"لا تأذونى فى عائشة".. لخصت تلك الكلمات الرقيقة أسمى معانى الحب الذي حمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضرب به مثلا يحتذى به في العالم أجمع، فالحب عنده لم يكن كلمات تقال بل كان أفعالًا كوّن بها قواعد راسخة. فالبرغم من حمل الدعوة إلا أنه لم يكن يهمل زوجاته بل كان يسعى دائما للمزاح معهم حيث كان يتسابق دائما مع السيدة عائشة وتمازحه هى دائما بسؤالها كيف حال العقدة يقول كما هى فقد كان يصف لها حبة دائما بأنة مثل العقدة فى حبل لا يمكن فكها كما ضرب الرسول مثلا فى أبرز معانى الوفاء حين بكى عاما كاملا بعد موت السيدة خديجة وسمى عام الحزن . وفى عيد الحب لن نجد مثالا أروع من النبى صل الله عليه وسلم لنتعلم منه أصول الحب الحقيقى فلم يقصر الرسول حبة على زوجاته بل كان قلبا نبعا من الحب ينهل منه العالمين فقد كان أبا حنونا وصديقا رائعا وكان رجلا حنونه يلاعب الأطفال ولا يقسو عليهم فقد واسى أحد أبناء الصحابة حين مات عصفوره فبدلا من أن تحتفلوا بعيد الحب تعلموا أن تحيوا حياتكم بالحب أولا وسيروا على نهج رسول الحب نبيبنا وشفيعنا محمد (ص). وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أروع الأمثلة للحب الصادق، فالناظر لسيرته يجد أنه كان يقدر الزوجة ويوليها عناية فائقة ومحبة لائقة، فهو كان أول من يواسي زوجاتة ويخفف عنهم ويكف دموعهم، ولا يهزأ بمشاعرهم، بل أنه كان يهتم بها فالحب عنده كان فطره منذ طفولتة، فقلبه كان فياضًا بالمشاعر النبيلة لكل من حوله، حتى الذين يسيئون له كان دائما مايعفو عنهم، لتتبدل مشاعر البغض بالحب، والبعد بالقرب. ولعل من أعظم مظاهر الحب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذى ملئ قلبه وكيانه، بحبه لأمنا خديجة، فهو عاش حياتة مخلصا ووفيا لها إلى أبعد الحدود ولم يتزوج غيرها إلا بعد وفاتها، وظل يذكرها كثيرا ويدعو لها، ويوزع الهدايا على من أحبت، حتى قالت حيث السيدة عائشة رضي الله عنها "ما غِرْتُ على امرأة لرسول الله كما غِرْتُ على خديجة، لكثرة ذِكر رسول الله صلى الله عليه وآله إياها، وثنائه عليها". وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها، هي أول من أحبها الرسول، فلقد ناصرته وأيدته عندما جاءه الوحي فكان خائفاً يقول: زملوني زملوني، وعدما أفاق طمأنته بقولها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقوي الضيف، وتعين على نوائب الحق كما أن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة، جسّدت مظهرًا آخر جميلاً للحياة الزوجية، المبنية على الحب المتبادل، فكانت يقدم لها مالا يستطيع أحد أن يفعله الأن فهو كان يحرص على التنزه معها ليلاً للتخفيف من أعباءها، ويبادلها الضحك ويستمع إلى نكاتها وفكاهتها. كما أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يتعاظم على مساعدتها فى أعباء بالمنزل، ليشعرها بحبه لها، ويمتدحها فى كل الأوقات وأمام الجميع فدائما ماكان يقول "ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"، فضلا عن تقديمه الهدايا لها، ومعرفتة لمشاعرها دون أن تتحدث فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "أنى لأعلم اذا كنت عنى راضية واذا كنت عنى غضبى، أما اذا كنت عنى راضية فانك تقولين لا ورب محمد، واذا كنت عنى غضبى قلت: لا ورب ابراهيم؟". ولم يكن رسولنا الكريم أسوة لنا فى حبة لزوجاته فقط، بل أعطى لنا مثلا رائعا فى حب الأهل والأقارب، فتميز الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بحبه لأهله، وأبرز مثال على ذلك ماكان يفعله مه جده عبدالمطلب، الذي كفله ورعاه منذ صباه، وعمه أبي طالب، الذي وجد عليه كثيرًا حين توفِّي، حتى سمي ذلك العام "عام الحزن"، ثم عمه حمزة أسد الله، الذي كانت فاجعتُه فيه أكبر حين مثَّل به كفار قريش في غزوة أُحد، وابن عمه عقيل بن أبي طالب، الذي قال له: "يا أبا يزيد، إني أحبُّك حُبَّين، حبًّا لقرابتك مني، وحبًّا لِما كنتُ أعلمُ لحبِّ عمي إياك"، وهكذا مع سائر أهلهفقال النبى "لاعيبَ على الرجل في محبته لأهله". وحين نقفز إلى صحبة النبى صلى الله عليه وسلم نتذكر على الفور حبه لرفيق دربه الفاروق عمر بن الخطاب، ولصهريه المبجلين: علي وعثمان، وزيد بن حارثة، وابنه أسامة. وامتد الحب النبوي ليشمل الجمادات، فكان صلى الله عليه وسلم يحب مكةَمسقطَ رأسه، ومحضن نشأته، وهو أول من لبى من أهلها دعوته، وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك جبل أُحد، فقال فيه: "أُحُد جبلٌ يحبُّنا ونحبُّه".