أتعجب من سياسة حكومتنا الرشيدة التى لم تتغير عن سياستها قبل الثورة نحو دولة السودان الشقيقة والتى لا تتحرك نحو السودان الا حينما تتهدد مياه النيل من إحدى دول المنبع وكأن العلاقات الثنائية تقتصر على هذا الملف المهم فقط، بينما نظل نفكر فى الدول البترولية والأوروبية وحتى أمريكا أن يضخوا استثمارات تبعث العافية فى الاقتصاد المصرى والكل يعلم أن أهل الدرهم والدينار يخشون كل ما هو مصرى لاعتقادهم أن المصريين أصابهم فيروس الثورة وأينما حلوا يمكنهم نقله لبلادهم المحكومة بأسر ملكية أو أميرية, بينما أهل اليورو يؤوون كبار اللصوص الذين نهبوا أموال البلاد وأودعوها فى بنوك تلك الدول, أما أبناء العم سام فيتحججون بعدم تقديم مساعدات إلا عندما يتأكدون أن مصر ستسير إلى ديمقراطية يرضون عنها وليس كما يريدها المصريون. الزيارة الوحيدة التى قام بها عصام شرف وأعضاء حكومته جاءت بعد أسابيع قليلة على نجاح الثورة ولم يكن هناك إعداد لمشروعات مشتركة وكانت بمثابة مباركة شعبية ورسمية من السودان بنجاح ثورة مصر وتأييدهم لها وإبداء نوايا طيبة لبدء عهد جديد فى العلاقات وأهدى الرئيس البشير الشعب المصرى كمية ضخمة من المواشى على نفقته الشخصية, وتكررت اللقاءات الرسمية كما كانت فى النظام السابق مقتصرة على وزير الرى. وكأننا نطبق أغنية عبدالوهاب بفكر فى اللى ناسينى وأنسى اللى فاكرنى, إن الشعب السودانى يحب الشعب المصرى والمسئولون السياسيون كما هو معلن متوافقون فأين المشكلة؟ وسبق أن أعلن الرئيس السودانى عن استعداده تخصيص أراض صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية لحساب مصر مثل القمح, بل إنه عرض ذلك على مبارك منذ سنوات واعتذر خشية أن تزعل منه أمريكا فهل حكومتنا لا تزال تخاف أمريكا ولا تزرع القمح فى السودان. السودان يستورد سلعا استهلاكية من جميع بلاد العالم والمنتجات المصرية نادرة بسبب تكاسل المصدرين عن زيارة السودان ومعرفة احتياجاتهم بل وإقامة مصانع فى بقعة تحب المصريين بحق ولا تنظر اليهم نظرة توجس أو ريبة هذا الحب تلمسه حينما تزور تلك الدولة التى بدأت تحقق معدلات نمو فى السنوات القليلة وفى حاجة لجهد من أشقائهم المصريين من عمال ومهندسين وأطباء ولا ينبغى أن نترك تلك الساحة للصينيين والأتراك والجنسيات الأخرى التى تداعت إلى حيث يمكن أن يكونوا استثمارات رابحة. يكفى تجاهل للسودان على المستوى الرسمى طوال عقود حتى تركت فريسة لأمريكا وإنجلترا تعبثان بها وتمزقانها إلى دولتين والتجهيز لتمزيق دولة ثالثة يجب أن تحضر مصر وبقوة للدفاع عن عمقنا الاستراتيجى فضعف السودان ضعف لمصر, وقوة مصر قوة للسودان ولابد أن ننفض الغبار الذى يعمى عيوننا ونرى المستقبل وكفى نظرا تحت أرجلنا, ومحبة الشعوب تبقى وتحالفات السياسة متغيرة. إذا كان هذا الأمر ليس مطروحا الآن على حكومة الجنزورى فعلى الحكومة التى تم إعدادها والتحضير لإعلانها خلال أسابيع على الأكثر أن يحظى ملف السودان بالقدر الكافى وبما يتناسب مع أهمية العلاقة الخاصة مع الشعب السودانى فنحن نسيج واحد نصفه فى الجنوب والآخر فى الشمال ونريد أن نرى ذلك فعليا فى صورة استثمارات وليس فى بيانات تتلى على مسامع السياسيين. رسائل بعد مرور عام على الثورة.. لا نعرف كيف نختلف دون أن نتهم بعضنا بالعمالة أو بالكفر. بعض السياسيين يمارسون لعبة التلات ورقات وإيهام الآخرين بقدراتهم السحرية بينما من بدع تلك اللعبة فى طرة!! جمعية سوزان ثابت لم يطالها أى تحقيق لعل المانع خير؟ فهى مطلوبة للعدالة السويسرية بتهمة غسيل الأموال فى تلك الجمعية. قضية عمولات السلاح المتهم فيها مبارك هل تم استجوابه فيها أم أنها قضية تضم آخرين ذوى حيثية وتم تجاهلها؟