فى يوم 11 فبراير عام 2011، تنحى الرئيس مبارك الذى كان يبدو غير قابل للإذاعة لذا كان غير متوقع تخليه عن الحكم، لكن استمرار التظاهرات وتوسعها أدى فى النهاية إلى هذا الأمر، وقد مر الآن عام على هذا التنحى ونجد أنفسنا نستعيد كلمات خطابه الأخير قبل دفعه للتنحى عندما طالب الشعب بالاختيار بين «الفوضى والاستقرار»، ويبدو أن جزاء الشعب الذى اختار أن يثور على رئيسه، هو أن يعيش فى حالة من الفوضى الآن، فالأيادى الآثمة تعبث فى البلاد وتزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد والغضب مازال يعتمل فى النفوس. لكن هل تفريغ شحنة الغضب تكون فى الاعتداء على مؤسسات الدولة وإعلان الغضب يكون بالحرق والتدمير؟! إن الثورة أطهر من أن يدسنها هؤلاء المخربون الذين مهما حاولوا لن يسمح لهم الشعب بإجهاض ثورتهم، هذا الشعب العظيم مازال يذكر لحظات تنحى الرئيس وما أعقبه من أحداث فوضى هزت كيان الشعب المصرى بأكمله.. فهل كان تنحى الرئيس متوقعاً أم لا؟ وما هو شعور المواطنين بعد مرور عام على التنحى؟ الفوضى التى ذكرها المخلوع فى خطابه هى ذاتها التى تتصدر المشهد المصرى حالياً، هذا ما يشعر به المواطنون الذين لم يكن يتوقع معظمهم أن يتنحى الرئيس. يقول وليد عطية، موظف: لم يخطر ببالى أبداً أن يتنحى الرئيس مبارك فى يوم ما، وبالرغم مما نشهده الآن من حالة الفوضى فى البلد، إلا أنه لا يمكننا أن نطالب برحيل المجلس العسكرى فوراً، فمازالت الرؤية غير واضحة حتى يترك لنا زمام الأمور، ولا شك أن بث الفتنة بين القوات المسلحة والشعب هى بداية الطريق لتخريب مصر، لذا يجب علينا أن نتحلى بمزيد من الصبر حتى تهدأ الأوضاع وتستقر. يقول هشام محمد، موظف، لم نكن نتوقع أن يتنحى الرئيس بسهولة، ولكننا كنا ننتظر ما يحدث الآن من فوضى وبلطجة، مع العلم بأن من يقومون بتلك الأعمال ليسوا من الثوار، فهى فوضى مدبرة لإقناع الأغلبية الساحقة من الشعب بأهمية وجود مبارك ونظامه الذى كان دائماً مرادفاً للاستقرار من وجهة نظرهم. يقول حسام الشافعى، مدرب كرة القدم، كان من المتوقع أن يتنحى الرئيس بسبب الضغط الشعبى، بل إن قرار التنحى هذا قد جاء متأخراً، أما ما يحدث من فوضى الآن فهى بسبب عدم اتخاذ قرارات حاسمة إزاء القضايا المطروحة فى الساحة وعدم إجراء محاكمات سريعة لرموز النظام السابق. يقول أحمد مصطفى، مدرب كرة القدم، لم نكن نتوقع أن يتنحى الرئيس لما لديه من عند وكبرياء جعلته لا يتقبل المشورة، بل كان يتوقع القضاء على الثورة، كما أوهمه المحيطون به، أما بالنسبة لما يحدث الآن فى مصر من أحداث دامية فهى كلها تهدف إلى نقل فورى للسلطة من العسكر إلى الحكم المدنى خاصة أن الأوضاع الآن بدأت تخرج عن السيطرة، لذا ينبغى أن نأخذ عبرة من التجربة السابقة التى أطاحت بالرئيس حتى لا يتكرر نفس السيناريو وفى النهاية سيتم تسليم السلطة بعد انتهاء انتخابات الشورى وسيتم التعجيل بانتخابات الرئاسة، إذن فهى مسألة وقت ليس أكثر من هذا. ماجدة نايل، موظفة، لا شك أن قرار التنحى لم يكن متوقعاً ولا حتى فى الخيال نظراً لتمسك الرئيس بالحكم طوال السنوات السابقة، لكن المهم الآن ألا نترك الفرصة لأى كان لتخريب البلد، إننا نمر بمرحلة حرجة الآن فمصر تعيش دون سلطة ودون قائد، لذا يجب علينا الصبر حتى تتم الانتخابات الرئاسية. يقول أحمد مصطفى، موظف، لاشك أنه بعد الضغط الشعبى، جاء تنحى الرئيس وكان ينبغى عليه التخلى عن الحكم بعد أن أثبت فشله على مدار ال30 عاماً الماضية، فى إدارة شئون البلاد، ويرى أحمد أن استمرار العنف فى الشوارع المصرية يعد فشلاً ذريعاً للحكم العسكرى فى مصر، لذا يجب عليه الرحيل. أما سعيد أبوزيد، مبيض محارة، فيرى أنه لم يكن من المتوقع تنحى الرئيس، وما نشهده الآن من أحداث فوضى مفتعلة قد سبق وحذرنا منها الرئيس السابق عند تخليه عن الحكم، وإذا كانت هناك فوضى الآن فمن المتوقع أن تزداد إذا رحل المجلس العسكرى فى هذه الفترة، حيث يجب الانتظار حتى تتم الانتخابات الرئاسية، وتهدأ الأوضاع. هدى إبراهيم، ضابطة بالجيش سابقة، تقول: إن الضغط الشعبى هو الذى أجبر الرئيس السابق على التنحى، وبالرغم من محاولات إسقاط النظام العسكرى الآن إلا أن بقاءه فى الوقت الحالى ضرورة لحين تستقر الأوضاع، لكن الناس غاضبة بسبب أحداث بورسعيد ويشعرون بخيبة أمل شديدة بسبب عدم إحساسهم بالتغيير منذ قيام الثورة حتى الآن. أما عفاف إبراهيم، موظفة على المعاش، فتقول: لم نكن نتوقع أن يتنحى الرئيس لكننا توقعنا حالة الفوضى التى تحدث الآن، فالشباب مازالوا يشعرون بأنه قد تم تهميشهم، حيث لا وجود لهم فى مجلس الشعب، وصوتهم مازال غير مسموح فى القنوات الشرعية، لذا وقعوا فريسة للغضب الأعمى ولم تهدأ ثورتهم بل ازدادت حدة وعنفاً. فادية حسنين، موظفة، تقول: كان من المستحيل أن يترك مبارك أو أحد أبنائه حكم البلد بسهولة، لكن تم إجباره على ذلك، أما حالة الفوضى التى تحدث الآن، فهى مدبرة لزعزعة أمن واستقرار مصر، وليست لها علاقة بالثوار، حيث لا يمكن لشاب عاقل أن يضر بمصلحة وطنه، وكل ما نتمناه أن يبدأ المجلس العسكرى فى اتخاذ خطوات حاسمة لعودة الاستقرار ومحاسبة المسئولين عن أعمال التخريب. أما نجوى عبدالعزيز، ربة منزل، فتقول: إن يوم التنحى يجب أن يكون عيداً لكل المصريين وبدلاً من إعلان العصيان المدنى فى هذا اليوم يجب الاحتفال به كأنه يوم ميلاد لكل المصريين، ويكفى ما كنا نعانيه طوال ال30 سنة الماضية، فقد آن الأوان أن نعمل بجد حتى ندفع عجلة الإنتاج للأمام. وتقول سعاد عبدالسلام، موظفة: إننا لم نتوقع أن يتنحى مبارك فى هذا اليوم لكن رحيله كان لابد منه فقد عانى الشعب المصرى لسنوات طويلة ومازال يعانى نتيجة السياسات الخاطئة، ونحن للأسف لم نشعر بتغيير حتى الآن منذ قيام الثورة، فالأحوال كما هى، وكل ما نملكه هو أن نصبر لحين انتهاء تلك الفترة الانتقالية. أما صفاء حسن، موظفة، فتقول: إن يوم تنحى الرئيس هو يوم عيد لكل المصريين، حيث كان غير متوقع، وجاء بعد أن دفع الشعب المصرى حياته ثمناً لهذا الأمر، لكن ما يحدث الآن هو تشويه للثورة، فلمصلحة من سقوط المصريين قتلى وشهداء ولمصلحة من تخريب البلد؟ إننا نريد الاستقرار ويكفى إراقة الدماء التى أصبحت رخيصة وأدعو إليه أن يلم شملنا ويبلسم جراحنا ويطيب نفوسنا ولا يتركنا فريسة للغضب الأعمى. أما سامح عبدالحميد، موظف بالمركز القومى للبحوث، فيقول: إن الرئيس السابق خرب البلد ثم تركها ورحل، وكان تنحيه أمراً لابد منه بسبب الضغط الشعبى، وما نشهده من حالة فوضى الآن هى مدبرة من أجل هز استقرار مصر، ويجب على المجلس العسكرى التدخل لإنهاء تلك الأزمة. أما د. توفيق جاب الله، باحث فى تاريخ مصر الحديث وشئون أفريقيا، فيقول: إن تنحى الرئيس كان أمراً غير متوقع نظراً لما كان يتمتع به من سلطة مطلقة جعلته يعتقد أن حكم مصر هو حق مكتسب له ولأبنائه، لذا كان لابد من تخريب البلد بعد أن تركها حتى يشعر المواطن بأن وجود النظام السابق كان هو الأفضل، لكن الحقيقة أنه كان الأسوأ بالرغم مما يحدث الآن من فوضى عارمة وهنا يأتى دور المجلس العسكرى فى الكشف عن تلك الأصابع الخفية التى تقف وراء تلك الفوضى ومحاسبة كل المخربين حتى يستعيد ثقة الشعب المصرى. أما محمد طه، عامل، فيقول: إننا كنا نتوقع أن يتنحى الرئيس فى النهاية بعد هذا الضغط الشعبى عليه، كما كان من المتوقع حالة الفوضى هذه وستستمر طالما لم يتم محاكمة رموز النظام السابق، فهناك بدء فى المحاكمات، مما جعل المواطنون يفقدون الثقة فى النظام الحالى. أما حسن محمد، موظف بوزارة الزراعة، فيقول: أشعر بأن الرئيس السابق لم يتنح وكأنه مازال موجوداً فى الحكم، حيث لم تتم محاكمته حتى الآن، كما أن الأحوال مازالت كما هى منذ قيام الثورة، فبعد الآمال غير الواقعية بانتهاء عهد الفساد ومع ارتفاع الأسعار واستشراء الفقر المدقع، انتاب المواطنون حالة من الغضب وخيبة الأمل وضاقت صدورهم بما يجرى. وكانت المفاجأة أو لعلها الدعاية أو ربما الاستغراب أو الندم على ما حدث، محمد أحمد حسين، شاب مصرى، عاطل لا يعمل رغم أنه حاصل على بكالوريوس التجارة بتقدير جيد جداً، عندما سألناه هل كان يتوقع أن يترك «مبارك» الحكم فاجأتنا إجابته التى كانت سؤالاً وتعجباً فقال: مين قال إنه تنحى؟!!