ما إن ترى وجهها، وتحب أن تدقق النظر فيه، لما يحمل من قسمات جمال وبراءة أطفال ومرح وشقاوة، كانت تنتظر المستقبل لتنطلق بأحلامها وتحقيق طموحها، فرغم كونها فى مرحلة التعليم الابتدائى، فإن موهبتها فى لعبة كرة السلة تقول عنها إنها مشروع بطلة، فهى موهوبة. كانت أشبه بزهرة جميلة بارزة وسط حديقة زهور، لكنها راحت ضحية وجبة فاسدة. إنها جودى أحمد، التى طلبت هى وشقيقها فارس وجبة «ديليفرى» من أحد المطاعم الشهيرة كعادتها، ولكن كان هناك قدرًا آخر ينتظرها ليحملهما على الفور الى المستشفى، ولكن كانت المفاجأة هى أن يعود والدها وأخوها دونها بعد إرسال جسدها الى المشرحة. «جودى» طفلة موهوبة منذ صغرها فمنذ أن بدأت تفتح عينيها وهى متعلقة جدا بأسرتها المكونة من والدتها ووالدها وشقيقها الأكبر «فارس»، حياة «جودى» كانت بسيطة جدًا تنحصر بين مدرستها والنادى، فهى فى عمر ال4 سنوات كانت تداوم على الذهاب إلى النادى مع أسرتها وتشاهد شقيقها وهو يلعب الكرة ارتبطت بلعبة كرة السلة، وقررت ان تلتحق بفريق النادى للتدريب وكانت تقول دائما سوف يأتى اليوم الذى أحصل فيه على الكأس وأمثل مصر فى بطولات العالم وأحصل على لقب «لاعبة مصر الأولى فى كرة السلة». لم يقتصر حلمها على ذلك فقط كانت دائما تحلم بأن تكون وزيرة للشباب والرياضة، «جودى» كانت دائما تقول لوالدتها لو اهتموا بالرياضة لحصلت مصر على أعلى المستويات، وعلى الرغم من صغر سنها إلا أنها كانت تتابع الأخبار وتدلى برأيها كما علمها والدها ووالدتها الاعتماد على النفس وان تعبر برأيها وتحب القراءة وتعشق تاريخ بلادها، كانت نابغة فى دراستها وعلى الرغم من حبها الشديد للرياضة إلا أنه لم يتأثر بتفوقها الدراسى وكانت دائما تحصل على الدرجات النهائية ومن الأوائل، فهى كانت تتمتع بطابع خاص وهى أن من يشاهدها يحبها من أول نظرة، وذلك لأن وجهها الملائكى كان ينبعث منه حب وحنان وبراءة. كانت «جودى» تعشق زملاءها بالمدرسة والنادى ودائما ما كانت لهم الأخت الكبيرة رغم صغر سنها، وقبل الحادث كانت تلعب مباراة ودية مع أحد النوادى وكانت سعيدة جدا وتتمتع بالحيوية والنشاط الزائد الذى لفت أنظار الجميع لها وحصلت بالفعل على الفوز وعندما سألها أصدقاؤها عن سبب هذه الفرحة العارمة رغم أنها مباراة عادية، ابتسمت لهم قائلة: لم اعلم، ولكنى أشعر بأنها مباراة العمر، هذه الكلمات قالتها «جودى» ولم تعلم انها بالفعل كانت آخر مباراة تلعبها، وعقب انتهاء المباراة قامت بتوديع زملائها بالقبولات ونظرت إليهم بشدة قائلة: ح توحشونى بحبكم كتير، لفتت انظار الجميع هذه الكلمات، ولكنهم اعتبروها مداعبة منها مع زملائها. عادت «جودى» إلى المنزل ظلت تروى لأسرتها عن المباراة بشكل ملحوظ وكأنها آخر مباراة، ولأول مرة تطلب من والدتها أن تنام معها فى سريرها وفى حضنها. توجهت وجودى لتقبيل والدها قبل النوم، وذهبت لتنام فى أحضان والدتها، صباح يوم الحادث رفضت «جودى» تناول الطعام من المنزل وطالبت والدتها بإحضار وجبة «ديليفرى» من أحد المطاعم المشهورة، على الرغم من رفض والدتها فى بداية الأمر إلا أن جودى أكدت أنه آخر طلب ولم تطلب مرة أخرى أى طلبات، بالفعل دق جرس الباب وفتح الباب لتأخذ «الفطائر» وتتناول هى وشقيقها الوجبة وبعد ثوان يصابان بحالة إعياء شديدة قامت والدتهما بنقلهما على الفور للمستشفى، وتم إنقاذ حياة «فارس»، ولكن فوجئ المستشفى بأن «جودى» مصابة بفيروس غير نشط بالقلب وعقب تناولها المادة السامة «بسم الفئران» تم تنشيط الفيروس بالقلب، ما تسبب فى وفاتها. وتنتظر الأسرة تقرير الطب الشرعى بعد تشريح الجثة لمعرفة أسباب وفاة الطفلة البريئة التى ظلت تعطى دون مقابل وكانت تحلم بعالم آخر، نعم إنها ذهبت الى عالم آخر ولكنه أحسن كثيرًا من هذا العالم الذى كان وجودها فيه خطأ لأنها ملاك ومكانها الجنة.