فى الوقت الذى خرج فيه الشعب المصرى عن بكرة أبيه ليستكمل أهداف ثورة 25 يناير التى انحرفت عن مسارها نتيجة إدارة متخبطة ومتآمرة، هرولت بعض نجماتنا الى دبى للمشاركة فى مزاد خيرى لصالح ذوى الاحتياجات الخاصة! يبدو المانشيت مثيراً ويوحى بأن نجماتنا من أصحاب القلوب الرحيمة، التى لا تترد أى منهن عن فعل الخير، غير أن «الأقربون أولى بالمعروف» ومصر كما نعلم ويعلمون بها سبعة ملايين مواطن من ذوى الاحتياجات الخاصة «المعوقين» نسبة كبيرة منهم من الاطفال! ولكن يبدو أن إغراء ما تقدمه دبى لجذب نجومنا يصعب مقاومته، وعليه فقد تدافعت كل من فيفى عبده وصفية العمرى ونبيلة عبيد بالمشاركة الإيجابية الفعالة للمشاركة فى المزاد بعرض بعض ما يمتلكنه لصالح ذوى الاحتياجات الخاصة من ابناء دبى رغم أن مؤسسه راشد بن مكتوم تصرف ملايين الدراهم عليهم وليست فى حاجة لما قدمته اى من نجماتنا، وسوف تضحك كثيرا عندما تعلم أن فيفى عبده شاركت بملاءة لف ارتدتها ضمن احداث مسلسلها كيد النسا، وأن صفية العمرى شاركت بإحدى قبعات نازك السلحدار الشخصية التى لعبتها منذ ما يزيد علي عشرين سنة فى مسلسل «ليالى الحلمية» أما نبيلة عبيد فقد ساهمت فى المزاد بنظارة موديل شانيل كانت قد ارتدتها فى آخر أفلامها «مفيش غير كده»، بينما قدمت اللبنانية هيفاء وهبى خاتماً وعقداً من الماس كمشاركة منها فى المزاد! ولأن الأشياء تكتسب قيمتها من قيمه صاحبها، فإن البروش الذى كانت ترتديه أم كلثوم فى معظم حفلاتها يمكن أن يشتريه ثرى عربى غاوى جمع تحف بما يساوى أضعاف قيمته لمجرد أنه من ريحة أم كلثوم، ويمكن أن يشترى ثرى عربى آخر العود الذى كان يعزف عليه فريد الأطرش بأرقام فلكيه، ولكننا فى مصر، وللأسف لانهتم كثيراً بما يتركه كبار النجوم والمبدعين ولا نقيم وزنا لحكاية المزادات الخيرية إلا فى أضيق الحدود، ولو قلت لشخص مصرى ميسور الحال هناك مزاد على القلم الذى كان يكتب به نجيب محفوظ روائعه، أو على العصا التى كان يستخدمها توفيق الحكيم فى سيره، أو نضارة طه حسين الشهيرة، يمكن يسمعك كلام ما تحبش تسمعه! ولو كان مهذباً فسوف يكتفى بنظرة ساخرة يرد بها على فكرتك، فحقيقة الامر نحن لا نلقى بالاً لفكرة اقناء ما يتركه نجومنا من أشياء قيمة، بدليل أن ورثة أم كلثوم فرطوا فى فيلتها الشهيرة وباعوها ليتم هدمها وبناء برج سكنى مكانها على نيل الزمالك، رغم أن الانجليز لا يزالون يحتفظون بالمنزل الذى ولد فيه شاعرهم العظيم ويليام شكسبير ولا يفرطون فى أى فتفوتة تركها اى من مبدعيهم، وكانت الاصوات قد بحت فى مطالبة الحكومة المصرية التى استفادت كثيرا من مكانة أم كلثوم فى العالم العربى، عندما قامت بجمع التبرعات للمجهود الحربى بعد نكسة يونيه، إلا ان تلك الحكومة رفضت شراء فيلتها وتحويلها الى متحف يضم أهم مقتنياتها وما تركته من اشياء نادرة وثمينة! وفى الدول التى تحترم الفنان وخاصة إذا كان صاحب قيمة تقام المزادات الخيرية بصفة منتظمة ويهتم الفنان وهو على قيد الحياة بالمشاركة فيها من أجل الخير، ويمكن لاسرته أن تتولى عرض بعض ما يمتلكه أو اى حاجة من ريحته، فى مزاد علنى مثلما حدث مؤخرا مع بعض قطع من ملابس نجم البوب الراحل مايكل جاكسون، ولكن نعود الى المزاد الذى اقيم فى دبى وليس لدينا للأسف أية معلومات عن القيمة التى بيعت بها قبعة نازك السلحدار لصاحبتها صفية العمرى، ولا كيف تعامل جمهور المزاد مع ملاءة فيفى عبده؟ أو نظارة نبيلة عبيد، فكلها أشياء ضعيفة القيمة، ولكن بالتأكيد فإن عقد هيفاء وهبى قد بيع بمبلغ محترم أولا لأنه مصنوع من الماس الأصلى وثانيا وهو الأهم أن من اشتراه وضع فى اعتباره أنه كان يزين صدر هيفاء!