حالة من الاستياء تعم جميع المحافظات المصرية بعدما ضل برنامج «تكافل وكرام» الطريق، وأصبح برنامجاً لدعم الأغنياء بدلاً من الفقراء، وازدادت حدة الغضب بين المواطنين الفقراء والمستحقين لدعم البرنامج لهم ممن ليس لهم دخل ثابت، واشتكى كثيرون من سوء تنظيم عملية اختيار المستحقين لتلك المساعدات، التى باتت تهدد بفشل المشروع، ليأتى ذلك، رغم تصريحات وكلاء وزارة التضامن الاجتماعى فى العديد من المحافظات بأن من يصرف هذه المساعدات هم الفقراء فقط دون غيرهم من المقتدرين، وأنه لا يملك أى موظف مجاملة مواطن أو حرمان مستحق. لكن مواطنين بسطاء التقتهم «الوفد» كان لهم رأى آخر، إذ أكد عدد كبير منهم أنهم لم يحصلوا على أى دعم من برنامج تكافل وكرامة، وأن أوراقهم ما زالت حبيسة الأدراج، وبين يديهم، ويستمر هؤلاء البسطاء في التردد يوماً تلو الآخر على مكاتب «تكافل وكرامة» دون نتيجة ملموسة، مؤكدين أن هناك أشخاصاً بعينهم يتم الموافقة لهم على صرف معاش «تكافل وكرامة». البرنامج تم تدشينه فى مارس من العام الماضى، وهو لكبار السن فوق ال65 عاماً والمعاقين الذين ليس لديهم دخل ثابت وتبلغ قيمته 350 جنيهاً، فى حين يمنح الأسر الفقيرة التى لديها أطفال معاشاً شهرياً بقيمة 325 جنيهاً، من خلال 3800 مكتب بريدى على مستوى الجمهورية، ويبلغ إجمالى عدد الأسر المستفيد مليوناً و200 ألف أسرة تضم ما يقرب من 5 ملايين و335 ألف فرد فى أكثر من 2400 قرية مصرية، شرط استمرار أولادهم فى المدرسة وتلقى خدمات الرعاية الصحية ضمن برنامج «تكافل». «الوفد» قامت بجولة ميدانية فى منطقة ترسا التابعة لمحافظة الجيزة، والتقت العديد من المواطنين البسطاء، الراغبين فى التقدم بأوراقهم للبرنامج، أمام مكتب تكافل وكرامة فى منطقة ترسا. البداية كانت مع زكية محمود فهمى، التى قالت إنها قامت بتقديم أوراقها إلى مكتب تكافل وكرامة بالمنطقة منذ عام كامل.. والمكتب رفض استلام أوراقها وأصبحت كعب داير رغم أحقيتها ورغم أن زوجها ليس له عمل محدد، وأنه أرزقى كل يوم برزقه، وأضافت زكية أنها تعول طفلين مؤكدة أن المكتب يأخذ أوراق بعض من المواطنين لهم واسطة واصفة مصر بأنها ما زالت كوسة. وأكدت أنها تعانى من ارتفاع الأسعار وتريد أى مساعدة على سد احتياجاتها. وقالت نعمة على محمدى متزوجة من بائع متجول فى الشارع إن شرطة المرافق ألقت القبض عليه، ولديها طفلان، وأضافت أنها قدمت أوراقها ل«تكافل وكرامة» منذ عام، وحتى الآن لم يتم إدراج اسمها ضمن مستحقى تكافل وكرامة، مضيفاً أن الحياة أصبحت فى غلاء مستمر، وأنها هى وأولادها نسيت طعم اللحمة.. وإذا أرادت أن تقوم بتحضير وجبة لحوم تقوم بشراء أجنحة الدجاج، أو «العفشة»، مؤكدة أن ثمن العفشة أصبح ليس فى متناول يديها الآن. وأوضحت نعمة أن المبلغ المنتظر صرفه من تكافل وكرامة وقدره 350 جنيهاً، ليس بالمبلغ الذى يستطيع أن يسد احتياجاتهم، ولكنه سوف يساعد على الحياة وشراء كيلو لحمة وأرز، مضيفة أن أسعار فاتورة استهلاك الكهرباء أصبحت مرتفعة جداً.. والشهر الماضى كانت قيمة الفاتورة 300 جنيه. وأشارت إلى أن كثيراً من غير مستحقى الدعم تمكنوا من استصدار الموافقات على أوراقهم وتم منحهم معاشات تكافل وكرامة فى حين أن كثيراً من المستحقين الحقيقيين للدعم لم يتم إدراج أسمائهم حتى الآن. وقالت هبة عبدالله، متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، إنها استطاعت أن تضم اسمها ضمن مستحقى الدعم خلال الشهر الماضى، واستطاعت الحصول على 500 جنيه، اشترت بها 2 كيلو لحوم وكمية من الأرز والزيت والسكر، ولوازم المنزل، مؤكدة أن أطفالها منذ عيد الأضحى الماضى لم يشاهدوا اللحوم فى البيت، مضيفة أن المبلغ جيد جداً، ولكن المشكلة فى الأسعار التى تزداد كل يوم قائلة: إحنا قبل كده ماكناش بناخد حاجة ولكن الأسعار كانت فى متناول اليد. ووجهت هبة كلمة للرئيس عبدالفتاح السيسى قائلة: ياريس اقف معانا علشان نقدر نقف معاك. وطالبت بأن يتضمن برنامج تكافل وكرامة السيدات اللواتى ليس لهن أطفال، مؤكدة أن لديها أخت متزوجة منذ 7 سنوات تدعى نهى عبدالله، ولم يرزقها الله بالذرية، وزوجها بلا عمل واصفة حياتها بالضنك قائلة: يعنى لو سيدة فقيرة وربنا مارزقهاش بالعيال، تموت من الجوع. وقالت مواطنة أخرى تدعى أم محمد إنها حصلت على 500 جنيه أيضاً الشهر الماضى، وأن برنامج تكافل وكرامة شىء هام فى وسط هذا الغلاء الذى أصبح ينهش فى بطون الفقراء.. ولكن إذا وقفنا على أرض الواقع سنجد أن 500 جنيه لا تستطيع أن تفعل شيئاً وسط الغلاء المتفشى فى شتى المجالات سواء مأكل أو كهرباء أو علاج. «الوفد» نقلت هموم المواطنين الغلابة إلى المسئولين، فقالت الدكتورة نيفين القباج مساعد أول وزيرة التضامن الاجتماعى للحماية الاجتماعية إنه تم استبعاد 72 ألف شخص من مساعدات البرنامج لعدم استحقاقهم، إذ يتم حالياً بدء تنفيذ برامج تدريب لجان المساءلة المجتمعية فى محافظتى قنا وسوهاج التى تختص بمراجعة قوائم المستفيدين، والتأكد من استحقاق المساعدات النقدية فى تكافل وكرامة، خصوصاً أن البرنامج بدأ مرحلة الجودة ورصد المخالفات التى تشمل تنقية قوائم المستفيدين وضمان الالتزام بشروط البرنامج بعد النجاح فى تطبيقه بجميع المحافظات. وقال محمد فؤاد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بأسيوط، إن إدخال بيانات المواطنين يتم بواسطة أجهزة «التابلت» الذى يرفع بدوره هذه البيانات للوزارة مباشرة.. والموظف مدخل البيانات يعتمد على أمانة المواطنين فى تقديم بيانات صحيحة، مضيفاً أنه نظراً لتوقع حدوث تجاوزات من قبل المواطنين وقت إدخال بياناتهم التى تم تقديمها، فقد ألزمنا كل من وردت أسماؤهم بالتوقيع على إقرارات عند استلام «الفيزا كارد» بمسئوليتهم عن كل البيانات التى تم تقديمها. وحال مخالفتهم أو إخفائهم أى معلومات يتم إلزامهم برد هذه المبالغ مع إحالتهم للنيابة العامة، موضحاً أنه جار الآن التحقق من بيانات كل مواطن صرف المعاش، بالتعاون مع عدة جهات منها «التأمينات» و«الزراعة»، وهكذا يتم الصرف دون واسطة وبشفافية. وأكد فؤاد أن موظف وحدة الشئون الاجتماعية المكلف بإدخال بيانات المواطنين لا يملك استبعاد شخص أو تزكية آخر، مضيفاً أن بيانات المواطن وأوراقه المقدمة بمعرفته هى التى تؤهله لصرف مساعدات تكافل وكرامة من عدمه، ورداً على سؤال حول إمكانية صرف سيدات مساعدات تكافل وكرامة، وأزواجهن يعملون فى دول خارج مصر، وقال إنه أصدر تعليمات لرؤساء وحدات الشئون الاجتماعية على مستوى المحافظة، بأنه عند استلام الفيزا كارد للزوجة لابد أن يكون الزوج حاضراً معها؛ للتأكد من كونه موجوداً دخل مصر وليس خارجها، حتى يصرف هذه المساعدات من يستحقها فقط، وتلك الطريقة هى الوحيدة التى بها نتحقق من سفر الزوج خارج البلاد من عدمه، نظراً لعدم وجود تنسيق بين وزارة التضامن الاجتماعى ومصلحة الجوازات والهجرة فى هذا الشأن. وقال حسين الباز، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى، فى محافظة قنا، إنه كان يوجد تجاوز من موظف بإدارة التضامن الاجتماعى فى منطقة الوقف، ومجاملة منه لبعض الأشخاص.. فتم استبعاده على الفور من التعامل مع الجمهور وتحويله إلى إدارى، مضيفاً أن هناك لجنة تم تشكيلها من الرقابة والمتابعة والضمان والتفتيش الإدارى لبحث شكاوى المواطنين المتضررين من عدم صرف مساعدات «تكافل وكرامة». وحول طلب وحدة الشئون الاجتماعية فى «القلمينا»، من المواطنين الذين قدموا شكاوى إلى وزارة التضامن الاجتماعى يتضررون فيها من المساعدات وصرفها فقط للأغنياء، بملفات جديدة تحتوى على خطاب يفيد عدم امتلاكهم أى حيازات زراعية وعدم إرسال الملفات الجديدة للوزارة مرة أخرى أنكر الباز ذلك، قائلاً: أى مواطن لديه شك فى أن وحدة الشئون الاجتماعية التابع لها لم ترسل بياناته للوزارة يأتى لمكتبى، وأنا سأدخل رقمه القومى أمامه على التابلت، ويشاهد بعينه بياناته التى أدخلت سابقاً على السيستم، لافتاً إلى أن الشاكى أو المتضرر غالباً لا يكون صاحب حق، وإنما الخطأ عنده لعدم تقديمه بيانات دقيقة أو غير مطابقة للمواصفات. ويبقى أمل كبار السن والمعاقين والفقراء والأرامل بمحافظات الصعيد متعلقاً بالمسئولين، مطالبين بالتدقيق فى بيانات من صرفوا مساعدات تكافل وكرامة ليوقفوا الصرف للأغنياء ويهتموا بالفقراء والبؤساء.