يثبت ما حدث في استاد بورسعيد من أعمال قتل طالت «75» شخصاً عدا عن ألف جريح، بعد مباراة في كرة القدم، أن الثورة لم تكتمل أو تتحصن ضد الفلتان الأمني، كما يثبت أن هناك من يحاول جر البلاد إلى الوراء وأن فلول النظام السابق هي التي كانت وراء هذه المذبحة المؤسفة على أرض الملعب. ونسأل أنفسنا على وقع هذه المجزرة إذا ما كنا وسط ربيع عربي أم شتاء رياضي، ثم نكتشف بعد طول تفكير أننا في خريف أمني يطل على مصر من أروقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وكان رئيس حزب الحرية والعدالة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب عصام العريان محقاً في قوله إن أعمال الشغب التي شهدها الاستاد كانت مدبرة وأنها رسالة من أنصار النظام المخلوع. كما كان على حق في الاستنتاج بأن الانهيار لم يكن في المنشآت الرياضية وإنما في المنظومة الأمنية كانتقام من الشعب الذي طالب بإلغاء حالة الطوارئ والتخريب المتعمد للبلد في الذكرى الأولى للثورة. ويستطيع أعوان حسني مبارك الذين عملوا في الخفاء على استغلال ذلك التجمع الرياضي الضخم في بورسعيد لتنفيذ مآربهم الظلامية، أن يفركوا أيديهم فرحاً بعد تمكنهم من اصطياد كل ذلك العدد من الضحايا في الوقت الذي ما زالت مصر تداوي فيه جروحها الكثيرة جراء استهدافها من قبل أعداء الشعوب والثورة. وكان واضحاً تماماً بعد هذه الأحداث المريرة أن ثمة من يريد عن عمد إثارة الفوضى وعرقلة أي مسار للانتقال السلمي للسلطة. وفي الوقت الذي تلاقى فيه أعضاء مجلس الشعب لعقد اجتماع طارئ يبحث تداعيات الوضع المأساوي، فإن هناك من يتساءل عما إذا كان برنامج المجلس الأعلى لتسليم البلاد إلى حكومة مدنية يتعرض لمماطلات مقصودة هدفها تعطيل البرنامج وتأخيره قدر الإمكان. وفي الوقت نفسه فإن الحداد وتنكيس الأعلام وإجراء تحقيق في فتنة الملاعب هذه، هي أقل ما يمكن فعله احتراماً لأرواح الذين سقطوا في هذه الفتنة، كما أننا نشك في أن يتم استيعاب دروس ما حدث في بورسعيد. لكننا نشد على يد مجلس الشعب وأيدي كل من يقف فعلاً ضد هذه الجريمة، ونطالب المصريين بالتكاتف ورص الصفوف والبرهنة على أنهم ليسوا على استعداد لإضاعة ثورتهم أو التوقف عن الزحف الجماهيري بهدف إنجاح الثورة والقضاء على الصائدين في الماء العكر. وأخيراً نشير بكثير من الأسى إلى نقطة مهمة تتعلق بأسباب المذبحة التي يبدو أنها تمت في غياب الجيش والأمن عن موقع الجريمة وهو موضوع مطلوب من المجلس العسكري أن يشرح أسبابه للشعب. نقلا عن صحيفة الوطن القطرية