اشتعلت الأجواء داخل أكاديمية الفنون مرة أخرى بعد هدوء مؤقت عقب اجتماع وفد من أساتذة أكاديمية الفنون بوزير الثقافة شاكر عبدالحميد الذى وعد بعدم المساس بالخبرات العلمية والفنية التى يمثلها أساتذة الأكاديمية المتفرغين بعد إصدار رئيس الأكاديمية سامح مهران لثلاثة قرارات تنص على استبعاد الأساتذة المتفرغين من التدريس فى مرحلة البكالوريوس واقتصارهم على مرحلة الدراسات العليا وهو القرار الذى قد يؤدى لتفريغ الأكاديمية بمعاهدها المختلفة من الكوادر والخبرات العلمية التى يستوجب الاستغناء عن أكثر من 80٪ منها لأن عدد الدارسين فى مرحلة الدراسات العليا لا يزيد عن 20٪ من خريجى أكاديمية الفنون. وكان وزير الثقافة فى الاجتماع الذى عقده مع وفد من أساتذة الأكاديمية وانفردت «الوفد» بتغطيته قام بوقف القرارات الثلاثة التى أصدرها سامح مهران، وأكد أهمية وجود هذه الخبرات ضمن هيئة تدريس الأكاديمية، كما أوقف قرار رئيس الأكاديمية الخاص بتعيين 12 أستاذاً جديداً بالمعهد العالى للنقد الفنى بعد طعن الأساتذة على القرار الذى يضم هذا العدد الكبير من الأساتذة الذين يمثلون هيئة تدريس موازية لأساتذة المعهد. ولكن الغريب أن سامح مهران ضرب بقرارات وزير الثقافة عرض الحائط، فلم يتراجع عن قرار إحالة معظم أساتذة الأكاديمية للمعاش القهرى بقراراته الثلاثة ولم يصدر قرار يثبت تراجعه عن تعيين 12 درجة أستاذ بمعهد النقد الفنى، بل إنه أصدر قراراً بتشكيل لجنة مكونة من أحمد بدوى، عميد معهد النقد الفنى، والناقد رفيق الصبان وعادل يحيى، عميد معهد السينما، وائل غالى شكرى، وعصمت يحيى، الرئيس السابق لأكاديمية الفنون، للنظر فى ترقية أحد الأساتذة لتعيينه على درجة أستاذ بمعهد النقد الفنى رغم أنه حصل على درجة مقبول فى أبحاث الترقية وهو ما يعنى استمرار سامح مهران فى إجراءات تعيين الأساتذة فى معهد النقد الفنى. ولا شك أن طرح اسم شاكر عبدالحميد، وزيراً للثقافة، لاقى ترحيباً كبيراً بين المثقفين والعاملين بمؤسسات وزارة الثقافة ولكن السيرة الطيبة لا تكفى وحدها لجعله وزيراً قادراً على تعديل منظومة الثقافة المصرية التى ساهم النظام السابق فى تخريبها وبناء هذه المنظومة يبدأ من التعليم الذى تحملت وزارة الثقافة رعاية أحد أهم روافده من خلال أكاديمية الفنون التى مازالت فى موقع الريادة بالنسبة لمعظم الدول العربية والتى عانت من عملية تخريب منظمة طوال السنوات العشر الأخيرة. فمواقف سامح مهران من قرارات وزير الثقافة الجديد تؤكد أن هناك خللاً فى إدارة المؤسسة الثقافية فى مصر ويجب على وزير الثقافة أن يولى أكاديمية الفنون اهتماماً أكبر نظراً لأهميتها وللفساد الكبير الذى يعشش فى جنباتها منذ سنوات طويلة، وإذا كان سامح مهران قادر على تخطى وزير الثقافة والعمل بشكل منفرد فيجب أن يعلن استقلال هذا الكيان عن وزارة الثقافة لتبقى الأكاديمية على حالها عزبة خاصة تدار حسب أهواء رئيسها. وقد يرى البعض أن أساتذة الأكاديمية مجرد عواجيز يريدون الاستمرار فى فرض وصايتهم على هذا الكيان الهام حتى بعد خروجهم على المعاش بدون سند قانونى يدعمهم ولكن الحقيقة أن قرار رئيس الأكاديمية هو المخالف للقانون المنظم لأكاديمية الفنون والذى تحايل عليه ولجأ لقانون الجامعات رقم 116 لسنة 2008 وهو ما يرد عليه القانون 158 لسنة 1981 الذى لم ينص على استبعاد الأساتذة غير المتفرغين من التدريس فى مرحلة البكالوريوس ولم يصدر قانون يغير بنوده كما أن القرار الصادر من المجلس الأعلى للجامعات رقم 379 لسنة 2000 تم تعديله فى 18 مايو 2000 وتم الطعن عليه فى العام نفسه، وإلى جانب كل هذا قامت أكاديمية الفنون باستصدار فتوى من مجلس الدولة بعدم تطبيق هذا القرار على أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية واعتمد الفتوى مجلس الأكاديمية ويمكن لسامح مهران أن يراجع هذه الفتوى لعله يتراجع عن قراره الذى يصر على السير فيه رغم أن وزير الثقافة حاول اعتراض طريقه ولكنه تجاوزه وهو أمر غير مقبول ومؤشر خطير على فشل الوزير إدارياً رغم وعيه الكبير واحترامنا لتاريخه المشرف.