كان مجرد خلاف بين الزوجة وزوجها صاحب ورشة لحام بالمحلة، خرجت من المنزل بأطفالها الثلاثة هائمة على وجهها، لم تجد غير قسم الشرطة مأوى لها ولكن الضابط طردها شر طردة، فتوجهت مباشرة إلى مديرية أمن الغربية. وهناك تحولت القضية من مجرد خلاف بين زوجين إلى كشف تفاصيل أخطر عصابة للاتجار فى الأطفال السفاح واللقطاء، وتبين أن الأطفال الثلاثة «إبراهيم» و«حنين» و«ملك» التى تحضنهم الزوجة ليسوا بأطفال من رحمها ولكنها اشترتهم من «عصابة» بيع الأطفال السفاح وبشهادات ميلاد حقيقية باسمها كأم واسم زوجها كأب. وعكفت مباحث الغربية بقيادة اللواء إبراهيم عبدالغفار مدير المباحث والعميد مسعد أبوسكين رئيس المباحث والعقيد محمد عمارة مدير فرع البحث الجنائى بالمحلة وسمنود لكشف تفاصيل الصيد الثمين والقبض على أطراف وأذناب العصابة التى تتاجر فى الإنسانية. أفرادها سيطرت عليهم شهوة المال الحرام فباتوا جميعاً أطباء وممرضات وموظفين تجاراً لبيع الأطفال السفاح كلما وقع فى أياديهم النجسة طفل لقيط وسفاح فيهبوا بحثاً عن مشترٍ، يساومونه على السعر ويستخرجون له شهادة ميلاد لزوجين من أفراد العصابة. ويلقى القبض على المتهمين، وعلى رأسهم طبيبان وممرضة وموظف بالصحة كما تورط آخرون بحسن نية، وقررت نيابة المحلة حبس المتهمين الرئيسيين 15 يوماً على ذمة التحقيق. وتصل تفاصيل القضية إلى مسامع اللواء أحمد صقر محافظ الغربية فيصاب بالذهول لتورط طبيبين فى القضية ويقرر استبعادهما من العمل بمستشفيات وزارة الصحة لأنهما فقدا الثقة والاعتبار وأخلا بواجبات مهنتهما الإنسانية، ويطلب من الدكتور محمد شرشر وكيل وزارة الصحة إعداد مذكرة بوقائع الاتهامات الموجهة للمتهمين. أما الزوجة سمية وزوجها عمرو واللذان قاما بشراء الأطفال الثلاثة تباعاً وعلى مدار سنوات مضت فكانا يبحثان عن طفل يملأ عليهما حياتهما بعد رحلة علاج فى محاولة للإنجاب، وساقتهما الصدفة للسمسارة بمركز رعاية الأطفال بأول المحلة، وبدلاً من إجراءات التبنى الصعبة كان هذا الطريق الأسهل، وتتلخص فى شراء طفل مقابل 5 آلاف جنيه بشهادة ميلاد حقيقية، وبالفعل تم شراء الطفل الرضيع «إبراهيم» وكان عمره 4 شهور، وبعد ثلاث سنوات قاما بشراء «حنين» لتكون شقيقة «إبراهيم»، وبنفس الطريقة وشهادة الميلاد، ثم بعد ثلاث سنوات أخرى اتصلت نفس الداية واصطحبتها إلى إحدى العيادات الخاصة لأحد الأطباء المتورطين فى القضية، وطلب 5 آلاف جنيه ثمن طفلة حديثة الولادة.. وتقول سمية فى التحقيقات: أجبرتنى الداية والموظفة بأخذ الطفلة وإحضار المبلغ الذى طلبه الطبيب. وقمت بتحضير المبلغ وأخذت حنين ووضعتها فى حضانة لقلة وزنها، وأكدت الداية والموظفة أنها سوف تستخرج شهادة الميلاد والأوراق القانونية، وطلبت منى الشهادة الأولى التى استخرجتها لإبراهيم الطفل الأول لاستخراج الشهادة الثانية لحنين، وبعد 3 سنوات أخرى جاءت «ملك» وبنفس الطريقة وبالتهديد والإكراه من الموظفة والداية لأننى أصبحت زبونة مضمونة للعصابة. وعندما حدث الخلاف مع زوجى عمرو وقام بضربى وطردى من الشقة ورفض فى الفترة الأخيرة الإنفاق على أنا والأطفال، وفى نفس اليوم الذى طردنى فيه ظللت بالشارع طوال اليوم ولم أتمكن من الرجوع للمنزل وتوجهت لقسم الشرطة لأستغيث بالضباط على أمل الصلح مع زوجى بمعرفتهم، ولكن الضابط الموجود بالقسم رفض مساعدتى وطردنى من القسم حتى دخل الليل علىّ والثلاثة أطفال لا أملك أية نقود لشراء الطعام لهم، فتوجهت إلى اللواء حسام خليفة مدير أمن الغربية من أجل المساعدة أشكو له زوجى، ومع المناقشة مع ضباط المباحث، قلت كل شىء من بداية الطفل الأول وحتى الطفلة الأخيرة، ومن هنا انكشف أمر الكبار الذين يتاجرون فى الأطفال ببيعهم للمحرومين من الإنجاب. ويلقى العقيد هيثم الشامى مفتش مباحث المحلة القبض على جميع المتهمين ويقرر أحمد عماد مدير النيابة العامة، بإشراف عمرو جميل رئيس النيابة، حبس استشارى أمراض النساء والتوليد، وإخصائى مسالك بولية 15 يوماً على ذمة التحقيقات بتهمة الاتجار فى الأطفال «السفاح»، كما أمر بتجديد حبس عاملة مديرية الصحة 45 يوماً، وإخلاء سبيل الزوج والزوجة وشقيقته على ذمة القضية. كانت النيابة أصدرت قراراً آخر بإخلاء سبيل 3 أطباء آخرين، بكفالة ألف جنيه لكل منهم، بعد ثبوت حسن النية فى إصدار تصاريح إثبات النسب، كما قررت النيابة إخلاء سبيل طبيب النساء بالمستشفى العام بالمحلة، بعد استكتابه عن طريق الطب الشرعى، إذ تبين أن إخطارات الولادة الصادرة منه ليست بتوقيعه. وهكذا أصبح الأطفال سلعة نبيعهم للمحرومين بثمن بخس وحتى أجسادهم أصبحت مباحة لمن يريد قطع غيار بشرية فى زمن أصبح فيه كل شىء للبيع، الأطفال زهور الحياة وورودها لمن يعرف قيمتها تباع على الأرصفة وأصبح لها سماسرة وتجار من أشخاص من المفروض أن يكونوا أرحم الناس بهم.. إننا فى آخر الزمن.