تعليمك هو استثمارك الأهم.. جامعة حلوان الأهلية تعلن مصاريف برامجها    مجلس النواب.. السفيرة مشيرة خطاب تتحفظ على مناقشات قانون الإيجار القديم    "الغرف التجارية": إصلاحات الدولة تحفز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة    «المشاط»: 90% من عمليات البنك الأوروبي في مصر مُوجهة للقطاع الخاص    محافظ المنوفية يلتقى وفد الهيئة العامة لاختبارات القطن    تعاون بين المتحف الكبير وچايكا لتعزيز دوره كمركز إقليمي ودولي للبحث العلمي بالمصريات    بوتين ومودي يؤكدان التزام روسيا والهند بالعمل على مكافحة الإرهاب بكل أشكاله    مواجهات قوية مبكرة بين الهيئات فى البطولة الدبلوماسية لكرة القدم    237 قضية غسل أموال أمام المحاكم الاقتصادية    الأرصاد تعلن طقس الساعات المقبلة: انتظروا الأمطار    تحويلات مرورية.. لإزالة منزل كوبرى الأباجية اتجاه صلاح سالم بالقاهرة    طارق العريان يعلن تصوير الجزء الثاني من فيلم "السلم والثعبان"    "شكرا لأنك تحلم معنا" يحصل على جائزتين في مالمو وبيروت    6 تصرفات ابتعد عنها.. ما لا يجب فعله مع امرأة برج الثور؟    الإغاثة الطبية بغزة: وفاة 57 طفلا نتيجة سوء التغذية والجوع فى القطاع    تُحييه ريهام عبد الحكيم.. الأوبرا تعلن نفاد تذاكر حفل كوكب الشرق    وزيرة التضامن: ننفذ أكبر برنامج للدعم النقدي المشروط "تكافل وكرامة" بالمنطقة    كرّم الفنان سامح حسين.. وزير التعليم العالي يشهد انطلاق فعاليات «صالون القادة الثقافي»    سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرج عن 10 معتقلين من قطاع غزة    إحالة المتهم بالتعدى على الطفلة مريم بشبين القناطر للجنايات    ترامب يرسل منظومتي باتريوت لأوكرانيا.. ونيويورك تايمز: أحدهما من إسرائيل    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    وزير الرياضة يشهد مؤتمر إعلان البطولات العربية والأفريقية للترايثلون بالجلالة    جامعة القناة تحقق ذهبيتين فى بطولة أفريقيا للمصارعة بالمغرب    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    كارول سماحة تقيم عزاء ثانيا لزوجها وليد مصطفى فى لبنان الخميس المقبل    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى المنصورة التخصصى ويوجه بتكثيف رعاية المرضى    محافظ الجيزة يتفقد فرع التأمين الصحي بمدينة 6 أكتوبر لمتابعة الخدمات المقدمة للمواطنين    لا يسري على هذه الفئات| قرار جمهوري بإصدار قانون العمل الجديد -نص كامل    فرص وظائف بالمجلس الأعلى للجامعات بنظام التعاقد.. الشروط وموعد التقديم    نجم الزمالك السابق: نظام الدوري الجديد يفتقد التنافس بين جميع الأندية    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    منافس الأهلي.. بوسكيتس: لسنا على مستوى المنافسة وسنحاول عبور مجموعات كأس العالم    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    «وكيل الشباب بشمال سيناء» يتفقد الأندية الرياضية لبحث فرص الاستثمار    أمل عمار: النساء تواجه تهديدات متزايدة عبر الفضاء الرقمي    «الصحة» تنظم دورات تدريبية للتعامل مع التغييرات المناخية وعلاج الدرن    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    «غير متزن».. وكيل «اتصالات النواب» تعلن رفضها صيغة مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    وزير الخارجية العراقي يحذر من احتمال تطور الأوضاع في سوريا إلى صراع إقليمي    جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب : سباق روسي - إيراني نحو اختطاف ما بعد حلب
نشر في الوفد يوم 05 - 01 - 2017

بشار الأسد جاء بقاسم سليماني. الأسد وسليماني جاءا ب «داعش». «داعش» و»النُصرة» جاءا ب «التحالف الدولي» أي بالأميركيين. الأسد وسليماني و»داعش» و»النُصرة» جاؤوا بفلاديمير بوتين. بوتين جاء برجب طيّب أردوغان أو بالأحرى أعاده الى اللعبة بعدما كان لحاقه بالأميركيين أخرجه منها. الأميركيون والإسرائيليون لا ينافسون الروس ولا الإيرانيين، فجميعهم يريدون إبقاء الأسد بحجة أنه ونظامه «أقلّ سوءاً» من «داعش»، أي أنهم يسعون الى إنقاذ من صنع «داعش» وتسبّب بوجود «النصرة»، ويمهّدون لمساعدته على الإفلات من أي محاسبة ومعاقبة عبر ما يسمّى الحل السياسي، وإلا فما معنى القول أنه باقٍ حتى نهاية ولايته - ك «رئيس منتخب»! - فكيف تتصوّر هذه القوى «حلاً» بوجود شخص محمّلٍ بكل الارتكابات المعروفة، وكيف يروَّج حالياً أن التنازل الذي يقدمه الأسد أنه لن يترشح للرئاسة في 2021 إفساحاً في المجال أمام «علويّ آخر أقل إثارة للانقسام»، كأن ستة أعوام من القتل والتدمير كانت مجرّد بحث عن «علويّ آخر» يختاره الروس ويوافق عليه الإيرانيون، وما على سورية وشعبها سوى أن يرضخا للأمر الواقع.
مثل هذا السيناريو «السياسي» كان مطلوباً من/ مطروحاً على روسيا منذ أواخر 2011 - أوائل 2012، لكنها لم تكن معترفة آنذاك بوجود أزمة ولا بوجوب التغيير، فالنظام وجيشه حليفان لها، ثم أنها عارضت إسقاط الأنظمة الذي دعمته الولايات المتحدة في ليبيا، وقبل ذلك في العراق. أصبح مؤكّداً الآن أن النهجَين الروسي والأميركي أفضيا الى نتائج متماثلة، إذ تركا الإرهاب يستشري، والانقسام الاجتماعي يدفع باتجاه التقسيم الجغرافي، وسهّلا لإيران المساهمة في صنع الفوضى ثم استغلالها لملء الفراغ بمشروع هيمنة طائفية وإرهاب ميليشيوي منظّم ونفوذ إقليمي لن تجد روسيا وأميركا مناصاً من تمكينه والاعتراف به لقاء استخدامه. كان الازدراء الروسي الدائم بالأسد دفع بالأخير الى الارتماء أكثر فأكثر في أحضان الإيرانيين، معتبراً أن صفقة روسية - أميركية على رأسه تبقى أكثر احتمالاً من صفقة إيرانية - أميركية. لكن التسوية الأميركية - الروسية لأزمة السلاح الكيماوي بمساهمة إسرائيلية (2013)، ثم انتشار تنظيم «داعش» بين العراق وسورية (2014)، فضلاً عن التقارب الأميركي - الإيراني قبل الاتفاق النووي وبعده (2015)، طمأنت طهران الى دورَيها السوري والعراقي والأسد الى بقائه في السلطة كنقيض/ بديل من «داعش». ولمزيد من التحوّط، عملت إيران على إقناع موسكو بأن الوقت حان للتدخّل المباشر، فالحرب على «داعش» الى تصاعد بقيادة أميركية وقد تتطوّر سورياً لتمسّ بمصالحها.
كان التدخّل الروسي في مثابة الجائزة الكبرى التي أحرزها الأسد والإيرانيون لأنفسهم، إذ غيّر موازين القوى في شكل فوري، لكن لم يمضِ وقت طويل حتى وجدوا إسرائيل تمدّ خطوطها مع موسكو وتقاسمهم المكاسب على حسابهم. بل إن روسيا بذلت كل جهد للتوصّل الى صفقة مع أميركا في شأن سورية، إلا أن مساوماتهما الخاصة في أوكرانيا لم تفلح، ومع ذلك حافظت موسكو على تواصل وحدٍّ أدنى من التنسيق مع واشنطن حتى عشية حسم معركة حلب وما انطوت عليه من جرائم وقذارات. وإذ بدت هذه المعركة أو صُوّرت بأنها فاصلة في الصراع، وأن ما بعدها لن يكون كما قبلها، فإن تعاون موسكو وأنقرة على تنظيم نهايتها قطع الطريق على المجزرة الكبرى التي كان الثنائي الإيراني - الأسدي يرغب فيها، ثم إن مبادرة موسكو الى بلورة تفاهم ثلاثي (روسي - تركي - إيراني) لم تأتِ منسجمة مع سيناريوات طهران ودمشق لما بعد حلب، لا عسكرياً ولا سياسياً. فالأسد والإيرانيون أرادوا، ولا يزالون، متابعة الزحف على ادلب وحمص وحماة ووادي بردى والغوطة ودرعا، لاستكمال «نصرهم» العسكري، وتوقّعوا، ولا يزالون، تأجيل البحث في أي تفاوض الى ما بعد «السيطرة الكاملة» التي ستغيّر جذرياً مفهوم الحل السياسي ليكون عندئذ مستنداً فقط الى معطيات المعادلة الميدانية، ولا يكون أمام المعارضة المهزومة سوى خيار القبول بشروط «المنتصر».
خاض بوتين معركة حلب بتفاهم غير معلن مع دونالد ترامب وبتفهّم غير معلن من جانب إدارة باراك أوباما، لكنه أدرك أن ظروف تدمير غروزني الشيشان والصمت الدولي الذي واكبه كانت مختلفة عن التدمير العلني الذي ارتكبه في حلب تحت أنظار العالم وغضبه وإداناته، حتى أن عار حلب طبع عام 2016 أكثر مما ميّزه صعود الزعامة البوتينية. وأنهى الرئيس الروسي معركة حلب بتحاور عسكرييه واستخبارييه مع الفصائل المقاتلة التي كان يشارك الأسد والإيرانيين في اعتبارها «إرهابية»، بل إن الوقائع بيّنت له أن «محاربة الإرهاب» التي استخدمها لتبرير الفظائع كانت غطاءً واهياً. في تلك اللحظة، قرر بوتين أن مصلحته تقضي بتعزيز التقارب مع تركيا، لأن تحكّمه بالجو فحسب جعل إنجازه في حلب تحت رحمة العبث الأسدي والإيراني. لذلك بدا تصويته لإرسال مراقبين دوليين ثم إعلانه الوقف الشامل لإطلاق النار أشبه بمحاولة من الدب الروسي للخروج من غابة الميليشيات وعقليتها للعودة الى جلباب الدولة المسؤولة وجدّيتها. لم يشارك الأسد ولا الإيرانيون في التفاوض الروسي مع الفصائل ولا في التوقيع على اتفاق وقف النار، ووقع الروس كضامنين للنظام وحلفائه والأتراك كضامنين للمعارضة، أي أنه اتفاق ثنائي يضع دمشق وطهران أمام الأمر الواقع، عسكرياً وسياسياً، لكنهما تمرّدتا عليه.
إذا بقيت روسيا متفرّجة ومنتظرة ولم تبرهن سريعاً أنها قادرة فعلاً على ضمان انضباط النظام والإيرانيين، فإن الهجوم على وادي بردى سيُجهز على الهدنة، وبالتالي على محادثات آستانا. لماذا؟ لأن اتفاق موسكو مع أنقرة سيبدو امتداداً للاتفاقات الروسية - الأميركية السابقة، حين كان الدور الأميركي يقتصر على كبح المعارضة وتخديرها فيما يُبقي الروس النظام والإيرانيين متفلّتين وجاهزين لإسقاط وقف للنار علناً، وبالتالي فإن هذا الدور قد يكون في صدد الانتقال الى الأتراك لقاء تعويضهم بالمساهمة في الحرب على «داعش» للحدّ من توسّع الأكراد. أكثر من ذلك، وبعد التفاوض الروسي مع الفصائل، سيبدو الاتفاق كخدعة حربية روسية أخرى لتمكين النظام من استعادة السيطرة على مزيد من المناطق، فضلاً عن تغطية إيران في سعيها الى تطبيق أجندتها الطائفية.
ليس واضحاً ما اذا كانت روسيا سارعت الى تشكيل التفاهم الثلاثي بهدف ضبط تركيا أو إيران أو الاثنتين في آن، ولا واضحاً أيضاً لماذا تسرّعت بإعلان الاتفاق وتعمّدت إظهار أنها تفاوضت ووقّعت بالنيابة عن النظام والإيرانيين وبصفتها ضامنة لسلوكهم. فحتى بيان قيادة جيش النظام عن التزام وقف النار قد يكون صدر بإرادة روسية ورغماً عن رأس النظام، بدليل أن لا الأسد ولا أي مسؤول إيراني رحّب بالاتفاق كما فعل بوتين نفسه وأردوغان، فيما تُرك للوزير وليد المعلم أن يقدّم اجتهاداً لفظياً يتعلّق بشروط المفاوضات السياسية أكثر مما يُعنى بالهدنة التي وضعها في إطار «الاستثمار السياسي للنصر في حلب». وعلى رغم أن موسكو تعمل في ذلك «الاستثمار السياسي» أيضاً، إلا أنها وقّعت اتفاقاً مع تركيا التي دأب الأسد على اتهامها بدعم الإرهاب، ومع فصائل لا تزال دمشق وطهران تعتبرانها «إرهابية»، والأرجح أن موسكو لم تعد معتمدة هذا التصنيف، ما يعني أن «الاستثمار» يواجه خسارة أولية. لذلك، شدّد وزير الخارجية الإيراني على ربط وقف النار ب «اقتلاع جذور الإرهاب»، فيما حرص مستشار المرشد علي أكبر ولايتي على تحديد شروط المشاركة في مفاوضات آستانا بحصرها بالمعارضة «المستعدة لترك السلاح والإرهاب « والتي «تؤمن بشرعية الحكومة السورية» الحالية.
الأكيد، أن الحديث عن المفاوضات السياسية، ومع وفد معارض يضم ممثلي الفصائل، هو أكثر ما يكرهه الأسد والإيرانيون، فهذه لحظة فضّلوا تأجيلها أو التفاهم المسبق عليها مع موسكو. والسؤال الماثل: ما بعد حلب يكون روسياً أم إيرانياً؟ من الصعب الجمع بين المفهومين، والأجندتان آخذتان أخيراً بالافتراق، وهذا منطقي ومتوقّع، في معزل عن أي مراهنات عربية متعجّلة.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.