مازالت الزوبعة الفكرية التى أثارها الكاتب والروائى الدكتور يوسف زيدان بتصريحاته المستفزة حول القائد العربى صلاح الدين الأيوبى مستمرة وسط رفض واستنكار شديدين. لذلك يجىء كتاب المستشرق البريطانى الكبير هاملتون جب عن القائد العربى صلاح الدين بعنوان «حياة صلاح الدين» الذى سيصدر قريبًا عن دار رؤية للنشر والتوزيع من ترجمة وتقديم الأستاذ الدكتور ناصر عبدالرزاق الملا جاسم المختص، أبلغ رد علمى على مزاعم الدكتور يوسف زيدان عن صلاح الدين من جانب معسكر الآخر الغربى الذى خاض ضده القائد العربى صلاح الدين معاركه الشرسة لاسترداد القدس حيث عرفت بالحروب الصليبية. يقول فى مقدمة الكتاب: «تمثل حياة وإنجازات صلاح الدين واحدة من أعظم اللحظات فى تاريخ الحروب الصليبية. إذ تظهره الأدبيات فى أغلب الأحيان بصورة البطل الفاتح الذى أذاق أعداءه مرارة الهزيمة، وأجبرهم فى نهاية الأمر على الاستسلام لإرادته. أما إمعان النظر فى واقع حياته فيكشف لنا أنه لم يكن مجرد فاتح، ولكنه كان رجلاً واجه كثيرًا أعداء من بنى جلدته ليفرض عليهم أخيرًا الالتحاق به والجهاد تحت رايته. ومن هذه الزاوية نراه قائدًا يجاهد فى سبيل مثالياته، تجلت بطولته ليس فقط فى انتصاراته وإنما فى النموذج الذى يقدمه، وهو نموذج لإنسان تملكته الآمال والرؤى وأعجزه الزمن عن تحقيقها». بهذا النص استهل أحد اشهر المستشرقين والمؤرخين البريطانيين، السير هاملتون جب عميد الاستعراب البريطانى، والعضو المؤسس لمجمع فؤاد الأول للغة العربية، والصديق الحميم لطه حسين ومحمد حسين هيكل وغيرهما من كبار المفكرين العرب، كتابه عن صلاح الدين. إن كتاب حياة صلاح الدين للمستشرق هاملتون جب قطعة نادرة من البحث العلمى الأصيل والتفهم الغربى المنقطع النظير لشخصية عالمية، أصبحت كما يقول مؤرخ بريطانى آخر هو نورمان دانيال أكثر شهرة من كل ملوك التاريخ الأوروبى، فلا ريتشارد قلب الأسد حصد عند غير الإنجليز من التكريم ما حصده صلاح الدين ولا لويس التاسع كسب اعجاب الأوروبيين كما فعل صلاح الدين. بينما يرى المترجم الدكتور ناصر عبدالرزاق الملا جاسم: صدور الترجمة العربية للكتاب فى هذا التوقيت بالذات يمثل تصحيحًا لبعض السفه والخلط الذى يحلو للبعض ترويجه بحق هذه الشخصية التاريخية الخالدة. إذ يستعذب البعض– ومنهم أسماء مرموقة اعلاميا للأسف- أن يخوض فى التاريخ بصورة عبثية بعيدًا عن التمحيص الحقيقى للمصادر، بينما يكون الإعداد الحقيقى للمؤرخ مهمة شاقة تتطلب جهدًا وصبرًا ووقتًا طويلًا، وباختصار شديد «كلما زاد علم المرء فى ميدان من الميادين كلما تردد كثيرًا فى إطلاق التصريحات الدعائية، والعكس هو الصحيح، كلما زاد الترويج وتضاعفت البهرجة الدعائية عندها يصعب أن تجد علما نافعا». وكان زيدان قد وصف مؤخرًا صلاح الدين الأيوبى بأنه احقر شخصية فى التاريخ واتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.