بعد استهداف موكب فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى الليبى بهجوم مسلح أثناء مروره قرب قصور الضيافة بطرابلس، وأن الهجوم وقع بينما كان فى طريق عودته عقب افتتاح المقر الجديد للاستخبارات العامة. وتوقع الجميع ان تكون ليبيا دخلت نفقًا مظلمًا ولن تخرج منه. والحقيقة انه كانت هناك جهود مكثفة من جانب مصر طوال الفترة السابقة لتحقيق الاستقرار فى ليبيا، منها الاجتماع الوزارى العاشر الخاص بليبيا فى القاهرة 21 يناير الماضى وضم دول جوار ليبيا ومسئولين من الاتحاد الإفريقى والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط والممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر، وانتهى إلى تأكيد عدة مبادئ أهمها رفض التدخل الأجنبى فى ليبيا، وأكد الحاضرون رفض الحل العسكرى لحل الأزمة الليبية وتشجيع العملية السياسية التى تدعمها مصر، ودعا المجتمعون إلى إلغاء تجميد الأموال الليبية فى البنوك الأجنبية لتلبية احتياجات الشعب الليبى. وقبلها اجتمع عدد من الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام بالقاهرة يومى 12 و13 ديسمبر الماضى، حيث دار حوار مفتوح ومعمق تم خلاله التطرق إلى الأوضاع الراهنة بليبيا وتوافقوا على تثمين الدور الذى تلعبه مصر «من منطلق مسئوليتها التاريخية فى الحفاظ على وحدة واستقرار وسلامة ليبيا» وبعد نقاش مستفيض على مدى يومين كاملين وبرعاية وحضور الفريق محمود حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة وسامح شكرى وزير الخارجية، وتم استعراض جميع مراحل الأزمة وصولًا للاتفاق السياسى الذى تمت برعاية الأممالمتحدة وفريقها للدعم فى ليبيا، وأتفق الحاضرون على أنه يصلح كأساس لحل الأزمة الليبية إذا ما تم إدخال بعض التعديلات على ما تضمنه من أحكام وملاحق ليكون من شأنه إنهاء حالة الانقسام التى تعيشها البلاد منذ العام 2014، ويضع حدًا للأوضاع المتدهورة على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية التى تتخبط فيها البلاد وتطحن مواطنيها وتزيد من معاناتهم. وتلا ذلك الاجتماع الوزارى الثلاثى بشأن ليبيا فى تونس الذى شارك فيه وزير الخارجية سامح شكرى 19 فبراير الماضى، مع وزير الشئون الخارجية التونسى خميس الجهيناوى ووزير الشئون المغاربية والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية الجزائرى عبدالقادر مساهل، وأتى استجابة للمبادرة التى أطلقها الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى لإيجاد تسوية سياسية شاملة فى ليبيا. واستعرض الوزراء خلال الاجتماع نتائج الاتصالات والمباحثات التى أجرتها الدول الثلاث مع مختلف مكونات المشهد السياسى الليبى بهدف تقريب وجهات النظر، وتهيئة الظروف الملائمة لجمع الفرقاء الليبيين، ووضع أسس لحل سياسى توافقى للأزمة التى يمر بها هذا البلد الشقيق يحفظ وحدة أراضيه وسلامته الإقليمية، ويدعم مؤسساته، ويحقق آمال وتطلعات شعبه. وأكد سامح شكرى خلال الاجتماع أن مصر وتونس والجزائر هى أكثر الدول تضررا من استمرار حالة عدم الاستقرار فى ليبيا، وشددا على أنه لا بديل عن الحل السياسى الشامل فى ليبيا، ورفض التدخل الخارجي، والالتزام باستعادة الاستقرار فى ليبيا ومكافحة الإرهاب. وعرض شكرى التحركات والجهود التى بذلتها مصر لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف الليبية، مشيدًا فى هذا السياق بسلسلة اللقاءات والشخصيات التى استضافتها القاهرة خلال الفترة الماضية، وشملت رئيس مجلس النواب الليبى ورئيس المجلس الرئاسى، والقائد العام للجيش الليبي، ووفدًا من المجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى ممثلى أعيان وقبائل ليبيا، وممثلى المجتمع المدنى والإعلاميين والمثقفين الليبيين، وأكد ما لمسته مصر من توافق متنام بين الفرقاء الليبيين حول عدد من الثوابت الوطنية وكذلك القضايا العالقة فى إطار الاتفاق السياسى ويتعين الاستمرار فى الحوار للوصول إلى صيغ توافقية لمعالجتها. كما أشاد فى هذا الشأن بالجهود التونسية والجزائرية التى تتسق وتتكامل مع الجهود المصرية. وعقب تعرض موكب السراج لإطلاق نار، أجرى وزير الخارجية اتصالا هاتفيا به، وأكد له استمرار مصر فى بذل جهودها من أجل إتاحة الفرصة كاملة للأشقاء الليبيين للتوصل إلى حلول ترضى جميع الأطراف. ومن المؤكد ان الجهود المصرية التى ستتواصل مع جهود دول الجوار، اقلقت المتربصين بليبيا والأطراف الخارجية الأجنبية التى تستفيد من حالة عدم الاستقرار التى تقف وراء تدبير الهجوم على موكب السراج، ولكن الجهود ستتواصل لإخراج ليبيا من الحالة التى تمر بها وستواصل مصر ودول الجوار مساعدتها للخروج من هذا النفق لبر الأمان لتتفرغ ليبيا لبناء مؤسساتها.