لم تستوعب عقولهم الصغيرة سوى اللهو واللعب، وعالمهم المحدود بلعبتهم التي يعيشون معها الخيال والواقع، فبرائتهم سر ابتسامتهم وبمنتهى العفوية والتلقائية يتعاملون وليس كالكبار الناضجين يتوخون الحذر في تعاملتهم فاقصى شئ يقومون به اتجاه من يؤذيهم هو الصراخ والبكاء باحضان أمهاتهم أو يصيبهم الصمت وتتغير طباعهم. بينما الأمهات أصبحت في حيرة ومأزق بعد تعرض أطفالهم الصغار الذين مازالوا لم يستطيعوا النطق بالكلمات المفهومة للتحرش وليس فقط من الكبار والذي يمكن أن يعقابهم القانون بل من قرنائهم الأطفال. وظهرت في الفترة الأخيرة حوادث شاذة متمثلة في تعدي الأطفال على أطفال مثلهم بصورة أثارت الفزع بقلوب الأباء والأمهات، خوفًا على أبنائهم وما يرادوهم من مخاوف بجانب كيفية توصيل مفهوم التحرش وكيفية تجنبه وتوخي الحذر منه لطفل عمره لا يتعدى أصابع اليد الواحدة. فمنذ أيام قليلة تعرضت طفلة بعمر الخمس سنوات لهتك عرضها على يد زميلها الذي يبلغ عمر 8 سنوات، واكتشفت والداتها الأمر عقب عودة طفلتها من الحضانة تشتكي من ألم شديد وبكشف والدتها عليها وجدت دماء على ملابسها الداخلية، وحررت محضرا بالواقعة. فيما واجهت داليا طفلة 4 سنوات للتحرش بها من الخلف على يد زميلتها بالمرحلة الابتدائية داخل الحمام مستخدمة "قلم"، مما أصاب والدتها بنوبات غضب وذهول، متمسكة في حق ابنتها من إهمال المدرسة للأطفال. الجانب النفسي قالت وفاء الليثي حجاج، أستاذ الطب النفسي وطب نفس الأطفال بجامعة قناة السويس، إنه لا يستطيع خيال الطفل أن يصل لمثل تلك الأمور إلا لو رأها سواء عن طريق الوالدين أو شاهدها على الأنترنت، وربما تعرض الطفل لهذا الفعل من قبل. واعترضت الليثي على الرأي الذي يعيب حديث الأباء أو المدرسين مع الأطفال عن هذه الأمور، وشددت على ضرورة خلق صداقة بين الطفل ووالديه حتى يكونوا المرجع الأساسي له، مع وجود نصائح ومعلومات الزامية من ضمن التربية هدفها حماية الطفل من الغير، ويتم تقديمها للطفل في اجواء حنونة وهادئة حتى يفهم الطفل بصورة مبسطة دون يشعر بأنه سيعاقب عليها. ملخصة تلك النصائح واهمها رفض الاحتكاك الجسدي "لا تجعل شخص يلمس جسدك، لو في حاجات غلط أو حد طلب منك شئ غلط وخوفتي منه متوفقيش، متخليش حد يلمسك أو يقرب منك أو يشاهد ملابسك الداخلية، مينفعش حد يطلب منك كده او يعملها غصب عنك". "لازم اعلم ابني النقد الذاتي، واجعله هو من ينتقد نفسه ومن حوله واسأله هل هذا تصرف خاطئ أم لا، وفي حين أجابته كانت خاطئة اصححها له بمنتهى الهدوء والود، فغالبًا ما يكون الطفل المعرض للتحرش والاعتداء الطفل الخجول لذلك لابد من تنمية ثقافة الدفاع عن النفس للأطفال". وطالبت استاذ الطب النفسي، أن تهتم المدارس بتوعية الأطفال وتقديم الارشادات لهذا الجانب، مع توافر الأنشطة والمهارات المختلفة، بجانب أن توفر من ضمن المناهج تعريف الطفل بجسمه وكيفيه حمايته، لأنها وجبت هذه الأيام أن تطبق. الجانب الحقوقي والقانوني استنكر هاني هلال، الأمين العام للائتلاف المصري لحقوق الطفل، تناول الإعلام لواقعة تعدي طفل الثماني سنوات على زميلته بالمدرسة، مرجعًا السبب أن الطفل بهذا العمر ليس عليه مسئولية قانونية على أفعاله، لافتًا أن العقوبة تقع على المسئولين عن رعايتهم. وأعرب هلال عن استيائه، من انتشار مثل تلك الحوادث، متهمًا المسئولين عن حماية الطفل ومراقبته بالتقصير الجثيم، سواء من المدرسة أو الحضانة أو حتى الأسرة. وارجع سبب قدوم الأطفال على مثل تلك الوقائع، ترك الأباء الاطفال لمشاهدة أي شئ دون رقابة، أو تعرضهم لنفس ذات الفعل من قبل اخرين. وأوضح الأمين العام للإئتلاف المصري لحقوق الطفل، أن الحد الأدني لسن الأطفال للمسئولية القانونية 12 سنة، مستكملًا أن الطفل من سن 12 ل 15 سنة لا يتم حبسه، إنما يتم وضع تدابير تربوية وتأهيلية له، فضلًا عن وجود بعض حالات الجرائم الشديدة يتم وضعه بمؤسسات تأهيلية. وطالب بتطبيق سياسات حماية الطفل داخل المؤسسات التعليمية وكل مؤسسة تتعامل مع الطفل بشكل مباشر، والتى بالفعل موجودة ولكن دون تفعيل، وعرض بعض بنودها ومنها:" مراقبة الأماكن البعيدة عن الأعين كالحمامات بشكل كبير، عدم غلق الأبواب على تلميذ أو تلميذة بمفردهم مع المدرس، وتوعية الطفل بالمخاطر التى قد يتعرض لها وكيفية الدفاع عن نفسه". واستنكر هلال، المدرسين الذين يرفضوا التطرق لموضوع كيف يستطيع أن يحمي الطفل نفسه من الاعتداء او التحرش والاغتصاب، بحجة انها شكل من أشكال الإباحية والتي لا يمكن أن تعرض للطفل، معتبره جهل منهم بالقانون، قائلًا:"هما بيرفضوا المسائلة ويعتبروها شكل من اشكال الاباحية انما هى وقاية من الاباحية والتحرش"، مطالبا أن تضم المناهج مهارات خاصة بخصوصية الجسد وسبل الحماية من الاستغلال. الجانب التربوي قالت نوال شلبي رئيس شعبة بحوث تطوير المناهج بالمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، إن لا يوجد مانع أن تضم وتهتم المناهج بالتوعية وتنمية ثقافة الطفل حتى لا يتعرض للتحرش، مع إلحاقها بالانشطة والمهارات بصورة أكبر، مرجعة السبب بأن الإرشادات والحديث الشفهي لا يؤتي بنتائج أكثر من الأنشطة. وبكل حسم أرجعت الدور الأساسي في مراحل الطفل الأولى للأسرة، ومسئوليتها لمعرفة الطفل "ماذا يجب ولا يجب"، بجانب دور المدرسة في التوعية والأنشطة الخاصة بتعريف الطفل أن جسده شئ قيم وممنوع أن يراه أو يلمسه أحد ومعرفة من المسموح له أن يخلع ملابسه أمامه، بجانب أن يدرك أن "التويلت" مكان خاص لا يصح أن يصطحب أحد من أصدقائه معه. وأكدت أن التطرق لمثل تلك المعلومات شئ ضروري جدًا وغير معيب، مطالبة بان تكون جلسات التوعية شئ إلزامي بتلك المرحلة، معربة عن غضبها من تقصير المسئولين عن الإشراف على الأطفال بالمدارس التى تجعل مثل تلك الحوادث تقع، مطالبة بزيادة الرقابة والاشراف والانضباط. أولياء أمور قالت "ز.أ"والدة طفلين أحداهما بمرحلة الكي جي والأخر بالمرحلة الأولى، "أنا اتصدمت لما سمعت عن اعتداء اطفال على بعض وبقينا نسمع عن حاجات شاذة كتير، أنا دايما بحاول أكون أنا وأطفالي اصحاب، وبقول لبنتي مينفعش حد يدخل معاكي التويلت أو تخلعي ملابسك ادام أي حد حتى لو زميلتك، ولو حد عملك حاجة وحستيها غلط تعالي قوليلي وانا هتصرف ومتخلش حد يعملك شئ غصب عنك، يعني احنا مش عارفين هنخاف عليهم من الكبار ولا العيال اللي زيهم". فيما أضافت والدت "ملك" طفلة في الصف الثالث الابتدائي: "اتفزعت من الخبر وبقيت مرعوبة اودي بنتي المدرسة حتى اخواتها الصغيرين بخاف اوديهم الحضانة وبوصي الدادة عليهم دايما، ولما بيرجعوا بحاول نقعد نحكي سوا عن اليوم". فيما استاءت إيمان مصطفى والدة طفل بمرحلة الكي جي قائلة:"دي كارثة والعيب على المدرسة اللي مش بتاخد بالها من الأطفال واحنا كأهالي لازم منسبش الموبايلات في أيدهم علشان بقينا مستهدفين، بينزلوا العاب وفيديوهات سيئة ومعيبة للأطفال، ولازم واقفة من المسئولين وحسبي الله ونعم الوكيل".