أثار إعلان الطب الشرعي المصري عن العثور على آثار مواد متفجرة برفات ضحايا الطائرة المصرية، التي سقطت بالقرب من السواحل اليونانية بعد إقلاعها من مطار شارل ديجول الفرنسي قبل خمسة أشهر؛ تساؤلات حول تداعياته على العلاقات المصرية الفرنسية ومصير التعويضات الخاصة بأهالي الضحايا. وكون التقرير الفني للطب الشرعي المصري يشير بنتائجه إلى سقوط الطائرة بعمل إرهابي نتيجة لخرق أمني بمطار شار ديجول الذي أقلعت منه الطائرة المصرية، رفضت جهات فرنسية ما آلت إليه تحقيقات القاهرة. وكان الأمين العام للاتحاد الوطني لضحايا الهجمات والحوادث الجماعية الفرنسي اتهم، أول أمس، السلطات المصرية بمحاولة ابتزاز باريس عبر تقرير الطب الشرعي؛ إذ يُلقي بمسئولية التقصير على أمن بلده وبالتالي تؤول تعويضات الضحايا على الجانب الفرنسي. كذلك استدعت صحف فرنسية رفض السلطات القضائية بمصر، في سبتمبر الماضي، طلب محققون فرنسيون للقيام بمزيد من الفحوصات لحطام الطائرة في باريس إلى جانب منع نقل رفات الضحايا الفرنسيين إلى بلدهم. وكانت شركة مصر للطيران دفعت تعويضات مؤقتة بواقع 25 ألف دولار عن كل ضحية - الحادث أسفر عن مصرع 66 مسافرا من بينهم 15 فرنسيا- لحين انتهاء التحقيقات ومعرفة الجهة التي ستتحمل التعويض كاملا. وأكد مراقبون - تحدثوا للوفد- متانة العلاقات المصرية الفرنسية لكنهم في الوقت نفسه حذروا من آثار الإرهاب وعدم التعاون الدولي في مواجهته، مطالبين بشفافية التحقيقات القائمة على تعاون كامل بين القاهرةوباريس. كذلك أوضح خبراء قانون انه حال ثبوت رؤية الطب الشرعي المصري بشكل نهائي فإن التعويضات الكاملة سيتحملها الجانب الفرنسي، مؤكدين ضرورة إشراك باريس في كافة التحقيقات حتى لا تتحذ منعها ذريعة للطعن على النتائج النهائية للتحقيقات أمام المحاكم الدولية. من جانبه رأى اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية الأسبق، ان العالم قام ولم يقعد عندما سقطت الطائرة الروسية قبل عام بعد دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي، في حين أنه تجاهل حادثة الطائرة المصرية. وأردف:" انتفض العالم وتشكلت لجان أمنية من عدة دول لمراجعة التأمينات بالمطارات المصرية فور وقوع الطائرة الروسية كما منعت دول رعايا من زيارة مصر وهو ما لم يحدث عقب سقوط الطائرة المصرية». وأكد "البسيوني" ضرورة مطالبة القاهرة بتعويضات من باريس لشركة مصر للطيران ولأهالي الضحايا المصريين على غرار ما جرى مع الطائرة الروسية. وعن اعتراضات بعض الجهات الفرنسية على تقرير الطب الشرعي المصري، شدد الخبير الأمني ضرورة الأخذ بما آل إليه التقرير الفني، لكنه في الوقت نفسه أكد ضرورة التعاون بين الجانبين المصري والفرنسي للوصول إلى الحقيقة الكاملة. وتابع :" كما جرى في قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيي من تلاحم بين جهات التحقيق في القاهرة وروما لابد أن يتم ذلك في تحقيقات حادث تحطم الطائرة ". وانتقد البسيوني رفض السلطات المصرية لمشاركة الجهات الفرنسية في التحقيقات الخاصة بتحطم الطائرة منذ وقوع الحادث، موضحا أن باريس قد تستخدمه كذريعة للطعن على نتائج التحقيق المصري أمام المحاكم الدولية. وتساءل مستنكرا :" لماذا نرفض مشاركة الجانب الفرنسي طالما نحن واثقون من إجراءات التحقيقات لدينا؟ ولماذا لا نقطع الشك باليقين حتى نثبت للعالم نزاهة الجانب المصري؟». من جهته قال السفير السابق بالخارجية المصرية يحيى نجم إن العلاقات المصرية الفرنسية تشهد في الفترة الأخيرة قدر كبير من المتانة والقوة لكنها لا تسلم من خطر الإرهاب الذي يهدد كل دول العالم. وأضاف أن الإرهاب مشكلة عالمية ولا يمكن أن تأمن دولة مهما كان إجراءاتها التأمينية عالية من خطره، مشيرا إلى أن إنكار بلد كفرنسا اختراقها أمنيا غير مفيد لها وللعالم كله. وأكد نجم ضرورة اتمام التحقيقات حول تحطم الطائرة بشفافية والوصول إلى صيغة تعاون بين الجانبين المصري والفرنسي بشكل يكشف أسباب وملابسات الحادث، موضحا أهمية الاتفاق على معايير ثابتة لمواجهة الإرهاب الذي يحيط بالعالم أثره. وتابع :"هناك إزدواجية شديدة من جانب كثير من الدول في مفهومها عن الإرهاب ففرنسا مثلا تعاني من هجمات إرهابية بأهم مدنها وفي الوقت نفسه تدعم الجماعات المتطرفة في وسوريا ". وقال الدبلوماسي السابق إن حادث تحكم الطائرة المصرية خطير ولا يمكن مروره دون الكشف عن الفاعل الحقيقي سواء كان عيوب فنية في جسم الطائرة أو تفجير إرهابي. وفيما يخص مصير تعويضات أهالي ضحايا الطائرة فقال الدكتور محمود كبيش العميد السابق لكلية الحقوق جامعة القاهرة، إنه في حالة اعتماد الرؤية المصرية الخاصة بوقوع الطائرة إثر تفجير إرهابي فإن الجانب الفرنسي عليه تحمل كافة التعويضات لأن الطائرة أقلعت من مطار شارل ديجول بباريس وهو المكتفل بالإجراءات التأمينية للطائرات. وأضاف "كبيش" أن التعويضات المبدئية التي قدمتها مصر للطيران إلى ضحايا الطائرة سيتكفل الجانب الفرنسي بإعادتها للشركة، وأردف:" ربما رفضت مصر للطيران استعادة التعويضات التي دفعتها من باب اعتبارها تكافل مع أهالي الضحايا ". ولفت العميد السابق لكلية الحقوق إلى أحقية شركة مصر للطيران في المطالبة بتعويض عن جسم الطائرة الذي تحطم إثر الحادث حال انتهاء التحقيقات بما كشفه الطب الشرعي المصري. أما الدكتور إبراهيم إلياس أستاذ العلاقات الدولية فقال إن حق التقاضي مكفول حسب قانون كل دولة، لكنه أكد أن مسألة التعويضات ومسئولية التقصير الأمني تحتاج إلى انتظار كشف التحقيقات النهائية حول الحادث.