على الرغم من الدعم الايراني والروسي الكبير للنظام السوري اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، منذ بداية الأزمة في 2011، ووسط الدمار والفوضى والبراميل المتفجرة والتصريحات واللقاءات والاجتماعات والدعوات إلى حل الأزمة في البلاد، تندلع منافسة حامية جديدة بين طرفين من المفترض انهما في فريق واحد . وبحسب خبراء ومحللون سياسيون، فإنه ومع دخول الحرب في البلاد عامها السابع تبرز المنافسة بين إيرانوروسيا، مؤكدين أنه على الرغم من تواجدهما في فريق واحد يدعم الرئيس السوري بشار الأسد، فإن "استراتيجيتهما تختلف للانتصار في المعركة". ويبدو أن التقارب الروسي - التركي "المفاجيء" في الفترة الأخيرة قد أظهر على السطح المشكلات الدفينة والتي لم تظهر ولم يكن يتوقعها أحد، حيث تساءل موقع "تابناك" الالكتروني الذي يديره محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الايراني، ما اذا كان "إشراك تركيا في محاولات انهاء الحرب في سوريا" يمكن ان يشكل "تهديدا" لايران ام لا؟!. وأكد وزير الخارجية الايراني في مقابلة مع قناة "الميادين" التلفزيونية بثت الخميس الماضي من طهران "بالطبع كانت هناك دائما مناطق صادفنا فيها وجهات نظر مختلفة حول مواضيع محددة، ولكن لم يكن هناك اي انقسام بين ايرانوسورياوروسيا حول المواضيع المهمة". وكانت وكالات الانباء العالمية تناولت معركة الجيش السوري للسيطرة على كامل مدينة حلب في ديسمبر من العام الماضي، حيث كانت رغبة إيران هي الاستسلام الكامل لفصائل المعارضة في احياء حلب الشرقية، إلا أن روسيا رأت انه لابد من إبرام إتفاق مع تركيا لإجلاء 34 ألف شخص من شرق المدينة، وهو ما كان مغايراً تماماً لرغبة إيران وحليفها العسكري حزب الله اللبناني. وأوضح ضابط سوري، رفض الكشف عن اسمه في تصريحات صحفية لإحدى وكالات الأنباء، ان "الاتفاق مع تركيا كان ضرورياً للسيطرة على حلب"، مشيراً إلى ان انقرة تحاول دائماً وضع عوائق امام تقدم الجيش السوري من خلال السماح بإدخال آلاف المقاتلين المعارضين الى سورية عبر حدودها. وأكد أن روسيا أبرمت اتفاقاً مع تركيا على إغلاق حدودها، وهو ما ساهم وبشكل فعال للغاية في إحكام الخناق على قوات المعارضة، ثم عمدت لاحقاً الى ضمان ممر آمن لمقاتلي الفصائل (من حلب). واستطرد قائلا "حاولت ايران وحلفاؤها تأخير تنفيذ الاتفاق الى ان حصلوا على مكسب في المقابل وهو ان يتم بالتوازي إجلاء المدنيين المرضى والجرحى من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من الفصائل المعارضة في محافظة ادلب (شمال غرب)". وفي مطلع العام الجاري، أبرمت روسياوتركيا اتفاقاً يقضي بوقف شامل لاطلاق النار في سورية، وذلك خلال المحادثات التي دارت بين الحكومة والمعارضة في العاصمة الكازاخية "أستانا" برعاية روسية تركية، وذلك بعد اسبوع واحد فقط من سيطرة القوات النظامية على مدينة حلب، وهو ما انضمت إليه إيران لاحقاً. إلي جانب ذلك، شكلت محافظة إدلب عامل انقسام آخر بين ايرانوروسيا، حيث طالبت ايرانروسيا بشن معركة جديدة من اجل فك الحصار المفروض على بلدتي الفوعة وكفريا منذ 2015، الا ان روسيا كانت ماتقابل الطلب الإيراني بالرفض. وتشير التقارير الميدانية الى ان عدد القوات العسكرية الروسية قد تضاعف في سورية، على الرغم من إعلان موسكو خفض قواتها هناك وخاصة الجوية. وعلّق الخبير العسكري الروسي بافل فلغنهاور على هذا الأمر قائلا إن قيام روسيا بمضاعفة قواتها في سورية ساهم في إثارة القلق لدى إيران، مشيراً إلى ان روسيا "شكلت مجموعات مسلحة محلية أقل كلفة من المرتزقة الروس، وتشبه قوات الصحوة (قوات عشائرية مناهضة لتنظيم القاعدة) التي شكلها الاميركيون في العراق". وأضاف فلغنهاور أن قوات "صقور الصحراء" و"الفرقة الخامسة"، بالاضافة الى مجموعتين مسلحتين سوريتين واخرى فلسطينية "لواء القدس" تلقوا تمويلاً وتدريباً من روسيا وشاركت في معارك عدة، الأمر الذي يقلق إيران كثيراً. ومنذ إندلاع الأزمة السورية في 2011، ساهمت كل من إيرانوروسيا وبشكل كبير في ترجيح كفة النظام السوري بزعامة بشار الأسد في الصراع الدائر في البلاد ضد قوت المعارضة والعناصر الموالية لهم أو المجموعات الإرهابية، إلا ان إيران وهي دولة شيعية إقليمية، وروسيا وهي دولة عظمى لها رؤية وخطة استراتيجية تتضمن سوريا، فمصالحهما تختلف كثيراً حتى وإن كانا يلعبان في فريق واحد.