"أموال مسلوبة مبعثرة في الخارج، صاحبها بين فكي الغلاء والفقر" .. لم تكن تلك الجملة إلا وصف حقيقي لحال المصريين، الذين ظلوا يبحثون عن أموالهم التي نهبت من بعض الرموز الفاسدة التي ترأست البلاد قبل ثورة 25 يناير، ومن ضمن هؤلاء الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته ورجل الأعمال حسين سالم ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد، ولم يفرج عنها ولم تصل لأيدهم حتى بعد 6 سنوات على مضي الثورة. ففي عام 2011 أمر المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود، النائب العام السابق، بالتحفظ على أموال الرئيس السابق حسنى مبارك وأسرته، وبدأت حملة تجميد الأموال الخارجية على 3 1شخصية بينها حسين سالم. وعقب ذلك شكلت الحكومة المصرية، أكثر من 10 لجان لاسترداد الأموال المهربة، لكنها لم تستطع إعادتها، رغم أن رواتب اللجان تتعدى عشرات الآلاف سنويا. وفى تطور غريب لأزمة استرداد الأموال المنهوبة أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، قرارًا بتشكيل اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودة فى الخارج برئاسة النائب العام وعضوية كل من رئيس جهاز الكسب غير المشروع ويكون نائبًا لرئيس اللجنة ومساعد وزير العدل لقطاع التعاون الدولى والثقافى رغم أن هذا التشكيل أصدره المهندس إبراهيم محلب وقت أن كان رئيسًا للوزراء. وفي صباح يوم 11 ديسمبر 2016، قررت سويسرا خضوع أموال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والرؤساء السابقون لتونس وأوكرانيا، لمدة عام، لكن لم تكن هذه أول مرة تجمد فيها سويسرا أموال مبارك، بينما أول كانت خلال شهر يوليو 2012، وتكررت تلك الواقعة عندما قررت عندما مددت تجميد الأموال، لمدة ثلاث سنوات إضافية عام 2013. وكان دائماً قرار التجميد يأتي لمنح التحقيقات الجارية وقتها الكافي، حيث تجمدت أصول أموال الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، والرئيس الأسبق حسني مبارك، منذ عام 2011 لمدة ثلاث سنوات، ومن ثم تمدد قرار التجميد مرة أخرى لثلاث سنوات. وتم تمديد هذا القرار مرة ثانية لثلاث سنوات بما يتعلق بالأصول المصرية البالغة 570 مليون فرنك سويسرى (529 مليون يورو) سينتهى فى فبراير القادم. ومن المقرر أن تعيد الحكومة السويسرية تقييم الوضع مطلع العام القادم، قبل انتهاء فترات التجميد الأخيرة. في هذا السياق قال معتز صلاح رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة، إن هذا الملف حدث به تغيرات كثيرة لأنه فى أغلب الفترات لم يؤخذ على محمل الجد، حيث إننا سلمنا الكثير من المستندات للجهات الرسمية ولكن لم يتم استغلال إلا القليل منها مع العلم إنها كانت مفيدة للغاية بالنسبة الدولة. وعن عصر الإخوان، أكد صلاح، في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أن الرئاسة في وقتها طلبت من اللجنة تصفيه الملف بالكامل، مؤكداً أن ما استرد من أموال للدولة ما هو إلا بالجهود الذاتية، بعد عمل الكثير من التصعيدات ومن بينها دعاوى قضائية وضغوط سياسية واعلامية ومظاهرات خارج مصر من خلال المبادرة . وأشار صلاح، إلى أنه حدث الكثير من التصالحات مع بعض الاشخاص، ليتبقى 6 أشخاص فقط أموالهم مجمدة فى سويسرا من بين 31 شخصية، ذلك لأن الدولة لا تملك غير ذلك، فليس لديها أي أحكام قضائية على المتخاصمين، قائلا: "الدولة بتمشي بواقعية عشان هي مش في إيدها حاجة تعملها فبتتنازل وتتصالح معاهم". ولفت صلاح، إلى أن تلك التصالحات تكون للأشخاص الذين لم يكن عليهم أحكام قضائية أو جنائية أو من خلال التعاون الدولي، على سبيل المثال "طلب حسين سالم التصالح مع الدولة بالتنسيق مع النيابات وانه دفع للدولة 6 مليارات جنيه للتصالح نتيجة ضغوط من المبادرة حيث حركنا ضده قضية غسيل الأموال بأسبانيا وأكدنا أنه سوف يجبر بذلك على التصالح وهذا ما حدث بالضبط. وأوضح صلاح، أن تونس استعادت 40 مليون فرانك سويسري، من أموال بن زين العابدين التي كانت موجودة في سويسرا، وذلك كان من خلال التعاون الدوليبين البلدين. وعن مجموع الأموال المنهوبة فى سويسرا وحدها قبل فك التجميد فقد كانت700 مليون فرانك، بما يوازي 673 مليون دولار، هذا ما أوضحه صلاح، مشيراً إلى أن بعدما تصالحت الدولة مع عدد من الشخصيات أصبح المجموع 400مليون دولار. بينما أموال حسني مبارك بسويسرا، لم يتم فك التجميد نظرا لاتهامه في عدة قضايا، وكذا قضية غسيل الأموال المرفوعة في سويسرا، وهو من ضمن متهميها. وأشار إلى أن ما تم تجميده لحسين سالم من أموال كان 200 مليون دولار فى هونج كونج وقام باستردادها بعد التصالح كما استرد 200 مليون دولار من سويسرا، و100 مليون دولار فى دول الاتحاد الاوروبى، وما لم يسترده حتى الان هو 34 مليون يورو وسيارات وعقارات تقدر ب 58 مليون دولار فى إسبانيا بسبب قضية غسيل الأموال. وأفاد صلاح، أنه لايوجد قانون يحكم عملية عدم التعاون الدولي بين الدول وبعضها، على سبيل المثال"لم يحدث تعاون بيننا وبين أمريكا في هذا الملف". واستطرد صلاح، أن الدولة استردت 6 مليارات جنيه من حسين سالم من جهود المبادرة المضنية، بعد أن همش الملف، مشيراً إلى أن هناك بعض الأشخاص يقومون بتسديد الأموال المطلوبة للدولة، بالتزامن مع أنهم يتحصلون على أموالهم المجمدة بالخارج بعد التصالح . وأكمل صلاح، على سبيل المثال حسين سالم فك تجميد 200مليون دولار من هونج كونج، في حين أنه سدد للدولة 6مليارات جنيه فقط، متسائلاً: فكيف يدعي الفقر؟. نحن لا نقبل المزايدة علينا، هكذا اختتم رئيس اللجنة الشعبية للأموال المنهوبة من الدولة، موضحا أن اللجنة أكثر وطنية من العديد من المتواجدين على الساحة السياسية والدولية، ومن يقول عليها غير ذلك فإنه لا يفقه شيئًا.