تمر غدًا الذكرى ال42 لرحيل كوكب الشرق وسيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم.. ومن الصعب للغاية وصف تلك الموهبة الفذة والصوت المعجزة إلا أنه هدية السماء. حينما ظهرت كوكب الشرق على الساحة الغنائية فى عشرينيات القرن الماضي، كان الغناء بشكل عام يعانى من الهبوط والركاكة.. ظهرت كوكب الشرق لتستفز وتستنفر الشعراء والملحنين، أحمد رامى وبيرم التونسى ومحمد القصبجى والشيخ زكريا أحمد والشيخ أبوالعلا محمد، الذى تربت فنياً على يديه وغنت مجموعة كبيرة من ألحانه، وحتى الدكتور صبرى النجريدي. غنت معانى مختلفة عن المتداول وقتها، كلام راق ومعبر أبرزها «الصبر تفضحه عيوني» و«النوم يداعب عيون حبيبي»، و«على بلد المحبوب» وألحان مختلفة تتمتع بكل مقومات الجمال. دخلت أم كلثوم عالم السينما حتى تصل أغانيها لكل الناس ويراها الناس، حيث قامت ببطولة 6 أفلام من بينها «وداد» و«نشيد الأمل» و«دنانير». بعد سنوات قليلة من ظهورها تربعت أم كلثوم على عرش الغناء المصرى والعربى بدون منافس. وفى عام 1940 قدمت واحدة من أروع أغانيها «رق الحبيب» تأليف أحمد رامي، وألحان محمد القصبجي، وكانت سابقة لعصرها وربما لا يعلم الكثيرون أن أم كلثوم نفسها تعتبر هذه الأغنية من أروع أغانيها على الإطلاق وكانت تسمعها وتقول «الله يا ست». كانت هذه المحطة بداية أم كلثوم فى الأغنيات الطويلة التى استمرت معها حتى رحيلها. ولأنها موهوبة بالفطرة اكتشفت مع مطلع الأربعينيات الموسيقار الشاب فى ذلك الوقت رياض السنباطي، واستطاعت تفجير طاقات السنباطي، ليبدعا معاً عشرات الروائع فى حقبة الأربعينيات. ومع مطلع الخمسينيات استمرت أم كلثوم فى التعاون مع السنباطى بشكل أكبر وانقطعت علاقتها الفنية مع زكريا أحمد لأكثر من عشر سنوات، غنت خلالها «أروح لمين» و«سهران لوحدي» و«يا ظالمني» و«هجرتك» و«الحب كده» و«ثورة الشك». واعتباراً من عام 1960 كان عمر كوكب الشرق يقترب من الستين عاماً، وقد شعرت أنها ترغب فى التطوير والخروج من عباءة السنباطى وأحمد رامي، فبدأت رحلة التطوير بمنتهى الجرأة، حينما استعانت بشاعر وملحن على أعلى مستوى من الموهبة وهما فى ريعان الشباب «عبدالوهاب محمد» و«بليغ حمدي» ليبدعا رائعة «حب إيه». وفى عام 1964 وبالتحديد فى شهر فبراير كان اللقاء الذى اشتاقت إليه أم كلثوم طويلاً أن تغنى من ألحان الموسيقار عبدالوهاب، كان لقاء السحاب بأغنية «أنت عمري» التى أحدثت انقلاباً فى الغناء العربى وكانت من كلمات أحمد شفيق كامل لتبدأ مرحلة تألق أخرى. وتستمر فى استنفار موسيقار الأجيال ليلحن لها بعد أشهر قليلة رائعة «انت الحب» كلمات أحمد رامي، ورائعة أخرى «أمل حياتي» فى حضور الرئيس جمال عبدالناصر، وبعد هزيمة يونيو 1967 ورغم الحزن كانت كوكب الشرق أكثر توهجاً غنت للوطن وتبرعت بجميع حفلاتها لدعم المجهود الحربى داخل وخارج مصر. وفى نفس الوقت حرصت على التخفيف عن الناس بأغان عاطفية، اقترب عمرها من ال70 عاماً وما زال التألق حاضراً والصوت رخيماً وقوياً رغم تقدم العمر. وفى عام 1972 بدأ المرض يزحف على كوكب الشرق لكنها مصرة على الإبداع لتغنى رائعة «ليلة حب» كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب فى ديسمبر 1972. وآخر حفلاتها فى 3 يناير 1973 غنت «ليلة حب» للمرة الثانية وأبدعت فى الوصلة الثانية بأغنية فريدة فى معانيها رائعة «القلب يعشق كل جميل» تأليف بيرم التونسى وألحان رياض السنباطى وكانت فى قمة الإبداع رغم مرضها. وفى يوم الاثنين 3 فبراير 1975 رحلت كوكب الشرق، وبعد 42 عاماً ما زال صوتها يملأ الدنيا ويطرب الملايين فى كل العالم.