إجمالى المخصصات أقل من النسبة المحددة فى الدستور مشروع اجسور التنميةب يربط الوطن بأبنائه فى المهجر اجامعة الطفلب تستهدف بناء جيل جديد من العلماء المصريين البحث العلمى فى مصر لا يزال يجود بأذكى العقول الواعدة التى تراهن بقدرتها على اللحاق بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة. البيروقراطية تقف حجر عثرة أمام ربط البحث العلمى بالمجتمع. هذا ما أكده الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمى، عندما اتجهنا إليه لنتحدث معه عن هموم الباحثين والمخترعين والمبتكرين والسبل التى يمكن من خلالها توظيف العقول لخدمة المجتمع المصرى. فى مبنى شاهق يتوسط شارع قصر العينى، بالقاهرة، استقبلنا الدكتور محمود صقر فى مكتبه بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا التى تضاهى بتصميمها أكبر معاهد البحوث فى العالم، وكان اللقاء تزامنًا مع عودة المخترعين المصريين الحاصلين على المراكز الأولى بمعرض «جينيف الدولى للابتكار»، ولذا كان للحوار شكل آخر مختلف. سألته: ما الأسس التى تسير عليها أكاديمية البحث العلمى؟ وما أهم أهدافها؟ - تواصل الأكاديمية عملها وفقًا لخطة مصر للعلوم والابتكار فى مجال البحث العلمى 2030، وهى خطة أعدتها وزارة التعليم العالى والبحث العلمى منذ ما يقرب من عام، بالتركيز على هدفين رئيسيين، الأول تهيئة بيئة مشجعة للعلوم والابتكار فى مصر، أما الهدف الثانى فيتمثل فى إنتاج ونقل التكنولوجيا لخدمة أهداف التنمية. ما نصيب البحث العلمى من إجمالى الناتج المحلى؟ - يصل إجمالى مخصصات البحث العلمى هذا العام إلى 0.78% من الموازنة، ووفقًا للدستور من المتوقع أن تزيد تلك النسبة لتصل إلى 1%، وشخصيًا أعتبر الوصول لتلك النسبة خطوة تاريخية. وأيضًا يظل حسن إدارة هذ التمويل من أهم الأسس التى تحرص عليها الأكاديمية، إذ تشرف الأكاديمية هذا العام على أول دراسة من نوعها فى مصر، والوطن العربى هدفها قياس مردود الاستثمار فى البحث العلمى، بالاستعانة بأساتذة من كليات مختلفة على رأسها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعدد من المراكز البحثية. ما سبل التعاون المشترك بين الأكاديمية والوزارات المختلفة؟ هناك تعاون ملموس بين الأكاديمية وعدد من الوزارات. ومؤخرًا وقعت الأكاديمية برتوكول تعاون مشترك مع وزارة الإنتاج الحربى لنقل الخبرات التطبيقية للبحث العلمى إلى السوق التجارى. وتولى الأكاديمية اهتمامًاً خاصاً بهذه الاتفاقية، فوزارة الإنتاج الحربى، عماد الصناعة الوطنية فى مصر بجانب تفوقها فى مجالات الصناعة والبنية التحتية، بالإضافة لرؤيتها الواضحة بشأن المستقبل، تحت قيادة إدارة قوية. وقد زودت الأكاديمية الوزارة ب11 نموذجًا بحثيًا قابلًا للتطبيق حتى الآن، فى مجالات صناعات الطاقة الشمسية وتحلية مياه البحر، وتخزين القمح باستخدام الصوامع البلاستيكية، وعددًا من المجالات الأخرى. لماذا لا يشعر المواطن العادى بمردود البحث العلمى فى مصر حتى الآن؟ - السبب الأول هو ارتفاع معدلات النمو السكانى مقارنة بالموارد، فعلى سبيل المثال ساعدت تكنولوجيا البحث العلمى فى قطاع الزراعة على مضاعفة إنتاجية فدان الأرض الزراعية حتى وصل إلى 3 أضعاف خلال السنوات الأخيرة، ومن هذه المحاصيل «القمح»، الذى بلغت إنتاجية الفدان منه ما بين 18 إلى 20 أردباً للفدان الواحد، وعلى الرغم من تلك الزيادة لا يزال الإنتاج غير كاف. السبب الثانى أن المواطن العادى يتعامل مع المنتج النهائى للبحث العلمى، كالمشروعات البحثية فى مجالات البناء والطلاء والسيراميك والحراريات التى ترتكز فى الأساس على مخرجات بحثية، ورغم ذلك ما زلنا فى حاجة للمزيد من الجهد للربط بين احتياجات المجتمع ومخرجات البحث العلمى، مع وجود أسس سياسية وتنظيمية تخدم مسيرة البحث العلمى بعيدًا عن البيروقراطية. ما الدور الذى تلعبه الأكاديمية فى دعم الباحثين والمخترعين؟ - تدعم الأكاديمية مجتمع البحث العلمى بداية من مرحلة الطفولة وحتى مرحلة ما بعد التعليم الجامعى، ومن بين البرامج البحثية التى تتبناها الأكاديمية للنشء، جامعة الطفل، وهو نظام تعليم غير رسمى يقدم تعليماً إبداعياً ومبتكراً للأطفال الموهوبين بالتعاون مع عدد كبير من الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، بالإضافة لتقديم منح للمبتكرين من المنضمين لهذا البرنامج. حدثنا عن آلية اختيار الأطفال الموهوبين للانضمام ل«جامعة الطفل»؟ - تفتح الأكاديمية باب التقدم للأطفال من سن 9 إلى 15 عاماً، بموافقة ولى الأمر من خلال الموقع الإلكترونى لأكاديمية البحث العلمى، www. asrt. sci. eg، وعلى الطفل الراغب فى التسجيل اختيار الجامعة التى يريد الالتحاق بها، من بين 27 جامعة مصرية، ثم ينتقل إلى اختيار المجال البحثى الذى يرغب فى الدراسة به. ويتضمن البرنامج مجالات بحثية مختلفة، مثل الطاقة وتكنولوجيا المياه، والفضاء والفلك، والفنون والأدب، والزراعة والغذاء، ويرفق باختياره الأسباب التى دفعته للرغبة فى دراسة هذا المجال، على أن يتولى نخبة من المتخصصين اختيار الطلبة وفقًا لشروط ومعايير محددة، وفى إطار العدد المتاح، حيث يستهدف البرنامج فى الأساس تشجيع الطفل على اختيار مجال دراسته الجامعية بعيدًا عن ضغوط الأسرة وسوق العمل، ونظرة المجتمع، وبهذا نزرع فيه القدرة على تخطى العوائق التى قد تحول بينه وبين حلمه، ويشارك هذا العام 6 آلاف طفل فى البرنامج ب27 جامعة حكومية وخاصة، وبتمويل يصل إلى 6 ملايين جنيه. وماذا عن البرامج البحثية الأخرى التى تدعمها الأكاديمية؟ - يوجد أيضًا برنامج «علماء الجيل القادم»، الذى يشمل تقديم منح لأوائل الخريجين من طلاب الجامعات المصرية للحصول على درجة «الماجيستير»، وتصل قيمة المنحة للطالب إلى 100 ألف جنيه، منها 60 ألف مكافأة شهرية للطالب، و25 ألف جنيه تكاليف إعداد البحث، وال15 ألف الأخيرة لتسديد مصروفات حضور المؤتمرات العلمية وورش العمل، وتمتد المنحة إلى 3 سنوات من بداية تسجيل مشروع الماجيستير وحتى المناقشة. ويقدر عدد المنح التى تقدمها الأكاديمية للأوائل ب150 إلى 200 منحة سنوية. كما تدعم الأكاديمية «مشروعات التخرج» بالكليات المختلفة، ومنها كليات الهندسة، وحاسبات ومعلومات، وكليات فنون جميلة، وفنون تطبيقية، وبالإضافة لكليات الإعلام، وكان آخر المتقدمين معهد السينما، ويتراوح الدعم المادى للمشروع الواحد بين 15 وحتى 75 ألف جنيه، حسب نوع الفكرة، على ألا يقل عدد الطلاب المشاركين عن ثلاثة، وقد وصل عدد المشروعات التى تولت الأكاديمية دعمها العام الماضى إلى 300 مشروع بتمويل بلغ 3 ملايين جنيه. هل توجد سبل لتفعيل التعاون المشترك بين العلماء المصريين فى المهجر وأكاديمية البحث العلمى؟ - نعم.. فالأكاديمية تدعم برنامج «جسور التنمية»، بتمويل مشروعات بحثية مشتركة بين العلماء المصريين بالداخل والخارج، شريطة أن تكون أهدافه واضحة، ويعود بفائدة حقيقية للمجتمع المصرى، خاصة أن هذا البرنامج يأتى إيمانًاً من الأكاديمية بفكرة «دوران العقول» كحل فعال لظاهرة «هجرة العقول»، والتى لا تقتصر على مصر فقط، بل تمتد للكثير من دول العالم النامى. ويصل عدد المشروعات البحثية المشتركة التى تمولها الأكاديمية مع علماء المهجر إلى 35 مشروعاً، يجرى تنفيذ 11 مشروعاً منها حتى الآن. بالتزامن مع إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى لمبادرة «عام المرأة».. ما سبل الدعم التى تقدمها الأكاديمية للباحثات المصريات؟ - استضافت الأكاديمية أواخر الشهر الماضى المؤتمر الدولى الأول للمرأة فى العلوم بلا حدود، الذى أقيم برعاية عدد من المنظمات الدولية، على رأسها: الاتحاد الأوروبى، ومنظمة «اليونسكو»، والجمعية الخيرية للبحوث الطبية «Welcome Trust»، وشركة العالمية لمصادر المعلومات العلمية «ELSEVIER» وأكاديمية الشباب العالمية، وعدة مراكز ومؤسسات بحثية عالمية أخرى، وبمشاركة وفود من 27 دولة، وقد استهدف المؤتمر إلقاء الضوء على إنجازات المرأة المصرية فى مجال البحث العلمى، خاصة أن نسبة مشاركة المرأة المصرية فى قطاع البحث الأكاديمى تصل إلى 43% من إجمالى 143 ألف باحث على مستوى الجمهورية. وقد ضم المؤتمر عدداً كبيراً من ورش العمل فى مجالات بحثية هامة، كالغذاء والصحة، والنانوتكنولوجى، وتحلية المياه، بالإضافة لمجال الطاقة الجديدة.