تفاءلت الأوساط الاقتصادية بالقرارات الأولى الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار، وخصوصًا ما يتعلق بالحوافز الضريبية التى تم الإعلان عنها فى شكل إعفاءات تعتمد على تشجيع المشروعات الجديدة.. إلا أن هذا التفاؤل بدأ يتبخر باصطدام تلك القرارات مع البيروقراطية التى تنتظرها وقت التنفيذ، ويظهر ذلك من خلال الشروط الضمنية التى جاءت بها قرارات المجلس، وأبرزها ما يتعلق بتخصيص الأراضى الصناعية المُرفقة فى الصعيد مجانًا، وفقًا للضوابط والاشتراطات التى تضعها الهيئة العامة للتنمية الصناعية، كما تشترط القرارات قيام الهيئة بمنح تراخيص صناعية مؤقتة لمدة عام، لحين توفيق المصانع لأوضاعها، وذلك طبقًا للضوابط التى يحددها وزير التجارة والصناعة، فى حين يعانى المستثمرون من المعوقات الإدارية التى تضعها هيئة التنمية الصناعية، ويعنى ذلك عدم الاستفادة من تلك الحوافز، وفى المقابل تشترط القرارات أن يتم التنفيذ وفقًا للخريطة الاستثمارية للدولة، والتى لم يتم رسمها حتى الآن بشكل واضح، حتى يتم على أساسها إقامة المشروعات المنتظرة والتى ستتمتع بالإعفاءات الضريبية. يأتى ذلك بخلاف بعض التناقضات بين ما جاءت به قرارات الأعلى للاستثمار مع قانون الضرائب رقم 91 لسنة، خاصة ما يتعلق بالموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمشروعات استصلاح الأراضى الزراعية، التى تنتج محاصيل رئيسية يتم استيرادها من الخارج أو المحاصيل التى يتم تصديرها للخارج، الموافقة على إعفاء الاستثمار الزراعى والصناعى الجديد فى الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات من تاريخ استلام الأرض، حيث يأتى هذا القرار رغم أن قانون الضرائب يمنح نشاط استصلاح واستزراع الأراضى إعفاءً من الضريبة لمدة 10 سنوات!!.. وتتمثل أهم الحوافز الضريبية ضمن قرارات المجلس الأعلى للاستثمار فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة للتصالح الضريبى بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى ليس لها ملفات ضريبية، بحيث يتم تحديد مبلغ قطعى رمزى لسداده خلال مهلة شهرين عن كل سنة سابقة لممارسة النشاط وحتى عام 2017، ليكون لدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة سجل ضريبي، يسمح لها بالاستفادة من مبادرة البنك المركزى لإتاحة التمويل من خلال القطاع المصرفى بفائدة 5%، فضلاً عن الاستفادة من الأراضى التى سيتم طرحها للاستثمار. والموافقة على الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التى يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج، إلى جانب الموافقة على مد قرار تجميد العمل بالضريبة على أرباح النشاط فى البورصة لمدة ثلاث سنوات. من جانبهم طالب خبراء الضرائب بإعداد تعديلات تشريعية تضمن تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار على أرض الواقع، لتحقيق أقصى استفادة منها سواء للمستثمرين والممولين أو لمناخ الاستثمار بصفة عامة. وأكد المحاسب القانونى أشرف عبدالغنى رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية إن القرارات التى صدرت عن الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، قرارات إيجابية للغاية وتصب فى صالح الاقتصاد القومي، وتؤكد أن هناك استجابة للعديد من المطالب التى نادى بها مجتمع الأعمال والمجتمع الضريبي. وطالب بضرورة أن تحدد الحكومة قائمة بالسلع التى ستتمتع بالإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات، بالنسبة للمشروعات الجديدة لتصنيع المنتجات أو السلع الاستراتيجية التى يتم استيرادها من الخارج أو الموجهة للتصدير للخارج، مع أهمية وضع جدول مماثل للجدول المرافق لقانون الضريبة على القيمة المضافة، لافتا أن هذه الإعفاء مهم للغاية، لأنه يشجع هذه الصناعات التى تخف الضغط على العملة الأجنبية المخصصة لاستيراد هذه المنتجات، كما يساهم فى زيادة الصادرات وتوفير عملة أجنبية لسوق النقد. وأكد «عبدالغنى» أن القرار الخاص باتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة للتصالح الضريبى بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى ليس لها ملفات ضريبية، من شأنه ضم الاقتصاد غير الرسمى للعمل داخل المنظومة الرسمية للاقتصاد، إلا أنه يجب أن تحدد الدولة المبلغ الذى سيتم دفعه مقابل هذا التصالح، وأن يكون مبلغًا رمزيًا وبدون فوائد، وأن يشمل التصالح كل أنواع الضرائب سواء المرتبات أو الأرباح التجارية والصناعية أو القيمة المضافة. وأكد المحاسب القانونى أحمد شحاتة الخبير فى شئون ضرائب الأرباح التجارية إن نجاح هذه القرارات يعتمد على الإجراءات التنفيذية والتعليمات الإدارية الخاصة بتنفيذها، وخاصة القرارات الخاصة بالتصالح الضريبي، موضحًا أن العديد من القرارات السابقة التى منحت إعفاءات ضريبية للممولين لم تأت بالنتائج المرجوة منها، بسبب صعوبة الإجراءات الإدارية وتعنت الإدارة الضريبية، وأشار إلى أن ذلك يتضح من خلال ضوابط وإجراءات هيئة التنمية الصناعية، والتى ستعوق تحقيق أهداف هذه القرارات التيسيرية للمشروعات. وطالب «شحاتة» بضرورة تخصيص إدارة الحصر المركزى بمصلحة الضرائب كإدارة موحدة للتصديق على طلبات التصالح، وافتراض الصدق فى الممول الذى يتقدم طواعية للتصالح. من جانبه، طالب رضا سعدان وكيل وزارة المالية سابقًا بضرورة توضيح الاختلاف بين ما جاءت به القرارات من إعفاء لأرباح مشروعات استصلاح الأراضى الزراعية التى تنتج محاصيل رئيسية يتم استيرادها من الخارج أو المحاصيل التى يتم تصديرها للخارج، وإعفاء الاستثمار الزراعى والصناعى الجديد فى الصعيد من الضريبة على الأرباح لمدة 5 سنوات من تاريخ استلام الأرض، وبين ما يقره قانون الضرائب من منح نشاط استصلاح واستزراع الأراضى إعفاءً من الضريبة لمدة 10 سنوات، مشيرًا أن إضافة النشاط الصناعى الجديد للإعفاءات لمدة 5 سنوات أمر ايجابى يصب فى صالح الصناعة الوطنية. ودعا «سعدان» إلى ضرورة إضافة مناطق سيناء إلى المناطق التى تتمتع مشروعاتها بالإعفاء الضريبي، وأن يكون هناك سعر ضريبي مميز فى مشروعات محور قناة السويس لتشجيع الاستثمار بها.