شارع المعز لدين الله الفاطمي، أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، يقع في منطقة الأزهر بالقاهرة، لما ورّث من تاريخ من ملوك وسلاطين الفاطميين والمماليك والعثمانيين، الذين تتابعوا على حكم مصر، وحتى الآن نعجز عن معرفة طريقة البناء والتصميم للمساجد والطرق بهذا الشارع، على الرغم من بساطة الأدوات المستخدمة آنذاك. وعند تجولك فى شارع المعز سوف تتمتع عيناك بالأحجار والزخارف المستخدمة فى منازل الشارع، والحواري الصغيرة، والتي تحمل بداخلها قوة خفية تضعنا فى حالة من الانبهار التام. وعند مرورك بالشارع التاريخي، ستجد فى كل مرة قصة جديدة مسجلة على هيئة بنيان تاريخى، وفي منتصف الشارع تقع بوابة بيت القاضي، أمام مجموعة السلطان قلاوون بمنطقة الجمالية. وتنسب هذه البوابة إلى محمد على باشا الكبير«1220 1265ه /1805 1848م»، على الرغم من عدم وجود ما يؤكد ذلك؛ إلا أن هذا الطراز يتشابه مع طرق البناء والزخرفة في الآثار التي تنسب إلى عصر محمد على. وقد سمى ببيت القاضي، لأنه كان سكناً لقاضى المحكمة الشرعية التي اتخذت من مقعد الأمير ماماى المجاور لها مقرًا لها وقد شيدت هذه البوابة في القرن 13ه 19م بغرض أمنى، ولحماية مصر ضد أى هجمات من الأعداء. أما مقعد الأمير ماماي، فقد أنشأه ماماى السيفى أحد أكابر الأمراء فى دولة السلطان المملوكى عام 1496م، والذى اشتهر بدوره المهم فى إتمام الصلح بين الدولة المملوكية والدولة العثمانية بالقرن ال15. وبعد وفاة السلطان قايتباى، كثرت الفتن بين الأمراء المماليك وتوترت الأحوال السياسية الداخلية، حتى وقعت فتنة 1497م، وقتل فيها أتباع السلطان وكان من بينهم الأمير ماماي، وتم هدم جزء كبير من القصر، ولم يتبق سوى المقعد الذى تدل فخامته وكبر حجمه على مدى فخامة وسعة القصر نفسه. أما عن المقعد المتبقي، فعندما تطيل نظرك له، تشعر بخامة المكان والرهبة، إضافة إلي ذلك فإنه يرتفع عن سطح الأرض ب10أمتار، وواجهته تتكون من قاعة مستطيلة لها سقف خشبي محلي بزخارف ملونة ومذهبة، على شكل «حدوة فرس»، ومحمولة علي أربعة أعمدة تمثل شكل زهرة اللوتس. والدور السفلى يتكون من باب كبير، وهى غرفة الإعدام، معلق بداخلها حتى الآن المشنقة المستخدمة فى تنفيذ الحكم، وثلاث غرف صغيرة تستخدم كحجز للمتهمين يتوسطها نافذة مفرغة لدخول الهواء والإضاءة للمحجوزين بالداخل. وفى العصر الدولة العثمانية، اتخذ قاضى العسكر من هذا القصر سكنًا له بالأعلي، ومن المقعد مقرًا لجلساته وحجز المتهمين وتنفيذ الحكم عليهم ايضًا، لذلك اطلق على المقعد اسم بيت القاضى. وفي عهد الدولة المصرية الحديثة، جلس أحد الكلاب الضالة أمام أكبر غرفة الإعدام، تغييراً عن الانتهاكات التى تعرض لها القصر، بداية من وزارة الداخلية التى أخذت جزءاً منه لقسم الجمالية قبل نقله إلي منطقة الدراسة منذ شهور قليلة. وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، اقتحم مجهولون فى الساعة الثانية والنصف ظهرًا، مقعد ماماى السيفى وحولوه إلى مسجد وأقاموا به صلاة الظهر، مدعين أنه كان مسجداً فى الماضى ويجب أن يعود كما كان، وخرجوا منه بعد أن اقتحمته شرطة الآثار وأخرجتهم بالقوة. وتحاول وزارة الآثار منذ شهر مارس الماضي، تطوير وتأهيل منطقة بيت القاضي بالقاهرة التاريخية، وكذلك تحويل قسم شرطة الجمالية القديم إلى مركز للزوار ومكتبة للقاهرة التاريخية، أما عن مقعد الأمير ماماي السيفي فسيصبح مسرحًا للفنون ومعرضًا للحرف التقليدية وفنون الرسم.