يأتى قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعلان حالة الطوارئ فى البلاد فى مرحلة مهمة وحساسة وفى ظل عمليات ارهابية وتهديدات امنية تحيق بالبلاد، وطبقًا للمادة 154 من الدستور، لرئيس الجمهورية الحق فى اعلان حالة الطوارئ بعد اخذ رأى مجلس الوزراء، على النحو الذى ينظمه القانون، وان يعرض هذا الاعلان على مجلس النواب خلال 7 ايام ليقرر ما يراه بشأنه، ويشترط موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا يمكن تمديدها إلا لمدة أخرى مماثلة، بشرط موافقة ثلثى أعضاء مجلس النواب، وفرض حالة الطوارئ فى مصر تعنى فى مضمونها فرض الحالة الاستثنائية فى مرحلة زمنية محدده قابلة للتمديد وفقا للظروف الامنية ومتطلبات المرحلة، وتعنى فى مضمونها ايضا اطلاق يد سلطات الامن فى كل اتجاه للوقاية ومنع التهديدات التى تحيق بالدولة فوفقا للمادة " 2 " من قانون الطوارئ يجوز إعلان حالة الطوارئ فى حالة الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها، أو عند تعرض الأمن والنظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى جزء منها للخطر بسبب حدوث اضطرابات أو فتنة داخلية أو كوارث طبيعية أو انتشار وباء. والملفت للنظر ان مصر عاشت دوما وفى اغلب عهودها السابقة منذ الاحتلال البريطانى الذى فرض الاحكام العرفية، والتى طورها الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر واطلق عليا اسم قانون الطوارئ، والتى امتدت فى عهد السادات باستثناء بضعة اشهر وطبقها مبارك طوال فترة حكمه، كما شهدتها مصر فى فترات متقطعة حتى ثورة 30 يونية عام 2013، إلى ان تمت الموافقة على الدستور الجديد للبلاد فى يناير 2014، والذى نظمت المادة 154 منه إعلان حالة الطوارئ بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، على النحو الذى ينظمه القانون، وضرورة عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، ومنذ هذا التاريخ عاشت مصر اطول مرحلة بلا طوارئ، باستثناء الطوارئ التى اعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى سيناء تجدد كل 3 شهور، بدأت فى نوفمبر 2014 عقب أحداث الشيخ زويد التى آدت لسقوط 33 جنديًا، ثم فى فبراير 2015، وأخيرًا فى 26 أبريل من نفس العام. إجراءات وتدابير وبموجب فرض حالة الطوارئ، يتم اتخاذ التدابير والاجراءات التالية وفقا لقانون الطوارئ وتتضمن فى اهم نقاطها : وضع القيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع أو الانتقال أو الإقامة أو المرور فى أماكن أو أوقات معينة، وإلقاء القبض على المشتبه بهم أو الخطيرين على الأمن والنظام العام، والترخيص بتفتيش الأشخاص والأماكن ووسائل النقل دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجزائية أو أى قانون آخر، والأمر باستخدام القوة بالقدر اللازم فى حالة الممانعة أو المقاومة، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بالإغلاق التام لهذه المحال كلها أو بعضها، ومراقبة سائر أنواع المراسلات ووسائل الإعلام المختلقة المقروءة والمرئية والمسموعة ودور العرض وما فى حكمها وشبكات وسائط المعلومات والاتصالات والمؤلفات والنشرات وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان ومنعها وضبطها ومصادرتها وتعطيلها وإغلاق مقارها وأماكن طباعتها. فرض الحراسة المؤقتة على أى منشأة أو أى منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وحجز الأموال وكذا تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة أو التى تستحق على ما تم حجزه أو الاستيلاء أو فرض الحراسة عليه، إلغاء العمل بتراخيص الأسلحة النارية والذخائر والمفرقعات والمواد القابلة للانفجار أو التى تدخل فى صناعة أى منها ومنع تصنيعها أو استيرادها أو بيعها وشرائها أو نقلها أو التصرف بها أو حملها أو حيازتها والأمر بضبطها وتسليمها للجهات الأمنية المختصة وفرض الرقابة أو السيطرة على أماكن صنعها وعرضها وبيعها وتخزينها. إخلاء بعض المناطق أو عزلها وفرض منع التجول فيها وإغلاق الطرق العامة أو بعضها وتنظيم وسائل النقل والمواصلات وحصرها وتحديد حركتها بين المناطق المختلفة. تكليف الأشخاص للقيام بأى عمل أو أداء أى خدمة ضمن حدود قدرات كل منهم، وزيادة معدلات ساعات العمل اليومى للعاملين فى وحدات ومرافق الخدمة العامة سواء على المستويين المركزى والمحلى أو فى إطار أى منهما أو فى حدود وحدة أو وحدات إدارية بعينها، ومنع كل اشكال الاحتجاجات من مسيرات او اعتصامات او اضرابات وكل ما من شأنه تعطيل الحياة العامة ونشر الفوضى، ويجوز القبض فى الحال على المخالفين لأحكام هذا القانون والأوامر الصادرة بمقتضاه ويجب تبليغ كل من يقبض عليه أو يتم اعتقاله بأسباب القبض أو الاعتقال على الفور، كما يكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع عليه. ويعطى قانون الطوارئ صلاحيات كبيرة واستثنائية للسلطة القضائية، ويمنح الرئيس أيضًا والنيابة العامة سلطات فى هذا المجال لاحالة المتهمين او تشكيل الدوائر لسرعة المحاكمات. أول مرة وقد عرفت مصر قانون الطوارئ لاول مرة عام 1958، وحمل رقم 162، غير ان تنفيذ هذا القانون لم يتم الا أثناء حرب 1967، ورغم انه كان اول قانون رسمى للطوارئ الا ان المراحل التاريخية التى سبقته شهدت ما يعرف باسم الاحكام العرفية، وهى أيضًا حالة من الطوارئ الاستثنائية مع اختلاف المسمى، حيث أُعلنت الأحكام العرفية فى مصر لأول مرة عام 1914من قبل بريطانيا وعينت حاكمًا عسكريًا خلال الحرب العالمية الأولى، وتضمن دستور 1923 أول نص ينظم إعلان الاحكام العرفية،، وأُعلنت الأحكام العرفية للمرة الثانية عام 1939 بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، بمقتضى القانون رقم 15 لسنة 1923، وانتهت عقب الحرب، ثم أعلنت الأحكام العرفية للمرة الثالثة عام 1943 بعد دخول الجيش المصرى فى حرب فلسطين، وأعلن انتهاءها عام 1950 عدا محافظة سيناء، وفى عام 1952 أعلنت الاحكام العرفية فى 26 يناير عقب أحداث حريق القاهرة، واستمرت 4 سنوات، قبل أن ترفع فى يونيو 1956، وفى عصر جمال عبد الناصر وصف دستور 1956 لأول مرة «الأحكام العرفية» ب «حالة الطوارئ» فى المادة 144 من «الدستور»، ونص بأن يعلن الرئيس حالة الطوارئ ثم تعرض على مجلس الامة خلال 15 يومًا، ثم أعيد صياغة المادة فى دستور 1964، وبدأت حالة الطوارئ فى عهد عبد الناصر، بالقانون رقم 162 لسنه 1958، وهى الحالة التى بدأت فى وقت العدوان الثلاثى عام 1956، واستمرت حتى عام 1964، ثم أعيدت حالة الطوارئ مرة أخرى أثناء العدوان الاسرائيلى على مصر عام 1967، واستمرت 13 عامًا حتى 1980 وظلت مصر تحت قانون الطوارئ رقم 162 حتى عام 79 حيث قرر الرئيس الراحل انور السادات الغاء العمل به وبالفعل امتد الالغاء لمدة 18 شهرًا فى عام 1980، ثم أعيد فرضه بعد اغتيال الرئيس أنور السادات فى أكتوبر 1981، وتم تمديد حالة الطوارئ حسب الدستور لمدة ثلاث سنوات من عام 1981 م، واستمر تمديد حالة الطوارئ طوال فترة حكم الرئيس مبارك وفى، وفى عهده اتسعت سلطة الشرطة، وتم تعليق الحقوق الدستورية وفرض السلطات الرقابية، كما قيد قانون الطوارئ النشطاء السياسيين ومنع المظاهرات فى الشوارع، المنظمات السياسية غير المعلنة، ومنع التبرعات المالية غير المسجلة، وتم فى عهد مبارك احتجاز اكثر من 17.000 ألف شخص، وقدر عدد السجناء السياسيين بأكثر من 30.000 سجين، وفى 12 مايو 2010، صدق البرلمان المصرى على تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين آخرين، وقامت بعض المنظمات الحقوقية المصرية بإعلان رفضها لهذا القرار وطالبت بتشكيل لجنة وطنية للتصدى لتمديد العمل بقانون الطوارئ، ولجأت إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ل"فضح" مخالفات النظام فى حينه باعتبار ان قانون الطوارئ يتم استخدامه لملاحقة المعارضين خلال الانتخابات البرلمانية التى جرت فى 2010 والانتخابات الرئاسية عام 2011. واعتبرت المنظمات الحقوقية المصرية والدولية استمرار العمل بقانون الطوارئ طوال فترة مبارك، يمثل تكريسا لقيام السلطة التنفيذية بتقييد حرية الأشخاص وان اى جرائم خطيرة تهدد امن البلد كالارهاب او المخدرات يوجد قوانين عقابية جنائية فى الدولة يمكن من خلالها مواجهة هذه الجرائم والقضاء عليها، غير ان مبارك لم ينصاع للمطالبات الحقوقية بالغاء الطوارئ إلى ان قامت ثورة 25 يناير حيث خرجت أصوات عديدة للمطالبة بوقف حالة الطوارئ، استنادا إلى ان التعديلات الدستورية التى تمت فى مارس 2011 م والتى تستوجب اجراء استفتاء الشعب فى حال مد حالة الطوارئ، وبالفعل تم الغاء الطوارئ، الا انه فى 10 سبتمبر 2011 قرر المجلس العسكرى الذى يقوم بدور رئيس الجمهورية باعلان حالة الطوارئ مجددا بعد أحداث السفارة الإسرائيلية فى القاهرة، ثم قرر المجلس تمديد العمل بالطوارئ حتى قبل يوم واحد من ذكرى الثورة بدءًا من 25 يناير 2012م، وبعدها أعلن عن إيقاف العمل به نهائيًا يوم 31 مايو 2012. وفى أغسطس 2013 م خلال المرحلة الانتقالية التى مرت بها مصر بعد ثورة 30 يونية التى اطاحت بحكم الإخوان والمرشد والرئيس محمد مرسى، قام الرئيس المؤقت عدلى منصور بإعادة العمل بقانون الطوارئ وفرض حالة الطوارىء بدءا من 14 أغسطس ولمدة شهر وذلك عقب قيام وزارة الداخلية بفض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، وبعدها تم الغاء حالة الطوارئ والعمل بالقوانين العادية الجنائية على الرغم من التهديدات الارهابية القاسية التى تعرضت لها مصر العمليات التى واجهها الجيش والشرطة منذ هذا التاريخ وحتى أول أمس 9 ابريل، حين أعلن الرئيس السيسى حالة الطوارئ على اثر التفجيرات الإرهابية التى استهدفت الكنائس.