منذ أن عقد مجلس النواب جلساته بدورته البرلمانية الأولى فى يناير من العام الحالى، وهناك لوبى من النواب يتحرك بالتنسيق مع جمعيات حقوق الإنسان الممولة من الخارج وجمعيات أهلية للدفاع عن الملاك وشركات استثمار عقارى تدعم تمرير قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، لوبى نواب البرلمان وعرابين الملاك يحلون ضيوفاً على قنوات فضائية معينة كعب داير لخلق رأى عام وتهيئة الأذهان لهذا القانون الذين يتحدثون عن نصوصه باستفاضة ويستميتون فى الدفاع عنه دون أى يفصحوا عن القانون ومواده ومن قدمه واقترحه ومن وقَّع عليه. كأنك تبحث عن قطة سوداء فى غرفة مظلمة حرصاً منهم واعتماداً على عنصر المفاجأة واقتناص الموافقة عليه من البرلمان.. ماذا يعنى التنسيق بين هذه الأطراف نواب وملاك وجمعيات وشركات والمطالبة بتدويل القضية وتحصيل ألف جنيه من كل مالك لتحرير توكيل باللغتين العربية والإنجليزية تمهيداً لرفع دعوى فى چنيف ضد الحكومة المصرية، حتى إن عدد التوكيلات بلغ نحو 340 ألف توكيل. من الرأس المدبر والمدير والمنظم لهذه الحملة التى تستهدف طرد نحو 24 مليون مستأجر وتوريط الدولة فى مواجهتهم؟! يتحدثون عن المالك الغلبان وينسون أن المصريين عانوا الأمرين من جشع الملاك وتقاضيهم خلوات وإيجارات تمثل استرداداً لرأس المال وتحقيق المكاسب بالقيمة السوقية للجنيه وقت تأجير الوحدات السكنية، ما دفع الدولة إلى الاتجاه لنظام التمليك، كما أن الدولة استنت قانوناً للإيجار الجديد.. المالك استرد رأس ماله وحقق أرباحاً ووقع عقوداً بإرادة حرة ولو لم يكن هذا النظام يحقق أرباحاً ما استمروا فى بناء العقارات. المنطق المغلوط فى مواجهة المشكلة يدفعنا للتساؤل لماذا لا يسترد المالك الذى باع وحدة سكنية بنظام التمليك فى السبعينيات أو الثمانينيات بسعر يعد بخساً بأسعار اليوم أيضاً، طالما أننا بصدد عدم احترام للعقود والقانون وأحكام المحكمة الدستورية والمبادئ الدستورية المتعارف عليها، لقد قدر البعض قيمة الأموال التى تم إنفاقها حتى الآن على هذه الحملة بنحو 97 مليون جنيه.. من الذى يدفع ويمول ومن المستفيد؟ ولماذا يتم تجاهل آراء المستأجرين عن عمد فى هذه الحملة؟ المستأجرون لا يعارضون زيادة أو تحسين الإيجارات، لكنهم يرفضون قطعاً تحرير العقود وطردهم بعد فترة انتقالية لأن ذلك يمثل إخلالاً بالعقود وطردهم يهدد الأمن والسلم الاجتماعى فى هذه الفترة القاسية التى يعانى فيها المواطن من الغلاء. إسماعيل نصر الدين -نائب حلوان- قال فى أحد البرامج إن النواب أخذوا وعداً من وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى بتقديم مشروع القانون خلال الدورة البرلمانية الحالية، وأن الوزير يتمنى أن يصدر هذا القانون فى عهده ولم يرد الوزير بالإيجاب أو النفى، وهل صحيح أن وزير الإسكان يمتلك مكتباً للاستثمار العقارى والمقاولات فى وسط البلد مع أشقائه، وأن هذا المكتب شارك فى بعض اجتماعات جمعيات الملاك؟ مجرد سؤال يحق للوزير أن يؤكد أو ينفى. ما هو موقف الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، من اللغط والهرى والنكت الدائر على شاشات الفضائيات من جانب بعض النواب؟ عليه أن يوضح موقف البرلمان من مشروع قانون تتم مناقشته على الفضائيات دون أن يكون له وجود أو يعلم به كرئيس للبرلمان على الأقل، ولماذا لا يتدخل لإطفاء فتيل قابل لإشعال ثورة فى الشارع المصرى؟.. أين لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان وما موقفها من هذا القانون الذى يهدد حق السكن وهو أحد حقوق الإنسان التى ينبغى لها الدفاع عنها؟! ما هو موقف رئيس الوزراء وحكومته من هذه البلبلة؟ ولماذا لم يكلف خاطره بسؤال وزير الإسكان وإصدار بيان؟ أم أن الحكومة تخشى التصدى لهذا القانون بإلقاء الكرة فى ملعب البرلمان.. نار الثورة والاحتجاجات لن تفرق بين الحكومة والبرلمان.. كيف ستقدم الحكومة دعماً للمستأجرين فى الوقت الذى تتخلى فيه عن الدعم.. وهل هناك دراسات أمنية حول تنفيذ طرد المستأجرين؟ لسنا ضد تحسين الإيجارات ولسنا ضد مصالح الملاك وإنما ضد طرد المستأجرين والتهديد بتدويل القضية والتحريض على مصر وخلق أزمات تهدد السلام الاجتماعى.. المستأجر ليس مسئولاً عن قيام المالك بتأجير كامل وحدات عمارته دون أن يجنب منها وحدات لأبنائه.. اسألوا المالك الأب كم حصل على خلوات وبكم يؤجر؟ وكم ربح من أموال قبل أن تطردوا المستأجر؟ تريثوا وادرسوا حتى لا يتحول البرلمان إلى مخلب القط لتوريط الدولة.