نشرت صحيفة "المونيتور" الأمريكية تقريرا حول الجهود المبذولة مؤخرا من أجل تمكين المرأة المصرية من الحصول على ميراثها الشرعي المستحق، الذي تمتنع العديد من الأسر بالصعيد وريف مصر من تسليمه لهن. واستهلت الصحيفة تقريرها قائلة: "في ظل غياب نص قانوني يعاقب الممتنعين عن تسليم المرأة ميراثها المستحق في تركات العديد من الأسر بالصعيد وريف مصر، كلّلت جهود منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي للمرأة الداعية منذ مارس 2016 إلى إصدار قانون يضمن حق المرأة المصرية في ميراثها الشرعي بموافقة اللجنة التشريعية لمجلس النوّاب في 14 فبراير على تعديل القانون رقم 77 لسنة 1943 الخاص بالمواريث". وتقدمت الحكومة بهذا التعديل إلى البرلمان بعد إقرار مجلس الدولة له من الناحية القانونية في 28 يناير، إلا أن موافقة اللجنة البرلمانية التشريعية ليست نهاية المطاف، وينتظر القانون العديد من المناقشات في اللجان البرلمانية الفرعية المختصة، ومن ثم التصويت عليه في الجلسة العامة للبرلمان لإقراره أو تعديله أو إلغائه. وذكرت الصحيفة أن التعديل يتضمن إضافة باب تاسع للقانون بعنوان العقوبات، وهي على عدد من الجرائم التي استحدثها التعديل أو اعتبرها للمرة الأولى فعلاً إجراميّاً، ومنها الامتناع العمدي عن تسليم أحد الورثة الشرعيين أي تركة نصيبه منها، ويعاقب الفاعل مدة حبس لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه مصري، ولا تزيد عن مئة ألف جنيه مصري، أو الامتناع عن تسليم أحد الورثة الشرعيين أو الجهات المختصة في شؤون الميراث، مثل المحاكم، أي سند (مستند قانوني) يثبت حق وريث في تركته، ويعاقب الفاعل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة مالية لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه، كما ينص التعديل على عقوبة من يكرر هذه الأفعال بالحبس لمدة لا تقل عن سنة. والميراث وفقا للقانون المصري هو حق ينشأ لشخص أو مجموعة أشخاص في ثروة، سواء كانت أموال سائلة أو ممتلكات، نتيجة وفاة صاحبها، وتقسم الحصص في تلك الثروة على هؤلاء الأشخاص بحسب نوع ودرجة قرابتهم بالمتوفي، مالك الثروة الأصلي، وفقا لما حددته الشريعة الإسلامية، ويطلق على الحصة المقررة لكل شخص نصيبه الشرعي. ونقلت الصحيفة تصريحات، بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية لمجلس النواب، عقب موافقة اللجنة على التعديلات مباشرة، قوله: القانون استوفى الضوابط الدستورية، ويواجه منع السيدات من الحصول على ميراثهن الشرعي في بعض مناطق الجمهورية، وهي إشارة إلى صعيد مصر وبعض المناطق الريفية التي انتشرت فيها هذه الظاهرة. وترفض الأسر في الصعيد والمناطق الريفية توريث الفتيات والسيدات للأراضي أو المقتنيات خوفا من انتقال تلك الأشياء إلى أزواجهن الذين لا يرتبط نسبهم بالأسرة. وفي اتجاه موازٍ للتعديلات المقترحة من الحكومة، دعت النائب نادية هنري منذ يناير إلى إضافة جرائم الامتناع عن تسليم الميراث الشرعي إلى قانون العقوبات المصري، وأجّلت اللجنة التشريعية مقترحها أسبوعاً، ينتهي الأحد في 19 فبراير، إلى حين الانتهاء من مناقشة مقترح الحكومة، ومن المتوقّع أن تستأنف مناقشة مشروعها وسط حالة من الجدل حوله. المقترح المقدم من هنرى ينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة عشر ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه كل من تسبب بنفسه أو بواسطة غيره فى منع أو حرمان أو انتقاص منفعة أو قيمة من حق أي من مستحقي الميراث وكذلك كل من اغتصب بالقوة أو بالتهديد أو صنع لنفسه سندا زائفا يثبت به أحقيته أو حرمان وارث من كل أو جزء من حصته من الميراث وكل من سهل أو ساعد على ذلك. ما فجر ذلك الجدل حول مقترح هنري هو رفض بعض النواب مثل أسامة العبد ومحمد أنور السادات ضم جرائم الامتناع عن تسليم الميراث الشرعي في التركات إلى قانون العقوبات المصري، حيث قال رئيس اللجنة الدينية للبرلمان أسامة العبد في تصريحات خاصة ل"المونيتور" إنّه يقدّر أنّ حرمان المرأة من الميراث في مصر أزمة كبرى وإنّه على علم بقرى كاملة في الريف والصعيد لا تمنح المرأة حقها الشرعي في الميراث، إلّا أنّه يرى أنّ تحديد عقوبات حجب المواريث في قانون العقوبات لا يراعي البعد الاجتماعي الخاص بأن النزاع في هذه الحالات يكون قائماً داخل الأسرة وبأنّه ربما يؤدي إلى تفتتها. وفي بيان لرئيس قسم التشريع في مجلس الدولة أحمد أبو العزم فور انتهائه من مراجعة تعديلات قانون المواريث المقدّمة من الحكومة في 28 يناير، شدّد على أنّ المشرّع عليه كبح جماح جرائم حجب الميراث التي استفحلت في بعض المناطق في مصر والتي تقع في الغالب في حقّ المرأة، إلّا أنّه لفت إلى أنّ أحد مميّزات التعديل المقترح من الحكومة هو السماح بالتصالح، ممّا يحافظ على الأسر المصريّة وصلات الرحم. وفي تصريحات خاصّة ل"المونيتور"، قالت أمل عبد الهادي، الناشطة الحقوقيّة في مؤسّسة المرأة الجديدة، إنّ الأزمة ليست في أيّ من المقترحين، سواء ستدرج جرائم حجب الميراث وعقوباته في قانون المواريث أم قانون العقوبات، ولكنّ الأزمة وفقاً لوجهة نظرها تكمن في أنّ القانون صعب التطبيق على أرض الواقع، لأنّ العادات والتقاليد التي تفضّل الذكر على الأنثى في الريف والصعيد ستمنع الإناث من المطالبة بحقوقهنّ في الميراث حتّى في ظلّ القانون، وستصبح الفتيات والسيّدات المطالبات بحقهنّ عن طريق القضاء والمحاكم في تلك المناطق موضع انتقاد وربّما قطيعة تامّة مع أسرهنّ. وأشارت إلى أنّ القانون المعدل كي يستوفي الغرض منه بتقليل جرائم حجب الميراث، يحتاج إلى توعية اجتماعيّة للإناث بحقوقهنّ وضرورة المطالبة بها.