«لا تستخدم مدفعاً لتقتل بعوضة».. حكمة صينية تنطبق على المشهد الاقتصادى بعد مطالبة صندوق النقد برفع أسعار الفائدة. فى هذا الصدد قالت بحوث مباشر المالية: إن أى رفع محتمل لأسعار الفائدة سيكون غير ذى جدوى اقتصادية، حيث إنه سيعمل على رفع تكلفة الاقتراض لكل من القطاع الخاص وقطاع الموازنة دون أثر إيجابى يذكر على التضخم. قالت إسراء أحمد، المحلل الاقتصادى ببحوث مباشر فى مذكرة بحثية: إن التضخم المرتفع هو ظاهرة مؤلمة لكنها مؤقتة وهى نتيجة طبيعية - وإن كانت قاسية - لقرارات نوفمبر 2016، وفى هذه الحالة فإن رفع سعر الفائدة لمحاولة السيطرة على التضخم سيكون مثل استخدام مدفع سينال من حوافز الاستثمار وأهداف الموازنة لمحاولة قتل بعوضة التضخم، والتى سيخطئها المدفع حتماً ولكن مخلفاً الكثير من الضرر. وأضافت أن رفع أسعار الفائدة فى احتواء التضخم عن طريق تحجيم السيولة النقدية وتشجيع الادخار، يؤدى إلى تباطؤ وتيرة الطلب على السلع والخدمات، وبالتالى تنخفض وتيرة ارتفاع الأسعار، ولكن ليست تلك الحالة حالياً، مؤكداً أن التضخم فى مصر هو تضخم تكلفة والناتج عن تبعات القرارات التى تم اتخاذها فى 2016، وليس ناتجاً عن ارتفاع الطلب بأى حال، فقد أدى قرار تعويم الجنيه المصرى ورفع الدعم جزئياً عن المحروقات، بالإضافة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة إلى ارتفاع تكلفة العملية الإنتاجية واستيراد مدخلاتها، مما أدى إلى زيادات مطردة فى الأسعار، وبالتالى فإن أية سياسات موجهة لتحجيم الطلب سيكون أثرها على التضخم محدوداً، هذا إن كان لها أثر على الإطلاق. كما أن أسعار الفائدة الأكثر ارتفاعاً على الأوعية الادخارية لن تحقق جذباً كبيراً للسيولة المتداولة، وإنما قد تؤدى إلى إعادة ترتيب الودائع الموجودة بالفعل فى الجهاز المصرفى. وأشارت إلى أن معدلات التضخم بالغة الارتفاع سلباً على حوافز الادخار لدى الأفراد، بينما يظل تأثير رفع أسعار الفائدة ضعيفاً لحل المشكلة، ولن تنجح الأوعية الادخارية ذات العائد 20٪ فى أن تثنى المستهلك عن شراء أجهزة منزلية يعلم أن سعرها سيزداد بما يقارب 50٪ فى المدى القصير، ولكنه سيسارع لشرائها محاولة منه لاستباق ارتفاع الأسعار، هذا النوع من الطلب لا يمكن تحجيمه بواسطة أسعار فائدة حقيقية سلبية مهما ارتفعت قيمتها الاسمية وأنه من الممكن الوصول بأسعار الفائدة الاسمية لمعدلات تجاوز ال 30٪ لاستباق التضخم. كما أشارت إلى أن رفع أسعار الفائدة سيكلف الاقتصاد الكثير من التكلفة الأعلى للاستثمار، وكذلك امتصاص السيولة من البورصة، حيث ستؤدى أية ارتفاعات محتملة فى أسعار الفائدة، خاصة إذا صاحبها تطبيق ضريبة الدمغة المزمعة على تعاملات البورصة إلى التأثير سلباً على سوق المال، خاصة أن قطاع المالية العامة لا يحتمل المزيد من ضغط الفوائد.