات وأحقاد بعض الأشخاص، كما أن أى مسئول يواجه أصحاب المصالح ويحاول المبتزون والطامعون الاستفادة منه، ولكن إلى جوار كل ذلك يوجد شرفاء كثيرون.. ولا أبالغ إذا قلت إن وجود الشرفاء هو السبب فى أن الدولة «واقفة على رجلها» وجعلنى أيضاً أستمر وأكمل فى منصبى. الخصوم يعادون حلمى النمنم الكاتب أم الوزير؟ - من الصعب الفصل بين الكاتب والوزير. ما الرؤية أو السياسة الثقافية التى تتبناها أو تسعى لتنفيذها؟ - منذ اللحظة الأولى قلت إن مهمتى تحقيق العدالة الثقافية وديمقراطية الثقافة.. بمعنى أن أصل للمواطن العادى وألا يقتصر دورى على النخبة.. فعندما دار الحوار بين النخبة سرق الإخوان الشارع.. أحاول استرداد الشارع.. لذا أنا سعيد لأن عدد زائرى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء يصل إلى 8 أو 9 آلاف زائر يومياً.. كما أن عدد المشاركين فى مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية بلغ خمسة آلاف مواطن، وكنت سعيداً بذلك ولذا طلبت من محافظ الإسماعيلية استغلال قطعة أرض فضاء لإقامة المهرجان حتى نتمكن من استيعاب الجمهور الذى جاء للمشاركة فى الفعاليات.. الرهان الوحيد على الشارع. هل تشعر بالرضا الكامل عن أداء قصور الثقافة؟ - مجموع النوافذ الثقافية 590، من هذا الرقم يوجد 485 يعمل بكفاءة كبيرة والباقى تحت الترميم، ولدينا بيوت ثقافة يتم ترميمها جزئياً وبيوت تم بناؤها من جديد، الشىء المهم الذى أحب الإشارة إليه هو أننى نجحت فى الوصول إلى المناطق الحدودية التى كانت تعانى التجاهل والنسيان. تعانى إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى من ضعف الميزانية.. فما الحل لخروج الدورة الجديدة بشكل مشرف؟ - بالفعل تقدمت إدارة مهرجان القاهرة السينمائى بطلب لزيادة الميزانية وقد طلبت من وزارة المالية رفع الميزانية وحدث بالفعل.. فقد نجحنا فى توفير احتياجات وطلبات إدارة مهرجان القاهرة السينمائى وهناك مساعٍ لاستضافة نجوم عالميين وأملى أن تخرج فعاليات مهرجان القاهرة فى دورته رقم 39 بشكل مبهر ولافت للأنظار. وهل هناك رجال أعمال تحمسوا لرعاية المهرجان؟ - حماس رجال الأعمال أمام الكاميرات فقط ولكن لا يوجد رجل أعمل قدم دعماً حقيقياً للمهرجان أو سعى من أجل ذلك.. فى العام الماضى أيضاً رجال الأعمال خذلونى. كيف يرى وزير الثقافة حال السينما؟ - ليست جميلة كما كانت فى الماضى، ولكنى متفائل رغم كل شىء، خاصة أن لدينا مبدعين فى التمثيل والإخراج والكتابة، وقد شهدت الفترة الأخيرة تجارب سينمائية جيدة وزاد معدل الإنتاج. مؤخراً تردد أن هيئة قصور الثقافة سيتم نقل تبعيتها إلى وزارة التنمية المحلية بسبب توسعها فى إنشاء مكتبات؟ - نقل تبعية قصور الثقافة إلى التنمية المحلية يعد كلاماً كاذباً لا أساس له من الصحة فقد انتشرت هذه الأقاويل بعدما حضر معى وزير التنمية المحلية افتتاح مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية، وبعدما تم الإعلان من جانب التنمية المحلية عن افتتاح عدد من المكتبات، ولكن قبل أيام تم الاحتفال بانتهاء ترميم مصحف عثمان بن عفان وحضر معى وزير الأوقاف، أقصد من كلامى أن هناك تعاوناً وتكاملاً بين الوزارات ولم يعد هناك جزر منعزلة، وسوف تشهد الأيام المقبلة توسيعاً فى اختصاصات وأنشطة الثقافة وليس الخصم منها. ماذا عن معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام؟ - مصر سوف تشارك كضيف شرف فى مهرجان الخرطوم، وتم اختيار الجزائر لتكون ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب، وأتوقع نجاحاً كبيراً وزيادة عدد الناشرين وإقبالاً جماهيرياً كبيراً كما شهدت الدورة الماضية.. فبالرغم من ارتفاع سعر الدولار والأحبار وتكلفة الكتاب، تهافت الجمهور وقدمت دور النشر مشاركات رائعة فى الدورة الأخيرة. ما الذى يتمناه وزير الثقافة مستقبلاً؟ - أتمنى أن نعمل جميعاً من أجل مصر، وأن يكون الدافع الوطنى هو المحرك الرئيسى فى كل شىء.. الإخلاص يبنى الأوطان والتربص وصيد الأخطاء أمور تعطل مسيرة التنمية والبناء.