أوكسفام: الأثرياء يزدادون ثراء بينما يتفاقم الفقر العالمي    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    ترامب يعلن عن لقاء مع زهران ممداني الجمعة في البيت الأبيض    تنبيه من الأرصاد بشأن طقس اليوم الخميس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    منى أبو النصر: رواية «شغف» تتميّز بثراء نصّها وانفتاحه على قراءات متعددة    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
نشر في الوفد يوم 12 - 04 - 2017

إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدر
إحصائيات: الثانية عالمياً فى الانتهاكات الجنسية
«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
خبراء: انتهاك حرمات 99٫3٪ من النساء فى المواصلات والشوارع
القوانين غير رادعة.. والمجتمع لا يرحم الضحية
تحقيق: دينا توفيق
إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدراك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.
اك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.