«اعرف ماذا تريد حتى تستطيع الوصول إليه، فليس مهماً أن تتقدم بسرعة، بل تسير فى الاتجاه الصحيح»، هكذا تقول الحكمة، وبهذا المنطق حدد مسيرته بكلمات والده: «لن تنهزم إلا إذا استسلمت فلا تقبل بوجود مناطق مظلمة فى حياتك، فالنور موجود، وليس عليك إلا العمل والعطاء». ضع بصمتك واترك أثراً يدل على وجودك، على الأساس تبنى فلسفة الرجل، يفتخر بأنه من جيل أكتوبر، وهو سر التحاقه بالعسكرية التى لعبت دوراً مهماً فى مشوار حياته، يحمل بداخله شخصية متنوعة، دائم البحث عن الأدوار التطوعية لما لها من سلام يكمن بداخله. محمد سعيد العضو المنتدب لشركة «Idt للاستشارات والنظم»، حدد مشواره منذ سنوات عمره الأولى، وحقق ما تمناه، درس فنون العسكرية، والبيزنس، رغبته فى الابتكار دفعته إلى التنبؤ فتخصص فى علوم التكنولوجيا والحاسب الآلى. الأهداف فى منهجه كائن متجدد ليس له نهاية، بدأ أكثر ثقة فى المشهد الاقتصادى، رغم المنحى الصعب الذى يمر فيه، إلا أن المسار الصحيح يدعو للتفاؤل، ويكفى ما باتت عليه السياسة النقدية، والنتيجة التى فاقت كل التوقعات. «نعم للإصلاح فاتورة باهظة وعبء ثقيل تحمله رجل الشارع البسيط برمته، لكن هذا قدر علينا تقبله طالما أن المصلحة ترتبط بإصلاح الاقتصاد الوطنى»، هكذا حلل المشهد. أقاطعه متسائلاً: ولكن كيف كان يمكن تجنب هذه الفاتورة الباهظة؟ يجيب قائلاً: «كان مفترضاً أن يأخذ البرنامج فترة أطول حتى لا يتحمل المواطن الفاتورة بالكامل، والتى قصمت ظهره، ولكن البنك المركزى طبقها بشكل حاد وعنيف وبالتالى أثر على رجل الشارع البسيط». أعود لمقاطعته مرة أخرى قائلاً: إذن أنت من مدرسة محافظ البنك السابق هشام رامز بتخفيض قيمة الجنيه تدريجياً. يرد قائلاً: «نعم كنت مع محافظ البنك السابق فى بداية الأمر، لكن ما تم فى سياسة المحافظ الحالى تسبب فى حدوث نتائج سريعة، دفعنى لتأييده، رغم أن مؤشرات عملية تخفيض العملة تكشفت عندما تجاوز سعر الدولار 15 جنيهاً بالسوق السوداء الذى قد يكون البنك المركزى وراء هذا الصعود، لكن كان ارتفاعاً تحت السيطرة». الاجتهاد والسعى والإصرار والجرأة، سمات غرسها والده بداخله ليكون الرجل صادقاً فى وجهة نظره حول الاكتشافات البترولية التى سوف تكون منصة انطلاق إلى المستقبل، والذى يجنى ثماره رجل الشارع مع نهاية العام الحالى، ومطلع العام المقبل مع استقرار سعر الصرف، وقبل هذا وذاك تزايد ثقة الرجل فى الإصلاحات عقب الموافقة على الدعم من صندوق النقد الدولى». لا يزال بعض المراقبين يرون عدم وجود تكامل بين السياسة المالية والنقدية، إلا أن «سعيد» له رؤية مغايرة تماماً بأن الاهتمام الأول لدى الحكومة السياسة النقدية، والسيطرة على سعر الصرف، وقريباً سوف يكون الاتجاه نحو ملف السياسة المالية، رغم الضغوط على الموازنة العامة، فى ظل سياسة تقوم على التوسع فى تحصيل الضرائب بصورة باتت تعمل على تطفيش الاستثمار. المغامرة والابتكار من السمات التى يعتز بها «سعيد»، لذلك من مؤيدى التفكير خارج الصندوق، والعمل على ضم القطاع غير الرسمى ضمن القطاع الرئيسى، بحيث يتم مزيد من التوعية بضرورة ذلك، وكذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتقديم حوافز لتشجيع العديد من الحرف والمهن لدخول منظومة القطاع الرسمى، بما يسهم بجزء كبير فى دعم الاقتصاد. للمهندس رؤية مختلفة ربما لدقته وتعامله مع الواقع، حتى فى مقترحاته يسعى دائماً لتقديم الجديد، وللرجل فى هذا الصدد مقترحات لتعافى الاقتصاد، ودعمه تقوم على سرعة عملية الإنتاج للمنتجات الوطنية، التى لم تستفد حتى هذه اللحظة من انخفاض قيمة الجنيه بالشكل المناسب، والعمل على التوعية بالمنتج الوطنى، وفتح أسواق خارجية مع مراعاة مقياس الجودة للاستفادة من عملية التصدير، وكذلك الاهتمام بسوق العمل من خلال برامج تدريبية مكثفة للعاملين للاستفادة من الثروة البشرية. لا يزال ملف الاستثمار الشغل الشاغل للمراقبين حول مدى جدواه للمستثمرين، لكن فى جعبة الرجل الكثير، إذ يعتبر أن المشهد السائد تخبط واضح فى التشريعات التى تعيق الاستثمار، وهذا انطباع العديد من المستثمرين الأجانب، مستشهداً فى هذا الصدد بقانون محفزات الاستثمارات 97 الذى تآكل مع مرور الوقت ولم يتبق منه شيء، فمناخ الاستثمار فى السوق المحلى سلبى للغاية، ولكن العذر نتيجة التركيز في السياسة النقدية على حساب السياسة المالية والاستثمار، وهذا تبين من رفع سعر الفائدة، ويجب أن يكون لدينا خريطة استثمارية جاهزة للمستثمرين لتحقيق أهداف الإصلاح، والتنمية الاقتصادية. حينما أراد الرجل لنفسه الأفضلية فى العمل والتفكير، حدد مساره بالالتحاق بالقوات المسلحة ودراسة الكمبيوتر، الذى يشغل تفكيره بحث الحكومة على الاهتمام بقطاع التكنولوجيا القادر على استيعاب طاقة كبيرة من القوى العاملة، بالإضافة إلى قطاع الطاقة من خلال الاكتشافات البترولية التى سوف تضع مصر على خريطة العالم، وكذلك قطاع العقارات الذى يستوعب عددا كبيرا من العمالة. للرجل رؤية مختلفة فى الطروحات الحكومية بالبورصة، والتى تهدف إلى التمويل فقط بهدف سد عجز الموازنة، وليس توسيع الملكية ومشاركة القطاع الخاص، فى ظل ملاءمة الوقت ونشاط السيولة بالسوق بالقطاع البنكى والبترولى، بعد القطاع الغذائى الذى ظل سنوات يستحوذ على المشهد بعمليات استحواذ. شعور بالضيق يتملك الرجل حينما يتحدث عن البورصة والرقابة المالية، ويعتبر أداء الجهتين تقليديًا، منزوع الابتكار ومحاولات للتطوير، حتى بورصة النيل تمر بحالة إحباط نتيجة المضاربات وتلاعبات وصلت لمجالس الإدارات بالشركات، ولا خروج من المأزق إلا بالرقابة الكاملة على التداول والطرح والقيد منذ البداية. منحه والده الثقة فى قراراته، وحينما حدد مشواره قرر الالتحاق بالقوات المسلحة، ودراسة الحاسب الآلى، ولأنه يؤمن بأن الأهداف كائن متجدد أسس مع مجموعة من أصدقائه شركة استشارات ونظم برأسمال 5 ملايين جنيه منذ 2008، وتمت إعادة هيكلة للشركة 2012 بنفس الاستراتيجية التى تقوم على 3 محاور، فالكيان يركز على تقديم الاستشارات باستخدام التكنولوجيا فى تطوير الشركات، فى كافة الصناعات الثقيلة، ويصل رأسمال الشركات التى تسهم فى تقديم الاستشارات والهيكلة بنظم علمية نحو 3 مليارات جنيه، وتعتمد الشركة على دراسة أوضاع الشركات والمصانع والإشراف بالقيام على الإدارة والهيكلة، بعد معالجة الخلل وعمل دورات العمل لتحسين الأداء وتغير الصورة بتحويل الخسائر لأرباح. ليس هذا فحسب بل قامت الشركة بإجراء إعادة هيكلة لشركات فى جميع القطاعات بين 12 و14 شركة، وتسعى الشركة إلى سياسة التوسع فى الأسواق الخارجية، وبدأت بالفعل مع السوق السعودى، وتستهدف السوق الأوروبى من خلال السوق البلجيكى، بدعم خفض قيمة الجنيه. الرجل يبحث عن الجديد فى مجاله عاشقاً لكل ما هو حديث فى مجال التكنولوجيا، ومؤلفات رجال البيزنس الناجحين، دائماً يسعى إلى تحقيق ما تبقى من استراتيجية للشركة التى حقق منها 65% والنسبة الباقية تتمثل فى غزو الأسواق الخارجية، والسعى إلى إدراج الشركة بالبورصة خلال 2020. يظل الرجل يبحث عن الجديد، شغوفاً للترحال والاطلاع على ثقافة الآخرين، عاشقاً للموسيقى والسينما، محباً للألوان التى تحمل الحافز ويجده فى اللون الأحمر والنمو ويجده فى الأخضر، لم يصل بعد إلى مرحلة الرضا عن النفس، لأنه مع كل مرحلة يتجدد الطموح بأهداف أخرى، لكن يظل همه التقدم بالشركة للأمام، فهل يحقق ذلك؟