لسان الإنسان مصدر هنائه أو شقائه، وإذا أصبح ابن آدم فإن أعضاءه كلها تكفر اللسان قائلة: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا. وقال صلى الله عليه وسلم: "وهل يُكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"، ردًا على سؤال معاذ رضى الله عنه "يا نبي الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟". والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيرًا من قول أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شرًا من قول أو عمل حصد غدًا الندامة. يروى أن أسدًا مرض، فعادته الوحوش كلها، وتخلف الثعلب، فوشى الذئب بالثعلب عند الأسد، فسمع الأسد كلامه وغضب. وقال له الأسد: إن جاء الثعلب فأخبرني وكان بحضرتهما أرنب، فمضى الأرنب مسرعًا وأخبر الثعلب بما جرى، فأسرع الثعلب وصاد كركيا (وهو نوع من الطيور لذيذ الطعم) وترقب الثعلب خلوة الأسد ودخل عليه، فقال له الأسد: ويلك! أمرض فتعودني الوحوش كلها إلا أنت، قال الثعلب: أيها الأسد المطاع، الشديد البأس، الجليل قدره، لقد علمت مرضك وحزنت كثيرًا ولكني كنت أستشير الأطباء فأشاروا عليّ بأن تأكل كركيًا وتستخرج مرارته وتمزجها بدم ساق ذئب وتدهن بها. فإنك تبرأ برءًا عاجلًا بإذن الله تعالى، وأحضرت الكركي، فأخذ الأسد الكركي واستخرج مرارته وأكله فوجد من نفسه نشاطًا. فصدق الأسد كلام الثعلب، فلما حضر الذئب قبض عليه الأسد وقطع رجلًا منه. ومزج مرارة الكركي بدم رجل الذئب وأدهن بها فخرج الذئب ودمه يتقطر، ورجله مقطوعة ترجف حتى سقط مغشيًا عليه، فقال الثعلب للذئب: يا صاحب الخف الأحمر إذا حضرت المجالس فاحفظ لسانك واترك الوشاية، فإنك تنجو من الضرر وتسلم من الخطر. [email protected]