6 صور ترصد صلاة عيد الأضحى بمسجد مصر بحضور السيسي    وزير العمل يلتقي وفدًا من المنظمة الدولية لأصحاب الأعمال    محافظ الوادي الجديد يشهد نحر الأضحية احتفالا بالعيد (صور)    سعر الدولار اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 بجميع البنوك اول ايام عيد الأضحي المبارك    80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة العيد في المسجد الأقصى (صور)    حماس: مستعدون لمفاوضات جدية وهادفة لوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة    موعد ودية الأهلي وباتشوكا استعدادًا لمونديال الأندية    اصطفاف المواطنين أمام محال الجزارة لذبح الأضاحي بالإسكندرية (صور)    مصرع طالب بكلية الصيدلة في حادث سير أثناء توجهه لأداء صلاة العيد ببني سويف    بيني بلانكو: أحلم بتكوين أسرة وإنجاب أطفال مع سيلينا جوميز    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي بسندوب ويوزع الكعك على المرضى (صور)    الإسماعيلية.. رفع حالة الاستعداد القصوى في المستشفيات الجامعية خلال عيد الأضحى    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان وسنواصل العمل بقوة كبيرة    ماسك يفتح النار على الرئيس الأمريكي ويوافق على مقترح بعزله ومراهنات على «الفائز»    محافظ الدقهلية يشهد ذبح الأضاحي بمجزر طنامل لتوزيعها على الأولى بالرعاية    عمر جابر: الزمالك كان يحتاج الفوز بكأس مصر.. وأثق في العودة للمنتخب    أهالي القليوبية يؤدون صلاة العيد بساحات وملاعب مراكز الشباب (صور)    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة مسجد مصطفى محمود    أسعار اللحوم اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    مصرع سيدة وإصابة 3 في انقلاب سيارة بطريق «رأس غارب- المنيا»    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    العيد تحول لحزن.. مصرع شقيقان وإصابة والدتهما فى حادث تصادم بقنا    المئات يؤدون صلاة عيد الأضحى بساحة ميدان الساعة في دمياط    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    وفاة الملحن الشاب محمد كرارة (موعد ومكان الجنازة)    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد في مسجد الشباب بالشيخ زويد    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد المصطفى بشرم الشيخ    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    وعلى أزواج سيدنا محمد.. تكبيرات عيد الأضحى المبارك بمحافظة أسوان.. فيديو    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    بينها «الفرجة والسرور».. هذا ما كان يفعله رسول الله في عيد الأضحى المبارك    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    محافظ القليوبية يتابع استعدادات وجاهزيه الساحات لاستقبال المصلين    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوسطجى مهنة تهددها التكنولوجيا
نشر في الوفد يوم 21 - 12 - 2016

إذا ما طرقت دراجته الحارات والقرى والنجوع، وأنشد نداءه الشهير «بوسطة»، انخلعت قلوب المنتظرين، وترك كل مشتاق ما يشغله، وتوجهوا إلى الشرفات، منتظرين أن ينادى اسم أحدهم، إنه ساعى البريد أو«البوسطجي»، الذى ظل طيلة عقود نجمًا شعبيًا، ينقل رسائل الفرح والاطمئنان ويسعد الناس بمراسيله، حتى ظهرت «الإيميلات» وبرامج «الواتس آب» و«الماسينجر»، وأصبح الناس يتواصلون من آلاف الأميال على الهواء، بالصوت والصورة، فتغير وضع البوسطجى وأصبحت مهنته مهددة بالانقراض، فكيف أصبح الآن؟ وهل انقرضت مهنته التاريخية، بعدما حلّت المراسلة الإلكترونية والبرامج الهاتفية بديلاً سريعًا للمراسلات التقليدية؟
عندما انعقد «الملتقى الإبداعى الأول للبريد المصرى» عام 2010 احتفاءً بما يُسمى ب«الأدب البريدى»، كرم الملتقى عددًا من المبدعين الذين قدموا البريد فى أعمال متميزة، وكان على رأسهم الكاتب الكبير صبرى موسى، الذى كتب سيناريو وحوار العمل الخالد « البوسطجى» للمبدع يحيى حقى. وكذلك كرم الملتقى الروائى إبراهيم أصلان، الذى مارس مهنة البوسطجى فعليًا لسنوات، وكتب رائعته «وردية ليل»، من وحى هذه المهنة، أما الروائى والقاص المصرى الكبير يحيى حقى، فقد استحق أن يصدر الملتقى، طابعًا بريديًا يحمل صورته، غداة انعقاده، حيث قامت نهى يحيى حقى بختم أول طابع بريد تذكارى، يحمل صورة الأديب الكبير، تخليداً لأعماله الأدبية، وعلى رأسها قصة «البوسطجى» من مجموعة «دماء وطين» التى أخرج منها حسين كمال فيلمه البديع عام 1968.
عادل السنوسى، مدير مكتب توزيع بريد المنيرة سابقًا يقول: عملت فى مكتب البريد أكثر من 42 عامًا: ومهنة ساعى البريد لا يمكن أن تنتهى، صحيح أن الخطابات الشخصية تراجعت بشكل شبه نهائى، وأصبحت الغالبية العظمى من الخطابات الآن هى معاملات البنوك لعملائها، وخطابات الإنذارات الخاصة بطلاب المدارس والجامعات، بالإضافة إلى توصيل المعاشات لكبار السن، غير القادرين على الوقوف فى طابور طويل عريض، لتسلم معاشاتهم، لكن هذا لا يعنى انتهاء دور البوسطجى، فهو ما زال موجودًا.
ويضيف السنوسى: لم يعد دور العاملين فى هيئة البريد، هو توصيل الخطابات للمنازل فقط، لقد طورت الهيئة القومية للبريد فى خدماتها كثيرًا؛ لمواكبة العصر ودخول المنافسة مع شركات الشحن، ونجحت الهيئة فى توسيع دوائر الاهتمام بخدمات البريد المصرى من مجرد خطابات إلى سلة متكاملة من الخدمات البريدية والمجتمعية والمالية والجماهيرية.
فى مكتب توزيع بريد إمبابة، تأملنا سعاة البريد الخارجين إلى مهام عملهم، فكانوا شبابًا يحملون حقائب حديثة، ويبدو عليهم أنهم جامعيون أيضًا، يختلفون تمامًا فى زيهم، عن الفنان شكرى سرحان الذى كان يرتدى بدلة صفراء، ويضع منديلاً على رأسه، ويركب دراجته طوال الوقت فى فيلم «البوسطجى». ذلك الفيلم الذى أرّخ لهذه المهنة الإنسانية.
صحيح أن الرسائل والخطابات، لعبت دوراً فى تشكيل جزء مهم من تاريخ الأدب، ومثلت نقطة ارتكاز لكثير من الروايات، لكن يظل فى مقدمة هذه الأعمال «البوسطجى»، للكاتب القدير يحيى حقى، حيث تدور كل أحداث الرواية، حول عباس ساعى البريد، الذى يحاول أن يتدخل فى قراءة الرسائل قبل توزيعها، مطلعًا على ما تحمله من أخبار وأسرار، ولكنّ هذا التلصص سرعان ما يوقعه فى مأساة لقصة حب، بين شاب وفتاة، وتنتهى القصة بمقتل الفتاة العاشقة على يد الأب المتشدد، ويصوّر حقى فى نهاية الرواية، البطل وهو يهيم على وجهه فى الشوارع، راميًا كل الرسائل فى الهواء؛ حزنًا وغضبًا على كل شىء.
نكمل جولتنا فى مكتب بريد إمبابة، فنجد فاطمة الزهراء مكاوى، ربة منزل، تجلس فى انتظار أن يأتى دورها، فنسألها هل تذكرين شخصية البوسطجى بصورته القديمة؟ فتجيب: نعم، وأنا صغيرة كنت أحب جداً نداء البوسطجى، وهو ينادى على أمى قائلاً: «يا أم زهرة جواب من أبوزهرة»، حيث كان أبى مسافراً، ويرسل لنا جوابات وشرائط، فشخصية البوسطجى محببة جداً بالنسبة لى، وتحمل ذكريات كثيرة، أيضًا حينما كان أخى الأكبر فى الثانوية العامة، كنا فى انتظار نتيجة التنسيق، وعندما جاء بها البوسطجى، وعلمنا أنه قبل فى كلية الهندسة، كان يومًا من أجمل أيام حياتى.
وقبل أن نترك مكتب توزيع بريد إمبابة، نجد أنفسنا أمام ميدان الكيت كات، ذلك الميدان الذى خلده الروائى إبراهيم أصلان، فى درة أعماله «مالك الحزين»، التى حولها المخرج داود عبدالسيد إلى الفيلم الشهير «الكيت كات» فى 1991، وعندما يأتى ذكر إبراهيم أصلان، لا يمكن أن نتغافل أنه من أهم كتاب «أدب البريد»، خاصة أنه مارس هذه المهنة بالفعل لأعوام طوال، حيث عمل «بوسطجيًا»، وتعتبر روايته «وردية ليل» من أهم روايات هذا النوع السردى، ففى الرواية تستطيع أن ترى «البريد» بتفاصيله الدقيقة، من خلال «سليمان»، موظف البريد، الذى تدور حوله أحداث الرواية، فى مكان عمله بهيئة البريد، لتحتل صالة الاستقبال بمصلحة البريد المساحة العظمى من السرد والأحداث.
لم يتوقف هذا النوع من الأدب عند حقى وأصلان، لقد أضحى أدب البريد فرعاً له مريدوه، ربما من أهم الأعمال الروائية التى تناولت هذا الأدب حديثاً، كانت رواية «الأرملة تكتب الخطابات سراً» ل«طارق إمام» الصادرة عن دار «العين» للنشر، وتدور الرواية حول أرملة مسنة تعيش وحيدة فى مدينة صغيرة، وتكتب خطابات غرامية فى الخفاء لمراهقات المدينة، ليرسلنها إلى عشاقهن.
وإذا كان الروائى إبراهيم أصلان، يعد من المشاهير الذين مارسوا مهنة ساعى البريد، فهناك شخصيات تعد تاريخية، مارست أيضًا هذه المهنة، منهم والد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث عمل والده بوظيفة فى مصلحة البريد بالإسكندرية، كما أن أوليفيى بوزونسنو، ساعى البريد الفرنسى، كان قد رشح نفسه مرتين فى الرئاسيات الفرنسية فى 2002 و2007، وحصل على نحو مليون ونصف المليون من الأصوات، مما اعتبر وقتها حدثاً مختلفاً.
لم تشغل مهنة البوسطجى خيال الروائيين فقط، بل حركت هذه المهنة مخيلة الشعراء أيضًا، حتى إن نزار قبانى كتب قصيدة سماها ساعى البريد قال فيها:
أَغْلَى العُطُورِ، أُريدُها
أزْهَى الثيابْ
فإذا أَطلَّ بريدُها
بعدَ اغترابْ
وطويتُ فى صدرى الخطابْ
عَمَّرْتُ فى ظَنِّى القِبَابْ
وأَمَرْتُ أن يُسْقَى المساء
معى الشَرَابْ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.