«مدبولي» يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال 52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    أحزاب القائمة الوطنية تعقد اجتماعا اليوم لبحث استعداداتها لانتخابات مجلس النواب    أستاذ جولوجيا يكشف أسباب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل    بدء أولى اجتماعات اللجنة الخاصة لإعادة دراسة المواد محل اعتراض    «عاشور»: تنفيذ مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء ومدن القناة بتكلفة 24 مليار جنيه    95 منظمة دولية وإقليمية تشارك في «أسبوع القاهرة الثامن للمياه»    عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم السبت 4-10-2025 والشعبة تكشف توقعات الفترة المقبلة    أسعار الفاكهة اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 فى أسواق الأقصر    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية عن مشروع إحياء منطقة طلمبات المكس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 4 أكتوبر 2025    50 فدان أرز غرقوا بسبب زيادة منسوب المياه.. مزارعو "دورة الدوايدة" بالإسماعيلية يستغيثون: نطالب بتحويل المصرف المغطى لمكشوف لاستيعاب المياه (صور)    زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي: مهمتنا الآن منع إفشال خطة ترامب    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    موعد مباراة ريال مدريد أمام فياريال في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    ب«100 لجنة».. بدء التسجيل ب «عمومية الاتحاد السكندري» لتعديل لائحة النظام الأساسي للنادي اليوم (صور)    «الداخلية» تضبط 13 شركة ومكتب سياحي بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    أجواء حارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    «الداخلية»: ضبط 443 قضية مخدرات وتنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم مروع بالطريق الدائري في الفيوم    قبل ثاني الجلسات.. ماذا قالت سارة خليفة أثناء محاكمتها في قضية المخدرات؟    التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 662 بلاغًا خلال شهر سبتمبر 2025    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    «قوته مش دايمًا في صالحه».. 5 نقاط ضعف خفية وراء كبرياء برج الأسد    مهرجان الإسكندرية يحتفي بفردوس عبد الحميد في ندوة تكريمية اليوم    ستحصل على معلومة جوهرية.. حظ برج القوس اليوم 4 أكتوبر    نور إيهاب ل"فيتو": اعترافي بجريمة الاغتصاب في «نور مكسور» هزّني نفسيًا!    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    إجراء أولى عمليات زراعة قوقعة سمعية في مستشفى أسوان التخصصي    «الرعاية الصحية»: من بورسعيد بدأنا.. والتكنولوجيا الصحية لم تعد حكرًا على أحد    من غير مواد حافظة.. طريقة عمل الكاتشب في البيت لسندوتشات الأطفال    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء الكندي يلتقي مع ترامب في البيت الأبيض الثلاثاء المقبل    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    الزمالك في اختبار صعب أمام غزل المحلة لاستعادة صدارة الدوري    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    الخبراء يحذرون| الذكاء الاصطناعي يهدد سمعة الرموز ويفتح الباب لجرائم الابتزاز والتشهير    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    اليوم.. إعادة محاكمة شخصين في خلية بولاق الدكرور الإرهابية    "ضد الحظر" خطوات شحن شدات ببجي uc عبر Midasbuy.. مجانا مضمونة 100%    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة فيضان النيل واتخاذ الإجراءات الوقائية بأراضي طرح النهر    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
نشر في الوفد يوم 12 - 04 - 2017

إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدر
إحصائيات: الثانية عالمياً فى الانتهاكات الجنسية
«التحرش».. نقطة سوداء فى ثوب «المحروسة»
خبراء: انتهاك حرمات 99٫3٪ من النساء فى المواصلات والشوارع
القوانين غير رادعة.. والمجتمع لا يرحم الضحية
تحقيق: دينا توفيق
إنسان حياته شهوانية يتخيل كل البنات بحسب نموذج مشوه يراه فى المواقع الإباحية أو على صفحات الشات المنحرفة.. إنه إنسان مضطرب نفسياً سارق للذة مؤقتة دون أن يدرك عواقبها.. هذه هى صفات «المتحرش جنسياً»، وأغلب من يندرجون تحت هذا النموذج عاطلون.. أطفال وتلاميذ وموظفون وشيوخ.. فكيف ينظر الأطباء والمتخصصون لهذه الفئة من المتحرشين وما هى الدوافع لهذا المرض الذى أصبح عدواناً خطراً على المجتمع.. وبعد أن وصلت مصر للمركز الثانى عالمياً فى التحرش، أصبحنا نحتاج إلى وقفة مع أنفسنا وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال من أجل التوصل لحلول لتلك الأزمة، وذلك عن طريق المنزل والمدرسة والمؤسسات الدينية والدراما التليفزيونية.
فى البداية يجب أن نشير إلى أن هناك العديد من المحاولات المستميتة من قبل البعض لتحميل الفتيات وحدهن المسئولية الكاملة عن تلك الجريمة، وأنه لولا أنها خرجت من بيتها سافرة بغير حجاب، وبملابس ضيقة مثيرة للشهوة، مخالفة تماماً للأعراف والتقاليد، ولولا سلوكها السيئ وتصرفاتها المشينة وحركاتها، لما تعرضت لذلك، ولما سمعت كل هذا من هؤلاء الشباب بل الذئاب، متناسين أن هؤلاء الذئاب لا يفرقون بين ملتزمة بالزى الشرعى وغير الملتزمة، وإن كان تعرضهم لغير الملتزمة أكثر بالطبع، إلا أنهم يتعرضون أيضا للمحجبات والمنتقبات، وهو ما يؤكد أن الفتاة لا تتحمل المسئولية وحدها.
وقد نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) فى عام 2015 نتائج بحث قامت به على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملهن البحث، بأنهن تعرضن لنوع من أنواع التحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء إلى هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
وحتى عام 2014 لم تذكر كلمة تحرش جنسى فى أى مواد بالقانون المصرى وكان المحامون يستخدمون المواد الخاصة بهتك العرض والفعل الفاضح بالطريق العام من قانون العقوبات، إلى أن تم تعديل تلك القوانين وظهر مصطلح التحرش الجنسى بمسماه الحقيقى, ولكن العقوبة ما زالت غير كافية بالمرة.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبها استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت - إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر و5 سنوات, بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
ومما يلفت النظر هو أنه حتى الآن لم يتم تنفيذ أحكام رادعة ضد أى متحرش مما يعطى انطباعاً بالرضوخ العام للظاهرة مما جعلها تمتد لأول مرة إلى الجامعة من فترة طويلة لنجد مجموعة شباب يتحرشون بطالبة داخل أسوار الجامعة لنفاجأ بعد ذلك برئيس الجامعة آنذاك وبعض الإعلاميين يهاجمون الفتاة الضحية ويبررون ذلك بأن ملابس الفتاة لم تكن محتشمة.
ولا شك أن السبب وراء تفشى الظاهرة هو انحدار مستوى الأخلاق العامة وغياب الأمن بعد ثورة يناير، وتقبل المجتمع للظاهرة متعللين بلبس الفتيات رغم أن هناك سيدات منتقبات تعرضن للتحرش فالظاهرة لا ترتبط بملابس الفتاة.
ولكن انتشار الظاهرة بهذا الحجم المخيف لم يبدأ إلا عقب ثورة 25 يناير وبعد الانفلات الأمنى الذى اجتاح مصر منذ حينها وحتى الآن.. باختصار هناك رابط بين زوال نظام مبارك وبين تفشى هذه الظواهر وهو ما يفسره الدكتور سعيد صادق – أستاذ الاجتماع السياسى - بأن الكبت هو المتهم الرئيسى فى هذا التحول, حيث يقول: «السبب فى هذا التحول هو الكبت الذى خرج من المصريين بعد 30 عاماً عانوا فيها من حكم ديكتاتورى، وفجأة شموا نسيم الحرية فى يناير 2011، كل الأمراض النفسية المختبئة بداخلهم بدأت فى الصعود إلى السطح موجهة نحو الأضعف وهو المرأة لتصبح البجاحة فى كل شيء طبعاً فى الشارع المصرى خاصة مع انعدام الأمن فى الشارع فالأقوى يفعل ما يريد تجاه الأضعف.
والمعروف فى مجتمعاتنا الشرقية أن المرأة هى من فئات المجتمع الأضعف التى يمكن أن يراها بعض غير المتزنين من الرجال فريسة يمكن ممارسة القهر عليها.
مبادرة «شفت تحرش»
وتقول هالة مصطفى، المنسق العام لمبادرة شفت تحرش: بدأت المبادرة فى أكتوبر 2012 وتهتم المبادرة بالعمل على مكافحة جريمة التحرش عن تطريق التوعية والرصد والتوثيق.. وقد أكدت الإحصائيات أن 99.3% من النساء يتعرضن للتحرش فى المواصلات العامة والشوارع.. فضلاً عن أن مصر تحتل المركز الثانى عالميا بعد أفغانستان فى التحرش. باختصار إن ما يحدث من تحرش ليس ظاهرة لكنه جريمة ترتكب بشكل يومى.. هذا وقد كشف التقرير الأخير لجهاز التعبئة والإحصاء أن مصر تتكلف سنويا 2 مليار و800 مليون تكلفة العنف ضد النساء فى مصر الذى يعد التحرش أحد أشكاله. وتؤكد هالة أن التحرش فى مصر يحظى بحاضنة اجتماعية مباركة.. ويكفى أن فتاة الشرقية كانت ترتدى فستاناً قصيراً بسبب ذهابها إلى حفل زفاف فكانت النتيجة أن تم التحرش بها ثم صرحت الداخلية بعد ذلك بأن السبب وراء ذلك هو ملابسها وحملت المجنى عليها مسئولية تعرضها للتحرش.. ومما يلفت النظر هو «الهاشتاج» الذى انتشر بشكل كبير وهو «أول محاولة تحرش كان عمرى» ليكشف حقائق مفزعة وهى أن هناك حالات تعرضت للتحرش فى سن الرابعة أو الخمس سنوات والمؤسف هو أن هؤلاء الأطفال عندما حاولوا إبلاغ أمهاتهم بهذا الأمر، تمت معاقبتهم بدلاً من معاقبة المتحرش.. وتؤكد هالة أن لدينا نظاماً لا يعنيه مسألة التحرش فى شىء ويلقى اللوم على الضحية.. فضلاً عن الخطاب الدينى الذى يدعو المرأة إلى المكوث فى بيتها حفاظاً على نفسها مما يعطى مبرراً شرعياً للتحرش.. وفى النهاية المطلوب تغليظ العقوبات على مرتكبى تلك الجريمة لأن القوانين غير رادعة ويشوبها عوار شديد.
العقوبة الجنائية
ويرى المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن قانون العقوبات على المتحرش قد تم تعديله لأقصى عقوبة لتصل إلى السجن ثلاث سنوات فى حالة التحرش والإعدام فى حالة الاغتصاب ولكنها عقوبة غير مفعلة.
ويفسر «الإسلامبولى» ذلك قائلاً: «يجب أن تكون الفتاة أو السيدة المتحرش بها أكثر شجاعة وتبلغ الشرطة ولكن ما يحدث أن الفتاة وأهلها يخشون على سمعتها إذا عرف أنها تعرضت للتحرش فرغم أنها ضحية إلا أن المجتمع يحملها وصمة عار إذا عرف أنها تم التحرش بها أو اغتصابها».
الممنوع مرغوب
ويشير الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إلى أن جميع المتحرشين يشتركون فى صفة مشتركة، فهم يرفضون المجتمع ويتعاملون بعنف، ويمكن ملاحظة اضطراباتهم النفسية والسلوكية، فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، فهم لا يبالون ولا يهتمون بالعواقب التى قد تقع عليهم، كل ما يهتمون به هو اللذة الجنسية والشعور الوقتى الذى يعيش فيه للحظات.
وأكد الدكتور هاشم أن «التحرش ما هو إلا هوس جنسى بالأشياء نتيجة انتشار ثقافة الحرمان فى العموم.. كما أن المجتمع المصرى والعربى ينظر إلى المرأة على أنها مجرد جسد، كلما زادت فكرة الغطاء يزداد الهوس، الممنوع مرغوب».
وأضاف أن الكبت والفصل بين الجنسين له عامل كبير فى التحرش، لأنه يزيد من التخيل لدى الرجل من وجهة نظره فقط، وهذا يؤدى إلى عدم إدراك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.
اك متطلبات المرأة كإنسان، مضيفاً أن التفكير بهذا الأسلوب ينتزع الإنسانية فتصبح المرأة للرجل مجرد جسد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.