هو أحد مُثقفي مصر الذين يُشار إليهم بالبنان؛ فقد قدم للمكتبة العربية ثلاثين كتاباً في الثقافة والتحليل الأدبي، كما قام بترجمة ثمانية كتب من عدة لغات أجنبية إلى العربية. إنه الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة، والذي تلتقي به "بوابة الوفد" الإلكترونية في هذا الحوار حيث يتحدث فيه عن رؤيته لإصلاح وزارة الثقافة وإعادة المصريين للكتاب، كما يتحدث عن سر غياب المشير طنطاوي والدكتور الجنزوري عن حضور افتتاح معرض الكتاب، بالإضافة الى سر اختفاء لوحة الخشخاش حتى الآن بعد أن ذكرت بعض التقارير أنه تم العثور عليها في أحد قصور الرئاسة وأن سوزان مبارك كانت هي من وراء اختفائها... *في البداية ماهي خطتكم في إصلاح وتجديد وزارة الثقافة خاصة أن قطاعات الوزارة مليئة بالمشاكل والعراقيل؟ ** لا أحد ينكر أن هناك تراكمات وسلبيات عديدة داخل قطاعات الوزارة، فهي تركة ثقيلة نحاول أن نتغلب عليها ونُصلح ما يمكن إصلاحه عن طريق عدة محاور؛ أولها أن نبعث في الناس روح التفاؤل الى جانب تعقبنا المستمر لحالات الفساد، وكذا نحاول أن نكتشف المواهب ونعطيها الفرصة المناسبة، بالإضافة إلى عودة النشاط الثقافي مثل افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب ومركز الهناجر، وقاعة صلاح جاهين في مسرح البالون، ومعرض الشهيد زياد بكير، وتنظيم حفل في الأوبرا لصالح صندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين، وتشكيل لجان المجلس الأعلى للثقافة وعودتها للعمل مرة أخرى، وفي النهاية نحن نفعل ما علينا والتوفيق بيد الله. *وكيف سيتم التعامل مع ذيول النظام السابق الموجودين داخل قطاعات وزارة الثقافة؟ **أنا لا أجامل أحدا ولو تبين لي أن هناك مخالفات أو أخطاء فلن أتغافل عنها وسأحول مرتكبها للنيابة فوراً، حتى ولو كان هذا الشخص ابني أو أبي، فالأشياء التي كان يمكن أن يتم التغافل عنها سابقاً لن أسمح بها في عهدي، فهناك شفافية ومحاسبة للجميع، وكما يقولون ليس في وزارة الثقافة موظف على رأسه ريشة. * وماذا عن موظفي الوزارة الذين تعدوا السن القانونية ويحرمون الشباب من فرص العمل؟ ** كانت خطتي واضحة من البداية واستكمالاً لما فعله الدكتور أبو غازي، فقد تم الاستغناء عن أي مستشار، فالوزارة والحمد لله ليس بها مستشارون يأخذون ملايين ولا آلاف ولا حتى مئات الجنيهات، كما أن خطتنا واضحة في تكريم من وصل للسن القانونية للمعاش وهو 60 عاماً، وإتاحة الفرصة أمام آخرين لأخذ فرصتهم وتقديم ما لديهم من إمكانات. * حدثنا عما تردد مؤخراً من أن الوزارة تعد مشروعاً لفصل بعض القطاعات مثل السينما والمسرح والمتاحف عن الوزارة وعمل وزارة خاصة بهم على غرار وزارة الآثار؟ **غير صحيح، وكل ما في الأمر هو تنفيذ فكرة تخفيف المركزية، حيث نقوم بإعطاء صلاحيات لرؤساء هذه القطاعات بأن يتصرفوا في حدود القانون، ولكن في نفس الوقت هناك أشياء ومواضيع لابد من الرجوع للوزارة فيها، كما أن الوزارة تقوم بعمليات متابعة مستمرة لهذه القطاعات. * انتقد الكثيرون غياب رئيس الوزراء أو أحد أعضاء المجلس العسكري عن حضور افتتاح معرض الكتاب..فهل يُعد هذا تجاهلا لأهمية المعرض؟ ** بالطبع لا.. فقد حضر الافتتاح سبعة وزراء، أما عن غياب رئيس الوزراء عن الافتتاح فهذا ليس له أي سبب سياسي، لأن الدكتور كمال الجنزوري كان لديه اجتماع وزارى عاجل تزامن مع موعد افتتاح المعرض، وبالنسبة لعدم حضور أحد أعضاء المجلس العسكري فكان هناك ممثلون عنهم حضروا افتتاح الجناح الخاص بهم والذي يحرصون على تواجده منذ سنوات طويلة. وفي رأيي الشخصي أن عدم حضورهم أفضل، لأنه يدعم فكرة اللامركزية التي تحدثت عنها منذ قليل، وذلك بإعطاء الوزراء والمسئولين صلاحيات أوسع، أما عما كان يفعله النظام السابق بأن يقوم الرئيس بافتتاح معرض الكتاب؛ فلا يُعقل أن يقوم رئيس الجمهورية بافتتاح كل الكباري والطرق والمعارض والمتاحف والمستشفيات!!. * أكدت بعض التقارير أن لجنة جرد القصور الرئاسية عثرت على لوحة زهرة الخشخاش وانها كانت لدى سوزان مبارك؛ فما تعليقك على ذلك ؟ **غير صحيح بالمرة، فليس كل ما يُنشر في الصحف صحيحا، والحديث عن تقرير لجنة الجرد محض شائعات، والدليل أنه لو وجدت لجنة الجرد هذه اللوحة في القصر الجمهوري لكانت قد أرجعتها للوزارة. أما عن الجديد في موضوع اللوحة, فهناك جهات أمنية تُتابع الأمر، ومؤخراً وصلت لي معلومة بأن اللوحة موجودة في لندن، حيث اتصل بي شخص لهجته عربية ويبدو من لكنته أنه من السودان وأخبرني أنه من الإنتربول وأنهم عرفوا مكان اللوحة, لكنه طلب مني أن نُساهم في ثمن استرداد اللوحة ولكنني رفضت وقلت له كيف وهي ملكنا وملك الدولة ؟!، فرد بأنه سيحضر لمصر قريباً ليتفاوض معنا وحتى الآن لم يتحدث مرة أخرى. * رغم وجود مشاريع للقراءة والنشر, إلا أننا نلاحظ ابتعاد أغلب المصريين عن القراءة وعن الثقافة.. فكيف ستُعيد المواطن المصري مرة أخرى إلى القراءة والاطلاع؟ **في البداية أحب أن أوضح أن الثقافة ليست فقط وزارة الثقافة، إنما هي الحياة التي نعيشها، والخبرات التي نكتسبها، وأما بالنسبة لإعادة المواطن للقراءة مرة أخرى، فهذه ليست مسئولية وزارة الثقافة وحدها، وأنا أرى أنه يجب أن يتم عمل مشروع قومي تشترك فيه وزارة الثقافة مع التربية والتعليم والتعليم العالي والشباب والوزارات الأخرى المعنية لنشر الثقافة بين المواطنين، وهذه المشروعات تكون موجهة للمراحل التعليمية المختلفة، فلا نقول مشروع القراءة للجميع، ولكن مشروع القراءة للمرحلة الابتدائية، ومشروع القراءة للمرحلة الإعدادية، ومشروع القراءة للمرحلة الثانوية، ومشروع القراءة للمرحلة الجامعية. ونختار خبراء ومتخصصين ليختاروا نوعيات الكتب وشكلها ومادتها لتُناسب كل مرحلة، ونأتي بخبراء آخرين ليقوموا بعمل قياس ما يسمي "الانقرائية" وهي استبيانات لمعرفة مستوى القراءة لدى المواطن والموضوعات التي يُحب أن يقرأ فيها، وهكذا. *ولكن هل سيصلح هذا المشروع في الوقت الذي تُعاني فيه مصر من نسبة أمية كبيرة جداً؟ **ولم لا..! أنا قلت فلنبدأ وليكن هذا المشروع ضمن مشروع محو الأمية، وإن كنت أقترح أن يتم عمل وزارة خاصة بمحو الأمية وتعليم الكبار، وأنا واثق أنه لو عمل كل شخص في مجاله الذي يحبه سنتخلص من هذه المشكلة خلال أعوام قليلة. *في الوقت الذي تتحدث فيه عن مشروع قومي للقراءة نرى أن المكتبات العامة المملوكة لدار الكتب مُتهالكة وليس بها أي تطوير؟ **أعرف أن كثيرا منها مُتهالك، ولكن كل مكان داخل وزارة الثقافة يُحاول أن يُطور من نفسه، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار ظروف مصر الاقتصادية والتي تحول دون تنفيذ كثير من خطط التطوير. وأرى أن هناك نشاطاً ملحوظاً يتم داخل دار الكتب والتي تحاول جاهدة هذه الأيام أن تُبرم اتفاقيات مع مكتبات عالمية في لندن وباريس لتطوير مكتباتنا. واعتقد أنها نجحت مؤخراً في تطبيق تحديثات على أجهزة البحث والفهرسة، كما قاموا بعمل شبكة أمن متطورة لحماية الكتب والمكتبات. *في نهاية حديثنا..كيف سيتمكن وزير الثقافة من النهوض بحالة المثقفين والأدباء خاصة بعدما وصل الحال بالمثقف الكبير عبد الرحمن أبو عوف أن يُدفن في مدافن الصدقة؟ **حقيقة أنا حزنت كثيرا لهذا الأمر، ونحن في الوزارة نحاول قدر الإمكان أن نرتقي بالحالة المادية والمعنوية للأدباء والمثقفين، ولكن هذا ليس من مهام وزارة الثقافة فقط، بل عمل أجهزة الدولة مجتمعة، وأتمنى أن تقوم الدولة بعمل صندوق لعلاج الأدباء والمثقفين، وعمل صندق للرعاية الاجتماعية لهم، ولدينا تجربة في ذلك، حيث أنشأنا مؤخراً صندوقا في الهيئة العامة لقصور الثقافة، ولكن في نفس الوقت هذا الصندوق غير كاف وإن لم يتم دعمه مادياً سيتوقف. وأتمنى من رجال الأعمال الوطنيين المخلصين أن يقوموا بدعم هذه الصناديق على أن يخصم دعمهم من الضرائب المستحقة عليهم. شاهد الفيديو: ;feature=youtu.be