لعبت بعض الأفلام العالمية دورًا مهمًا فى بث الكثير من القيم، سواء كانت إيجابية أو سلبية فى حياة الشعوب، ومن بين هذه الأفلام «التانجو الأخير فى باريس»، الذى تم عرضه فى عام 1972. ويرى الكثير من النقاد، أن هذا الفيلم أدى لترسيخ جريمة الاغتصاب في المجتمع بعد عرضه للمرة الأولى فى الولاياتالمتحدة والعالم، حيث كانت هذه الجريمة الشنيعة محظورة فنيًا أو يتم تناولها فى سياق الإدانة والتجريم، وهو ما دفع العديد من البلدان فى ذلك الوقت لمنع عرض الفيلم، من بينها بريطانيا والدول العربية بالطبع. وعلى رغم المشاهد التى جسدها الفنان مارلون براندو بمصاحبة الفنانة ماريا شنايدر، التى كانت صادمة للجماهير، فإنَّ الفيلم نال شهرة عالمية سريعة جدًا، منها شهرة إضافية للنجم العالمى مارلون براندو، والمخرج الإيطالى الشهير برناردو بيرتولوتشى، وشهرة أيضًا لبطلة الفيلم ماريا شنايدر التى لم تكن تتجاوز 19 عامًا فى ذلك الوقت. الآن وبعد مرور أكثر من أربعة عقود ظهرت فضيحة أخلاقية تهز الأوساط الفنية فى العالم، حيث اتهم فنانون وصحفيون المخرج «بيرتولوتشى» باستغلال حداثة سن ماريا شنايدر بالتواطؤ مع «براندو»، لتنفيذ مشهد اغتصاب حقيقى لم يكن موجودًا فى السيناريو. ويطالب الفنانون بسحب كل الجوائز والألقاب التى تم منحها للمخرج «بيرتولوتشى» الذى يبلغ حاليًا 76 عامًا، فيما توفى مارلون براندو عام 2004، وتوفيت ماريا شنايدر عام 2011. من جانبه، رد برناردو بيرتولوتشى، في بيان مضطرب على الاتهامات التى تركزت غالبيتها ضده من فنانى هوليوود، قائلاً: «ماريا علمت بكل شىء لأنها قرأت نص الفيلم، وفيه تم وصف كل شىء، الشىء الوحيد الذى جدّ هو فكرة الزبدة، وأغضب ذلك ماريا، وليس العنف الذى ظهر فى المشهد، والذى كان مكتوبًا فى نص السيناريو». لكن «بيرتولوتشى» وفى سياق اضطرابه بعد الفضيحة، قال لصحيفة «الجارديان» منذ أيام: إنه أخفى على «شنايدر» آنذاك المشهد حتى يخرج أمام الجمهور حقيقيًا ويجعلها تبكى بكاءً حقيقيًا كفتاة يتم اغتصابها وإذلالها، وليس كممثلة تؤدى الدور المطلوب منها، لكنَّه يشعر بالذنب الآن ويتمنى لو يعتذر لماريا شنايدر. «الوفد» تنفرد بترجمة ونشر حوار أجرته صحيفة «الديلى ميل» عام 2007 تحت عنوان «براندو اغتصبنى» مع ماريا شنايدر، بطلة الفيلم قبل وفاتها فى 2011 عن 58 عامًا، وهو حوار «وثيقة» يوضح مدى التدمير الذى أصابها بعد الفيلم، وأرادت لينا داس، محررة «الديلى ميل» ألا تتدخل بالأسئلة التقليدية على صيغة سؤال وجواب، وكأنها أرادت للحوار أن يكون «شهادة» أو «فضفضة» عن ذلك الجرح الذى لازم البطلة حتى وفاتها. ذكريات فيلم «التانجو الأخير فى باريس»: كان فيلمًا مدهشًا، فقد مثلت 50 فيلمًا أخرى، لكنَّ فيلم «التانجو الأخير فى باريس» منذ 35 عامًا يظل الفيلم الذى يسألنى عنه كل من يلقانى. كان مارلون براندو يخجل من جسده، ولكننى لم أهتم بأنه يقف أمامى عاريًا فلم تكن مشكلة بالنسبة لى، ولكننى على العكس اعتبرته نوعًا من الجمال. ما زالت الناس تعرفنى فى الشارع وتقول لى لم تتغيرى، وهذا يعجبنى. أفلام العُرى: على رغم الكثير من الأدوار التى عرضت علىّ وأنا عارية، فإننى لم أظهر فى أى فيلم آخر وأنا عارية، حتى بعد أن أصبحت مثل هذه المشاهد تعتبر عادية والجمهور اعتاد عليها، ولكن الأمر كان مختلفًا عندما تم عرض الفيلم فى 1972 بمثل هذه المشاهد، كان بمثابة فضيحة مدوية. شاهدت الفيلم منذ 3 سنوات بعد موت مارلون براندو، وشعرت أنه بمثابة فيلم هابط. أعتقد أن مخرج فيلم «التانجو الأخير فى باريس» برناردو بيرتولوتشى بالغ كثيرًا، ولم يخرج فيلمًا آخر بعد ذلك أحدث مثل هذا التأثير لتانجو. المخرج بيرتولوتشى المخادع: كان بيرتولوتشى بدينًا وكلامه عذبًا ومخادعًا لى ولمارلون نفسه أيضًا، وكان يقوم بأفعال عدة حتى يستخرج منى انفعالًا معينًا لمثل هذه المواقف، ففى بعض الأيام يقول «هالو» فى الصباح، وفى أيام أخرى لا يقول شيئًا على الإطلاق. لم تكن لدىّ الخبرة الكافية لأفهم طبيعة بيرتولوتشى، الذى قال عنه مارلون إنه مخادع، ولك أن تتخيل أن يقول أو يستنتج واحد مثل مارلون هذا الاستنتاج، وكان الناس بسبب صغر سنى يعتبروننى كالبنت الصغيرة فى الفيلم، ولكننى لم أكن على حقيقتى فى الفيلم. شعرت بالحزن كثيرًا فى أن تتم معاملتى كرمز للجنس وليس كممثلة، وبعد نهاية الفيلم شعرت أننى جننت وأصبت بانهيار عصبى، وعلى رغم ذلك أقدر أدائى لدورى فى الفيلم. حقيقة مشهد الاغتصاب: وتكشف شنايدر حقيقة مشهد الاغتصاب، حيث إنه تمت مصارحتها به قبل تصويره مباشرة، وأن اقتراح استخدام الزبدة «فى مشهد الاغتصاب» كان فكرة مارلون. عندما علمت قمت بالاعتراض والغضب، وكان يجب أن أستدعى وكيلى والمحامى الخاص بى، حيث إنه لا يمكن إرغامى على فعل شىء لا أريده، كما أنه لم يكن منصوصًا عليه فى السيناريو، لكننى لم أكن أدرك ذلك وقتها. وقال لى مارلون: لا تقلقى يا ماريا هذا مجرد فيلم.. وكان ما يفعله مارلون ليس حقيقيًا ولكننى كنت أصرخ وأبكى حقًا، فقد شعرت بالخزى وحتى أكون صادقة «اغتصبت»، من مارلون وبيرتولوتشى معًا، ولم يعتذر لى مارلون أو يواسينى بعد تصوير المشهد. أعتقد الكثيرون أن مشاهد الجنس بينك وبين مارلون كانت حقيقية: لا لم تكن كذلك، فقد كنت أشعر أنه بمثابة والدى وأننى ابنته ولم يكن بيننا أي انجذاب، وقال لى مارلون إنك تشبهين ابنتى «شيين» بوجهك البريء، وانتحرت ابنة مارلون «شيين» فى عام 1995، وأعطانى مارلون معلومات عن كيفية صناعة الأفلام، وعندما أتممت العشرين عامًا، أرسل لى باقة ورد كبيرة تحمل كارتًا يقول: «من المعجب الذى لا تعرفينه»، وظلت العلاقة بيننا علاقة صداقة ممتدة لفترة طويلة، ولكن جاء علينا وقت لم نعد نتحدث عن الفيلم. وكشفت شنايدر عن رفضها أداء هذا الدور فى فيلم «التانجو الأخير فى باريس»، وكان هناك فيلم آخر معروض عليها لأداء بطولة أمام آلان ديلون، إلا أن موريس الوكيل الخاص بها نصحها بأن دورها أمام مارلون براندو بمثابة نقطة انطلاق، ولا يمكن رفضها. فى الحقيقة كنت صغيرة السن وقليلة الخبرة بالمحتوى الجنسى للفيلم، إلا أنه كان لدىَّ شعور سلبى تجاه الفيلم بصفة عامة. وعن تحقيق الفيلم الشهرة العالمية لها وللفريق: تقول نعم لقد حقق لى شهرة عالمية مفاجئة وكانت فى حد ذاتها مخيفة، ولم يكن لدى حراس خصوصيون كما هو الحال مع الفنانين الآن، واعتقدت الجماهير أننى فى حقيقتى كما شاهدونى فى الفيلم، ولكننى لم أكن كذلك واستغلت الصحافة الموقف لاختلاق القصص الجذابة، ولكن الصدمة التى انتابتنى من الفضيحة التى أحدثها الفيلم، قادتنى للجنون، إدمان العديد من أنواع المخدرات مثل الكوكايين والهيروين وغيرهما، وحاولت الانتحار بتعاطى الحبوب المخدرة بجرعة زائدة مرتين أو ثلاثاً، ثم أفيق على أصوات الإسعاف فى اليوم التالى، وكانت حالتى بمثابة الهروب من هذه الحالة برمتها، ولكن مقدر لى أن أعيش. قابلت شخصاً ما أحتفظ باسمه سراً فى عام 1980، كان بمثابة «ملاكى» الذى ساعدنى على التخلص من إدمان المخدرات، ولكن تكشف الصحيفة عن حقيقة السيدة التى ساعدت شنايدر على التعافى من المخدرات، حيث إنها كانت مريضة معها فى إحدى المصحات العلاجية فى روما، وكانت مصابة بالشيزوفرينيا، لكنَّ علاقتهما انقطعت عندما غادرت شنايدر المستشفى. وعن الزواج وإنجاب الأطفال: تقول شنايدر، إنها تفقد الثقة فى كل الرجال حتى من قبل تجربتها المؤلمة فى فيلم «التانجو الأخير فى باريس»، فهى لم تتزوج ولم تنجب أطفالاً، حيث إنها لم تقابل والدها إلا فى سن 17، أثناء تواجده فى أحد المعارض وهو الممثل الفرنسى دانيل جالين، ونشأت فى منطقة على الحدود الألمانية الفرنسية وهربت من منزلها فى سن 15. وبعد هروبها ذهبت إلى باريس وعملت عارضة أزياء، وكانت شريكة والدها فى العمل هى الممثلة برجيت باردو التى حضرت لإنقاذها بعد أن شعرت بالفزع من أن والدها ترك ابنته لتعول نفسها، ثم منحتها حجرة للإقامة فى المنزل وتعرفت على وكالة ويليام موريس للفنانين، وبدأت مشوارها الفنى معه. وعن علاقتها بالمخرج برنارد بيرتولوتشى: تؤكد شنايدر، أن ذكرى الفيلم ما زالت مؤلمة بالنسبة لها، وأنها قابلت بيرتولوتشى بالمصادفة فى طوكيو منذ 17 سنة وتظاهرت بعدم رؤيته فهى مازالت لا تستطيع أن تغفر له ما فعله معها وكذلك لم تغفر لمارلون براندو فعلته. وعن حياتها بعد بلوغها 55 عامًا: تقول إن أسعد أوقات حياتها أن تتصل بأصدقائها وتذهب للتسوق وتطبخ، ولكنها تعقدت نفسيًا من الزبدة وتطبخ بزيت الزيتون فقط!