عرب أبو ساعد.. عاصمة الطوب فى حلوان، من المناطق التى تضم أكبر تجمع لصناعة الطوب الطفلى فى العالم، حيث يصل عدد المصانع بها إلى ما يزيد على 350 مصنعاً، وتخدم الإسكان فى مصر بنسبة 75٪ من احتياجات الطوب الطفلى سنويا، ويعمل فيها ما لا يقل عن مائة ألف عامل من مختلف المحافظات، إلا أن هذه المصانع تعانى من مشكلات كبيرة، وأهمها توريد الغاز للمصانع وهو ما يثير قلق أصحاب المصانع والعمال، حيث تتأثر العمالة سلبا بمشاكل الغاز وزيادة أسعار منتجات الطوب، بالإضافة إلى تردى أوضاع العمال فى تلك المصانع. ورصدت «الوفد» تحديات ومتاعب صناعة الطوب فى مصر والتى تعد العمود الفقرى لمشروعات الإسكان والتعمير، وكانت وزارة البترول أعلنت زيادة أسعار الوقود ورفع أسعار الغاز للمنازل، بنسب تتراوح بين 12.5 و33%، بحسب شرائح الاستهلاك فى آخر يونيو الماضى، مما أصاب أصحاب مصانع الطوب والعمال بمنطقة عرب أبو ساعد بمخاوف كبيرة أن تطولهم الزيادة، وتشير التوقعات إلى احتمالية زيادة أسعار توريد الغاز الطبيعى للمصانع مما يكون له أثر على تلك الصناعة والعمال، ولكن وزارة الصناعة أعلنت بعد قرارات رفع الدعم عن الوقود أن المصانع لن يطبق عليها زيادة أسعار المنتجات البترولية كتحفيز للاستثمار وصغار المصانع. وأكدت الوزارة أن القرار يأتى فى إطار حرصها على تخفيف الأعباء عن كاهل الصناعة المصرية، وعدم تحميل المنشآت الصناعية أى تكاليف إضافية تؤدى إلى زيادة فى تكلفة المنتجات الصناعية وارتفاع أسعارها، الأمر الذى يؤدى أيضا إلى انخفاض القدرة التنافسية لهذه المنتجات أمام مثيلتها المستوردة. وأن أسعار توريد الغاز الطبيعى للمصانع لن تشهد أى زيادات خلال هذه المرحلة، حيث تم الإبقاء على الأسعار الحالية للقطاعات الصناعية وعدم زيادتها فى إطار الزيادة الجديدة التى أقرتها الحكومة لمنتجات الوقود والمحروقات وبدء العمل بها. وقال عاطف خليل صاحب مصنع لإنتاج الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد إن أسعار الكهرباء زادت بنسبة كبيرة الفترة الأخيرة، ومع زيادة التعريفة الجديدة التى أعلنت عنها وزارة الكهرباء من المنتظر زيادة أخرى فى أسعار الكهرباء وهو ما تعتمد عليه بعض الآلات الخاصة بعملية الإنتاج، أما زيادة الغاز وهو العنصر الرئيسى فى المصانع فلم يتم تبليغنا كأصحاب مصانع بأى زيادات جديدة على الفواتير والسعر الآن هو 140 جنيهًا للمليون وحدة حرارية. وأضاف «خليل» ل«الوفد»: تعتبر هذه المنطقة قلعة صناعة الطوب الطفلى فى مصر ورغم ذلك تفتقر لكافة مقاومات الحياة والصناعة، موضحا أن القرية لا يوجد بها أى مرافق «مياه للشرب, صرف صحى, وحدة إسعاف), كما أنها تحوى عددا كبيرا من العمالة المصرية المهملة والتى لا يمكنها العمل فى مجالات أخرى نظرا لعدم امتلاكهم شهادات تعليمية، مطالبا الجهات المسئولة بالاهتمام بالمنطقة على غرار المدن الصناعية الكبرى. ووافقه فى الرأى عبدالتواب ناصر صاحب مصنع لإنتاج الطوب، قائلا: مشكلتنا هى أن الحكومة ووزارة الكهرباء تعاملان أصحاب المصانع أنهم يملكون الملايين رغم أن معظم المصانع يمتلكها 4 أو 5 أشخاص وكل مصنع يدفع لإنشائه أو تحويله من استخدام الغاز الطبيعى بدلا من المازوت مبلغ مليون جنيه حتى لا يؤثر على البيئة، وهو مبلغ كبير، خاصة أن الحكومة لا تدعم أصحاب المصانع فى عمليات التحويل، كما أن المنطقة تفتقد الخدمات والمرافق. وأضاف «ناصر» يعمل بالمصنع من 100 إلى 170 عاملا على حسب قدرة إنتاج كل مصنع ولا يقل أجر العامل يوميا عن 100 جنيه للعامل العادى والرصيص، أما عمال الفرن والفنيون فلا يقل عن 150 جنيها وبالتالى فإن أصحاب المصانع مطالبون بتوفير التزاماتهم للعمال والكهرباء والغاز وارتفاع أسعار النقل بعد زيادة أسعار الوقود، وزودنا السعر من أجل تكاليف النقل والعمال، فكان سعر ال 1000 طوبة يساوى 370 جنيها للطوب الطفلى وهو الأكثر استخداما فى البناء والآن أصبح 425 جنيها، أما الطوب الرملى فزاد من 650 جنيها إلى 730 جنيها للألف طوبة. وقال محمد عوض عامل رصيص بمصنع طوب طفلى إن العمل فى مصانع الطوب مهنة «الغلابة» وكل من لم يتعلم مهنة يستطيع إيجاد فرص عمل هنا فالمصانع بها أشكال كثيرة من الأعمال لا تحتاج إلى خبرة أو حرفة، مضيفا: أعمل 12 ساعة يوميا والمصنع هنا يعمل بالإنتاج وليس بعدد الساعات وأحصل على ما بين 80 - 100 جنيه يوميا، ونقيم أحيانا بمناطق قريبة من المصنع أو ننشئ مبيتا لنا ونتقاسمه خاصة أن معظمنا من الأقاليم، كما أننا خارج القاهرة نعانى من قلة الخدمات فى المنطقة، فالمياه تأتينا يوميا فى عربات متهالكة وخزانات لا تصلح للشرب، بالإضافة إلى عدم جاهزية المنطقة، وفى حالة إصابة أحد العمال لا توجد نقطة إسعاف قريبة. واتفق معه حسين مغاورى فنى فرن طوب رملى، أعمل هنا منذ 9 سنوات عندما حضرت من المنيا مع والدى من مركز أبو قرقاص وبعدها جاء أخى معى وأصبحنا 4 أفراد من عائلة واحدة، مضيفا: العمل هنا صعب وشاق ولكن معظمنا لا يملك شهادات وهو المتاح أمامنا ونعانى من الإهمال هنا سواء من الحكومة وأيضًا معظم أصحاب المصانع، فالحكومة لا توفر لنا المياه النظيفة ولا توفر لنا أى خدمات رغم وجود عدد كبير من المصانع هنا، وقال: نحن مدينة صناعية وننتج ومعظم مبانى الإسكان من عندنا وفى حالة احتياجنا للأكل أو الشرب نذهب إلى البلد فى الصف أو التبين وهى مسافة كبيرة جدا عن منطقة المصانع لأن الأكشاك داخل المدينة معظمها ينتهى لكثرة الطلب عليها. وأضاف «مغاورى»: أصحاب المصانع لا يعطون العمال حقوقهم فمعظمنا يعمل باليومية ورغم أننى أعمل منذ 9 سنوات ليس لدى تأمين، فنحن نعمل فى مهنة خطرة ولا يتم تعويضنا بسبب إصابة العمل وطالبنا كثيرا بعد ثورة يناير بضرورة التأمين لكن دون جدوى. مضيفا: التأمين يعنى لنا الكثير وهذا أقل حقوقنا كعمال، قد تعرضت أكثر من مرة لبعض الحروق لأنى أعمل بخط فرن الإنتاج مطالبا بتدخل الجهات المسئولة لإرغام أصحاب المصانع على التأمين على العمال. وفى هذا السياق قال رضا سلام نقيب عمال مصنعى الطوب بمنطقة عرب أبو ساعد: عند النظر لمشكلة مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد نجد أن هذه الصناعة هى كثيفة الاستخدام للعمالة، حيث يعمل بهذه المهنة وفقا للسجلات فى المنطقة حوالى 105 آلاف عامل ويعمل داخل المصنع الواحد فى خطوط الإنتاج قرابة ال160عاملا وهناك مصانع بها خطا إنتاج وثلاثة خطوط، وداخل خط الإنتاج الواحد أكثر من مهنة، فهناك عامل الترابيزة، والتباع، والرصيص، والفرن، وهناك عمالة مساندة مثل السائقين ومن ينقلون الطوب ويقومون بتحميله وتفريغه وغيرهم، وكل هؤلاء العمال حينما يتوقف المصنع عن العمل لأى سبب فليس لهم مصدر رزق غيره. وأضاف سلام ل«الوفد»: بالنسبة لأسعار الغاز والكهرباء فالغاز لا يتم التأكد من زيادته إلا بعد فواتير أغسطس ولكن لم يأتينا إخطار رسمى من شركة الغاز بأى زيادة، أما بالنسبة لأسعار الكهرباء فزادت بنسبة 20% وأصحاب المصانع قاموا بزيادة حوالى 30% على جميع منتجات أسعار الطوب وأصبحت ال 1000 طوبة ب420 جنيها للطوب الطفلى الأحمر، والطوب الأسمنتى ب760 جنيها. وتابع نقيب عمال الطوب حديثه قائلا: إن العمال يعانون هنا فى المنطقة والمصانع من أمور كثيرة منها التأمين على العمال، ووعدنا الكثير من المسئولين بالحل دون جدوى. مضيفا أن المنطقة تفتقر إلى الخدمات الأساسية للعمال منها المياه وافتقار المنطقة لمستشفى أو نقطة إسعاف أولية لأن هناك إصابات كثيرة تحدث للعمال. كما نحتاج أيضا إلى توفير سوق للطعام بداخل المنطقة، حيث أقرب منطقة لنا هى سوق التبين ويبعد حوالى 25 كيلو متراً عن عرب أبو ساعد. واختتم سلام حديثه مطالبا الحكومة بزيادة دعمها لأصحاب المصانع وعدم زيادة أسعار الغاز عليهم حتى لا يضطر بعضهم لغلق المصانع وتشريد العمال، خاصة مع الركود الشديد خلال الفترة الماضية بسبب زيادة الأسعار رغم أن أصحاب المصانع زودوا السعر ولكن البعض لا يقدر على تحمل بعض الخسائر والركود ويغلق مصانعه وهو ما حدث مع مصنعين منذ 6 أشهر، حيث تم إغلاقها وتم تشريد العمال.