منظمات دولية: أجساد المصريات «خرائط للصراع»

رصد عدد كبير من المنظمات الدولية ظاهرة التحرش الجنسى فى مصر، وحذر من تفشى جرائم التحرش ب«شكل وبائى» فى الشوارع والميادين والمواصلات العامة، فى ظل عدم وجود تشريعات رادعة تحول دون ارتكاب مثل تلك الجرائم. ونددت المنظمات ب«سلبية المجتمع» ونظرته الخاطئة لضحية التحرش على الرغم من تزايد نسبة الجريمة بشكل غير مسبوق، معربة عن «قلقها البالغ» إزاء استمرار الظاهرة فى الشوارع المصرية. ونشرت الأمم المتحدة نتائج الدراسة التى قامت بها على الفتيات والنساء فى بعض محافظات مصر، أكدت فيه زيادة نسبة التحرش بمصر بصورة غير مسبوقة، حيث أجابت 99.3% من النساء والفتيات اللواتى شملتهن الدراسة بأنهن تعرضن للتحرش.
وأشارت الدراسة إلى أن أشهر أنواع التحرش كان لمس جسد الأنثى، حيث عانى 59.9% من النساء من هذا النوع بينما جاء فى المرتبة الثانية التصفير والمعاكسات الكلامية، حيث عانى منها 54.5% من النساء والفتيات.
واعتبر القانون المصرى أن التحرش الجنسى جريمة، ويحاكم مرتكبه استنادًا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش- سواء كان لفظيا، أو بالفعل، أو سلوكيا، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت- إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات، بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصرى.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن مخاوفها من أن يكون تعريف التحرش الجنسى مقصورا، على الأفعال التى ترتكب بقصد الحصول على الإشباع الجنسى من الضحية.
وقالت المنظمة إن النساء يواجهن فى مصر عنفا وبائيا وتمييزا، مستندة إلى الدراسة السابقة، التى أجرتها الأمم المتحدة ووزارة الصحة تبين أن 99 % من النساء ممن شملهم المسح، أنهن تعرضن للتحرش الجنسى و47% منهن تعرضن للعنف المنزلى.
ونبهت إلى أن الرجال يستهزئون بالقانون، فبعض الغوغاء يعتدون على النساء المتظاهرات جنسيا فى ميدان التحرير، وحتى بعدما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مهام منصبه.
وقالت منظمة هيومان رايتس مونيوتور، فى دراسة مطولة لها تنشرها على الصفحة الرئيسية فى موقعها على الإنترنت، إن التحرش الجنسى فى مصر لا ينتهى، مؤكدة أن العنف الجنسى ضد النساء والأطفال فى السنوات القليلة الماضية بات يمثل رعباَ للغالبية العظمى من الفتيات، فيتعرضن للتحرش الجنسى من الضباط وأمناء الشرطة والعساكر خلال فترة اعتقالهن، يشمل ذلك التحرش الجنسى وكذلك التحرش اللفظى.
وأكدت فى الدراسة التى أعدتها تحت عنوان «المرأة المصرية فى مرمى المواجهة.. حين تتحول أجساد الفتيات إلى خرائط للصراع» أن التحرش الجنسى فى الشوارع من قبل شباب بل وأطفال أيضا قد وصل إلى درجة «مفزعة وغير مسبوقة» فى تاريخ مصر.
وأضافت: «تتعرض المرأة المصرية للتحرش الجنسى فى الشوارع والمواصلات العامة وفى أى تجمع تتواجد فيه الفتيات كالمظاهرات، والمهرجانات أو الاحتفالات، بل وتصل تلك الحالات إلى الاغتصاب الجماعى فى ظل غياب تام عن العدالة وتواطؤ قوات الشرطة مع القضاء فى محاكمة مرتكبى هذه الجرائم».
وحذرت من أن الظاهرة تؤثر فى عقلية وقيم المجتمع الذى تعيش فيه الفتاة المصرية، لافتة إلى أنها باتت محل هجوم من المجتمع إذا ما اشتكت من تعرضها للتحرش أو حاولت تقديم بلاغ، وتكون عرضة للتنكيل بها وفضحها إعلاميا فلا هى تلقى دعما من الشرطة أو المجتمع مما يهدد بازدياد حالات العنف الجنسى بشكل كبير.
وطالبت «مونيتور» بضرورة إطلاق سراح جميع الفتيات المحتجزات تعسفيا وإيقاف تنفيذ «الأحكام المسيسة» التى صدرت بحقهن وتعويضهن عن الحرمان من الحرية، ومن كافة حقوقهن التى سلبت منهن بقرار سياسى.
ودعت السلطات المصرية بتعديل قانون العقوبات فى مواده 267، 268، 269 ليشمل تجريم جميع أنواع العنف ضد المرأة.