أرست دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، مبدأ بعدم مشروعية وضع حد أقصى للعلاج على نفقة الدولة، وإلزام جهة الإدارة بتحمل التكلفة الكاملة لعلاج أحد المواطنين دون تحديد حد أقصى لتلك التكلفة. صدر الحكم برئاسة المستشار محمد مسعود رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد الشاذلي والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي وسامي درويش ومحمود أبو الدهب، نواب رئيس مجلس الدولة. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن تحديد الحد الأقصى للمبلغ الذي تتحمله الدولة في حالات علاج المواطنين على نفقة الدولة، وإن كان من شأنه توحيد المعاملة المالية بين المواطنين، إلا أنه جاء غافلا عن حقيقة أن تكاليف العلاج تتفاوت بحسب نوع المرض والحالة المرضية لكل مريض. وأضافت المحكمة إنه لا يجوز إعمال قاعدة المساواة إلا بين من تتماثل مراكزهم القانونية وأوضاعهم الفعلية، فذلك شرط تطبيقها، وحين يتخلف هذا الشرط يؤدي تطبيق قاعدة المساواة إلى عكس المقصود منها، والمساواة في المبلغ الذي يصرف لمرضى يختلف كل منهم في مرضه أو في حالته الصحة عن الآخر، وما يستتبعه ذلك من اختلاف نفقات العلاج، ينطوي على إهدار لمعنى ومضمون مبدأ المساواة ويتضمن غبنا لحقوق من يتسم مرضهم بالخطورة وبارتفاع تكاليف العلاج. وأشارت المحكمة الي أن العلاج الناقص وعدم إكماله حتى تمام الشفاء قد يستوي مع عدم العلاج في بعض الأحيان، وتصير الأموال التي صرفت إلى المريض وقصرت عن الوفاء بتكاليف علاجه حتى يشفى هدرا بلا جدوي، فلا المواطن عولج وشفي، ولا جهة الإدارة وفرت المال المبذول في هذا الشأن. واستندت المحكمة إلى أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 بشأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة والذي لم ينص على إلزام جهة الإدارة بحد أقصى لما يصرف للمريض الذي يتقرر علاجه على نفقة الدولة، وإنما منح في المادة (6) المشار إليها لرئيس مجلس الوزراء سلطة تقرير أن تتحمل الدولة جزءا من تكاليف العلاج، أو أن تتحمل تكاليف العلاج كاملة. وقالت إن المعيار المحدد في هذا الشأن هو الحالة الاجتماعية للمريض، وهو معيار يعتمد على ظروف وأحوال كل مريض على حدة، ومدى قدرته على تحمل جزء من نفقات علاجه، ولا يجوز لجهة الإدارة أن تتجاهل هذا المعيار، وأن تفرض حدا أقصى لتكاليف العلاج على نفقة الدولة يخضع له المرضي غير القادرين، وتحجب عن غير القادر حقه في العلاج علاجا كاملا على نفقة الدولة، وتغتال حقه في الرعاية الصحية التي كفلها الدستور، لسبب لا يد له فيه ولا يستقيم سندا لحرمانه من هذا الحق.